هل الاكتئاب يظل مع الانسان طول عمره؟ وهل سيظل يتناول له الأدوية مدى الحياة؟

0 428

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أتمنى أن تساعدني - يا دكتور - في حل مشكلتي التي بدأت معي منذ أربع سنين, فقد عانيت طويلا - يا دكتور - في هذه السنوات.

حالتي عندما بدأت كنت أحس أنني غير موجودة, لم أعد أحس بذاتي, هل أنا موجودة أم لا؟ أي أنا ولست أنا؟ وقد صاحبتني عدة عوارض في جسمي كأمراض المعدة, وصداع الرأس, وثقل في نصف جسمي الأيمن, وسرعة دقات قلبي, وكلما ذهبت إلى طبيب قال لي: إني بألف خير - ولله الحمد - إلى أن اكتشف طبيب أنني لست مريضة عضويا, وإنما نفسيا, وأعطاني عدة أدوية, وقد فسر حالتي بالاكتئاب مصحوبا بالوسواس القهري, وقد تحسنت حالتي نوعا ما, وبعد ذلك ذهبت إلى طبيب نفسي, وأعطاني مضادات الاكتئاب, ومهدئات, وأحسست بتحسن كبير.

المشكلة - يا دكتور - أنني تأتيني حالة كل ستة شهور, وهي: خوف من الموت, وخوف من أن أصبح مجنونة, وارتجاف, وسرعة دقات القلب, والبكاء, وألم في الرأس, وتبقى معي تقريبا ربع ساعة أو أكثر أحيانا, لا أعرف ماذا أفعل؟ لقد تعبت كثيرا, وأشعر بالإحباط, وأحس أنني لن أتغلب على مرضي, أتمنى أن تساعدني, وأريد أن أسألك: هل الاكتئاب يظل مع الانسان طول عمره وهل سيظل يتناول له الأدوية مدى الحياة؟ وقد سألت طبيبي عن هذا وقال لي: ليس دائما, وهذا جعلني أعتقد أنني سأظل رفيقة الاكتئاب طول حياتي, أرجوك ساعدني, وأتمنى أن تخبرني كيف أتخلص من هذا المرض؟ كيف لي أن أعالجه سلوكيا وماذا علي أن أفعل؟

أتمنى أن تتقبلوا رسالتي بصدر رحب, والله المعين, وفقكم الله إلى ما يحبه ويرضاه, والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غزلان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

شعورك بأنك غير موجودة, وما يصاحبه من أعراض جسدية, وتسارع في ضربات القلب، والصداع، هو ناتج من حالة من حالات القلق، تسمى بتبدد النفس, والذي هو عدم الشعور بالذات, ونشاهدها كثيرا مع ما يعرف بنوبات الهلع, ونوبات الهرع, وتسارع ضربات القلب, والخوف المصاحب هو من صميم نوبات الهلع, وهذا كثيرا ما تصحبه وساوس، والذي أراه أنك تعانين في الأصل من نوبات من قلق الوساوس, وهذا هو تشخيص حالتك, وبعد ذلك يحدث لك نوع من الاكتئاب الثانوي, لا أرى أن اكتئابك اكتئابا أساسيا, إنما هو اكتئاب ثانوي ناتج من حالة قلق الوساوس التي تأتيك, ولها صفة دورية, وهذا أحيانا يكون من سمات الوساوس, أي أنها تأتي في شكل دوري, فأرجو أن لا تنزعجي لموضوع الاكتئاب الذي لديك, فهو ثانوي وبسيط, وخفيف, ولن يلازمك أبدا طول الحياة, فهذا مؤكد، والشيء المطلوب منك هو:

أولا: تتناولين الدواء بجرعة وقائية لمدة أطول لا تقل عن عام، والجرعة الوقائية قد تكون حبة واحدة من أحد الأدوية المضادة للوساوس أو المخاوف، والقلق، مثل: عقار فافرين, أو بروزاك, أو زيروكسات, أو زولفت, أو سبرالكس, فكلها جيدة لكن تناولها بجرعة صغيرة من وجهة نظري يجب أن يكون لمدة عام على الأقل، وأنا متأكد أنك إذا شاورت طبيبك في هذا الأمر فسوف يوافق عليه.

ثانيا: ركزي على تمارين الاسترخاء, وهذه التمارين علاج سلوكي ممتاز جدا حين يتدرب عليها الإنسان ويتخذها منهجا في حياته فهي تؤدي إلى الراحة النفسية, وإلى إزالة القلق, والشعور بالثقة بالنفس, وانظري (2136015).

ثالثا: حقري فكرة الوساوس دائما, ولا تعطيها أي مجال لأن تستحوذ على فكرك وكيانك، فالوساوس تعالج من خلال طردها وإغلاقها وتحقيرها, وهذه هي من أفضل الوسائل السلوكية التي تساعد على الاستمرارية في التعافي.

رابعا: ابني فكرا إيجابيا, وضعي لنفسك أهدافا في هذه الحياة, وابحثي عن الآليات التي توصلك إلى أهدافك، فالإنسان بهذه الكيفية يعيش على الأمل, وعلى الرجاء, ويحس بالرضا, وهذا يصرف الانتباه تماما عن الفكر القلقي, والوساوس, والشعور بالإحباط, وأنت لديك أشياء جميلة في حياتك, وأنت مدركة لها تماما ولكن يجب أن تعيشيها بقوة, فهذا يفيدك كثيرا.

أخيرا: عليك دائما بالصحبة الطيبة، الفتيات الداعيات والملتزمات, ويا حبذا أيضا لو تواصلت مع أحد المراكز الثقافية, أو مراكز تحفيظ القرآن, أو الانخراط في أي نوع من العمل الاجتماعي, أو الخيري, فهذا يعضد النفس ويقويها ويطرد عنها الخوف والوسوسة، فهذا هو المنهج الذي أراه.

ومن جانبي: أسأل الله لك العافية والشفاء, والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات