أبي يشك ويظن أن الناس يتأمرون عليه ويعذبونه.. فما توجيهكم؟

0 382

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المشكلة باختصار:

تتعلق هذه المشكلة بوالدي الذي يشك في جميع الناس تقريبا حتى نحن (عائلته), بدأت هذه المشكلة حسب قراءتي لتسلسل الحوادث بخلاف مع أحد إخوته، وكان خلافا تجاريا, وكعادة بعض الإخوة أثناء مزاحهم يتلفظون ببعض الألفاظ المجرحة بقصد اللهو, ويفهم هذا كله على مراده هو كما يشاء, بعد ذلك تقاعد عن العمل.

عمره الآن 52 عاما, حينها بدأ يشاهد المسلسلات بكثرة، وبما أن لكل مسلسل بطل مزعوم، فهو يرى الآن نفسه بطل، وكل الناس يتآمرون عليه, وأصبح يكثر أيضا من قراءة الجرائد-الخالية من الفائدة- وما فيها من قصص, خاصة تلك التي تتحدث عن المشاكل الأسرية, كما يستمع للقرآن بشكل عادي، مما يجعلني أرجح أنه وسواس على المس, لكنه يقول أن الناس - بما فيهم الأقارب والعائلة- يقومون بتعذيبه بواسطة أنواع من اللازر وأنه يتألم, ويذكر في هذا أشياء خيالية, لكنه في بعض الأحيان في نفس الوقت الذي يقول أنه يتألم فيه يضحك ضحكا لا يدل على أنه يتألم.

والمشكلة الأكبر من هذا أنه لا يريد أن يذهب إلى راق، ولا إلى أي أحد، ويرفض فكرة أنه مريض تماما، فما الذي علي فعله؟

وجزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من مادة علمية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صبار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب، ونشكرك على اهتمامك بأمر والدك، وأسأل الله تعالى له العافية والشفاء.

المعلومات التي زودتنا بها بالرغم من أنها مقتضبة، لكنها مفيدة جدا، حسبما وما ورد في رسالتك، وأنا أثق في كل كلمة وصفت بها والدك، أقول لك أن والدك شفاه الله، يعاني من حالة مرضية ظنانية تعرف الظنان الاضطهادي أو الباروني، هذه الحالة معروفة، ويمكن علاجها.

أما بالنسبة لرفضه أن يذهب إلى راق فهذا طبيعي جدا؛ لأن الذين يعانون من هذه الحالات لا يعتقدون، ولا يقتنعون بأنهم مرضى، وهذه أحد سمات هذه الحالات، وهي مؤكدة للتشخيص.

أيها الفاضل الكريم: لا شك أن الإنسان لا يفقد ملكاتها كلها مهما بلغت به علته النفسية أو الذهانية، وهذه حقيقة نؤد أن نؤكدها للإنسان أن المريض العقلي كثير ما تصدر منه تصرفات سليمة جدا، وهذا نسميه بازدواجية التوجه أي أن الإنسان يكون له توجه سوي وسليم، ويكون له جزء مرضي يظهر من خلاله، لذا لا نستغرب أبدا أن الوالد عافه الله متعايش في حياته، ويقرأ الجرائد كما ذكرت ويستمع إلى القرآن، وهذه الجزئية السوية، لكن ما يحمله من أفكار وسوء تأويل هذا هو الجانب المرضي.

يأتي الآن موضوع العلاج، هذه الحالات يمكن أن تعالج، ولكن بكل أسف كما ذكرت، وتفضلت يرفض معظم أصحاب هذه الحالات الذهاب إلى العلاج، والرقية الشرعية مفيدة، ولكن لا أعتقد أنها تكفي في علاج هذه الحالات.

الدين الإسلامي العظيم يدعونا للاستفادة من الخدمة أين ما وجدت، وهذه الحالات تعتبر حالات طبية، ( وما جعل الله من داء إلا جعل له دواء فتدووا عباد الله)، وأحد الأدوية بالنسبة لوالدك هي الذهاب إلى الطبيب النفسي، ويجب أن يتم إقناعه، وذلك من خلال أن يتحدث معه أحد الأشخاص الذين يثق بهم.

لا تقل له أنت مريض، ولا تقل له أنت متوهم، هذا أسلوب لا يفيد، ولكن يقال له نحن نلاحظ أنك مرهق نفسيا بعض الشيء، فلماذا لا تذهب، وتجري فحوصات عامة لدى الطبيب، ويكون هنالك اتفاق مسبق مع الطبيب النفسي بحالتها ووضعه، الطبيب بعد ذلك سوف يتولى أمر إقناعه، ومحاورته بصورة ترقبه في العلاج.

هذا هو الذي أراه، وأنا أؤكد لك أنه توجد الآن أدوية فعالة جدا، ووالدك يحتاج لدواء واحد وجرعة واحدة من دواء واحد يتناولها لمدة ستة أشهر مثلا سوف يستفيد منها كثيرا.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات