السؤال
في أحد مواقع التواصل الاجتماعي تعرفت بشاب يصغرني بـ 6 أشهر, وقد أحبني بشدة مع أنه لم يرني يوما، إنما قال أنه أحبني لأجل أخلاقي وأدبي في الكلام مع الرجال، وأنا صراحة بادلته الحب، ولكني كنت أتمنع عليه؛ لأني أعلم أن مثل هذه العلاقات أمر خاطئ ومحرم، المهم عندما أخبرته أني سأتركه اتصل علي وصار يبكي كالطفل الصغير ويرجوني بصوت متقطع أن لا أتركه وأنه سيأتي ويخطبني إن وافقت، وأنا استسلمت أمام دموعه، وعدت أكلمه في ذات الموقع .
قررت ذات مرة أن أختبره فحادثته في الشات كأني فتاة أخرى، وبدأت أتمايع معه في الكلام، فإذا به يرفض الإضافة بكل أدب ويرد أنه لا يكلم البنات ولن يخون من يحبها، فزاد تعلقي به أكثر .
المشكلة أنه لازال طالبا يدرس في كلية الطب، أي أن أمامه الكثير ليكون نفسه ويصبح مستعدا، ليست المشكلة مني لأني مستعدة لأنتظره، ولكن ماذا سأفعل بحبي له كل تلك المدة دون أن أعصي ربي ودون أن يعلم أهلي؟ لأني أعلم أن هذا لا يجوز إلا بعد الزواج، كما أن أغلب شباب عائلتنا يريدونني وهم جاهزون للارتباط، وكما أن هناك أخر في ذات الموقع يلاحقني ويطلب مني رقم أبي لأنه جاد في رغبته في الارتباط بي، لكنهم جميعهم بما فيهم من أحببت ليسوا على قدر كبير من الالتزام، لست أدري ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ درة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه، نشكر ابنتنا الفاضلة تواصلها مع الموقع ونشكر لك هذه الاهتمام، ونسأل الله أن يلهمك السداد والصواب وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وننصحك ابنتنا الفاضلة بالخروج من هذا النفق المظلم والبعد عن التواصل مع الشباب بهذه الطريقة؛ لأن هذه الطريقة ليست طريقة صحيحة للارتباط، ومسيرة الحياة الزوجية طويلة، والكلام الجميل المؤثر يجيده كل أحد، والشاب دائما يعجب بالفتاة، والفتاة والنساء يغرهن الثناء، فهم أعجبوا بكلامك وبأدبك وأنت أعجبت بأدبهم مما ظهر لك، ولكن أي أدب في الإنسان الذي يريد أن يتواصل مع البنات دون إذن أهلهن وفي الخفاء.
ولذلك ينبغي أن تدركي أن مثل هذه العلاقة حتى لو أكملها الإنسان، فإنها علاقة مشوبة بالشكوك والظنون؛ لأن الشيطان الذي جمعهم على المكالمات هو الشيطان الذي سوف يأتي ليقول للشاب كيف تثق فيها وقد كلمت من وراء أهلها، هو الذي سوف يأتي للفتاة ويقول لها كيف تثقين فيه، وقد كان يكلمك دون أن تكون بينكما رابطة شرعية، وأرجو أن تعلمي أن الدراسات تقول أن العلاقات العاطفية قبل الزواج هي المسؤول عن (85%) من الفشل في الزيجات؛ لأن العواطف المحرمة هي خصم على سعادة الإنسان بعد زاوجه.
فإذا كان أبناء أهلك ولله الحمد يرغبون في الزواج منك؛ فما عليك إلا أن تختاري صاحب الدين صاحب الأخلاق، الذي جاء إلى بيتك من الباب، ولا تغتري بما يصدر من الشباب من رغبة في الارتباط، فإن تلك الرغبة يبديها لك، ويبديها لغيرك، حتى لو فرضنا أنه أبداها لك فإن هذا ليس طريقا صحيحا، والعلاقة الصحيحة، والحب الصحيح كما أشرت لا يكون إلا بعد الرباط الشرعي، ويزداد بالتعاون على البر والتقوى ثباتا ورسوخا.
كما نريد أن نقول إذا أخذ الشاب الفتاة واختارها بهذه الطريقة فإنه لا يحترمها ولا يثق بها، بخلاف الفتاة التي يأتي الشاب ليأخذها من أهلها وتتمنع عليه وترفض مواصلة الكلام؛ لأنه ينبغي ومنذ الوهلة الأولى إذا وجدت أن الشاب يميل إليك أن توقفي مباشرة التواصل بهذه الطريقة، وتطلبي منه أن يأتي بابكم من الدار، فتقولي عمي فلان وخالي فلان، وعند ذلك يأتي ليطلبك ويطلب الرؤية الشرعية ويبني عليها، فالإسلام يهتم بها، لأن هذه الرؤية والنظرة الشرعية هي التي تحدد مستقبل العلاقة، فالأرواح جنود مجندة وما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
فلذلك نرجو أن تعودي إلى الصواب وتتذكري أن هذا الأمر كما أشرت فعلا مخالفة وأمر لا يرضي الله تعالى، فعليك إذن أن توقفي هذه العلاقات فورا، وبعد ذلك إن كان في هؤلاء الشباب خيرا أو في غيرهم عليهم أن يأتوا للبيت من الباب، وعند ذلك تسألي عن أخلاقه، ويسأل أهلك عن التزامه ويتعرفوا عليه، وإذا كنت قد أشرت إلى أنهم ليسوا على قدر كبير من الالتزام؛ فإن هذا أمر خطير، فأهم ما في الشاب أن يكون عنده أخلاق ودين، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ويلهمك السداد والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وبالله التوفيق والسداد.