السؤال
قبل فترة وقعت في حب إحدى الفتيات, تعرفت عليها من خلال إحدى المواقع الإلكترونية عبر الشات, رغم أني لا أعرف حتى صورتها إلى الآن, بل سمعت صوتها قبل أسبوعين تقريبا, ولكن أكثر ما شدني إليها هو أخلاقها وصدقها, وأدبها واتزان أفكارها, وحسن تربيتها, ونويت الزواج بها, وذلك لأسباب من وجهة نظري أنها هامة؛ حيث إني لا أجد المتعة مع زوجتي, لكني فوجئت بردة فعل زوجتي, وكذلك لا أملك الإمكانيات المادية للزواج بها, بالإضافة إلى خوفي من ردة فعل أهلها عندما أخبرهم بأني متزوج, فقررت أن أنهي الموضوع, وأن أتخذ قرارا رغما عني وهو أن أنسى هذه الفتاه نهائيا, وأمحو كل شيء كان يذكرني بها.
لكن للأسف لم أستطع فكل ما أحاول أن أنساها أتذكرها, وأتذكر كلامها, وهمساتها, وضحكاتها, فأصاب بالإحباط الشديد, والألم, والحزن, فماذا أعمل؟ حيث إني لست بقادر أن أنساها ولا أنا قادر على الزواج بها, حيث أصبح هذا الموضوع يؤثر على حياتي المهنية, والشخصية كذلك, فماذا أعمل؟ انصحوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - أيها الأخ الكريم والابن الكريم - في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، وطوبى وهنيئا لمن أغناه الله تبارك وتعالى بالحلال عن الحرام، وكم تمنينا ألا يفتح الشباب على أنفسهم مثل هذه الأبواب عبر الدخول على المواقع الإلكترونية, والتواصل مع الفتيات؛ لأن هذا مدخل إلى كثير من المشكلات، مدخل إلى كثير من الأزمات، وأرجو أن تعلم أنك لا تعلم من تلك الفتاة التي ما رأيت صورتها إلا هذا الجانب المشرق منها، ولكنك لا تعلم الجوانب الأخرى، ولست متأكدا أن هذه العلاقة يمكن أن تكتمل لعوائق متعلقة بك أنت، ولظروف تتعلق بأسرة الفتاة الذين غالبا سيرفضوك لأنك متزوج, ولأنك صاحب زوجة، وأنت كذلك لا تجد العدة والمال الكافي لهذا، فقد فتحت على نفسك باب مشقة، ونحن ننصحك بإغلاق هذا الباب، والتوبة إلى التواب سبحانه وتعالى، والرجوع إلى الله تبارك وتعالى.
ورغم صعوبة ما نطلب منك إلا أنه أخف من التمادي, وأخف من السير في هذا الطريق الذي لا يجلب لك ولا لأسرتك سوى التوتر، ولأن كل واحد من الناس إن نظر في إيجابيات زوجته وتذكر محاسنها فإنه سيقبل عليها، والنبي - عليه الصلاة والسلام – يعطينا وصفة فيها إعجاز عندما يقول: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر).
واعلم أن الكلام في الهواء، والكلام المعسول يجيده الكثير من الشبان والفتيات، ولكن الكلام الذي معه مسؤولية، والكلام الذي معه رعية وأبناء - لأن الإنسان مسؤول بين يدي الله تبارك وتعالى - يؤسفنا أن قليل من الناس من يجيد هذا الكلام رغم أنه هو الحلال، ورغم أن هذا هو المكان الصحيح للرومانسية – إن صحت الكلمة – وإظهار مشاعر الحب وكل المشاعر النبيلة، التي ينبغي للإنسان أن يظهرها ويشعر بها أهله، يقدمها لأهله، فإن هذه الذي حبست نفسها عليك ينبغي أن تقبل عليها، وتهتم بها، وتسمعها الكلام الجميل لتسمع الردود الجميلة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وأرجو أن تحاول قطع هذه العلاقة، وحتى لو فكرت يوما من الأيام وعزمت على الزواج فإن هذا ليس هو الطريق، فلابد للإنسان أن يأتي البيوت من أبوابها، أما أن يتوسع في الكلام مع أي فتاة، وضحكات, وكلام معسول, ولين, وخضوع من جانب الطرف الآخر، ونحو ذلك فهذا لا يوجد من الشريعة ما يؤيده، ولا يمكن أن تجد دليلا أو حكما شرعيا أو فقيها يقبل بهذا الذي يحدث منك, فاتق الله في نفسك، واتق الله في أعراض المسلمين، وابتعد عن التواصل مع الفتيات بهذه الطريقة، واسأل الله تبارك وتعالى أن يغنيك بحلاله عن الحرام، وأن يعينك على الاهتمام بزوجتك وعيالك, والقيام بواجباتك تجاه أسرتك الأولى.
وأرجو أن تعلم أنه لا خيار أمامك إلا التوقف في كل الأحوال؛ لأن الاستمرار في هذا الطريق لن يجلب لك إلا كثيرا من الأتعاب كما هو ظاهر الآن، وكيف أنه أثر على حياتك الزوجية والشخصية.
وأما نصيحتنا لك فإننا بداية ندعوك إلى أن تقطع هذه العلاقة فورا.
ثانيا: أن تتوب إلى الله تبارك وتعالى.
ثالثا: أن تسأل الله تبارك وتعالى المعونة.
رابعا: أن تقبل على أهلك, وتحتفي بهم.
خامسا: أن تحاول أن تتذكر ما في أهلك من إيجابيات.
سادسا: أن تشغل نفسك بالنجاح في وظيفتك وعملك.
سابعا: لا تتواصل مع أي فتاة عن طريق النت، وإذا وجدت في نفسك ميلا لأي فتاة فعليك أن تتوقف فورا ثم تطرق باب أهلها، فإن وجدت قبولا وتوافقا ورضى فمن حقك أن تكمل، وإن كان غير ذلك فإنك تتوقف وأنت في عافية, وأنت في خير، بدلا من أن تشغل نفسك بأمر لا تستطيع أن تدركه، والإسلام لا يعترف بأي علاقة بين رجل وامرأة إلا في إطار الزوجية, أو في إطار المحرمية.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد، وأن يسهل أمرك، وأن يسهل أمرها، وأن يلهمها أيضا السداد، وندعوكم إلى أن تتوبوا إلى الله تبارك وتعالى، وتوقفا هذه العلاقة فورا، وإن أردتما مستقبلا أن تصححا ذلك فلك ذلك، شريطة أن تكون البداية عبر مجيء البيوت من أبوابها، شريطة أن تكون كذلك قد أعددت نفسك للزواج الثاني، أعددت نفسك للعدل, وبالإمكانات التي تستطيع أن تؤدي بها الضروري، والله تبارك وتعالى هو الرزاق، لكن الإنسان لابد أن يتخذ الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.
نوصيك: بتقوى الله تعالى، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.