انعزلت عن الناس لشعوري أنهم لا يبالون بما أقول، وينتقصونني، فأرشدوني.

0 374

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أعمل مهندسا في أحد الشركات المرموقة بالخليج, أعاني من مشكلة قديمة، وهي أني أشعر أن الناس لا يبالون فيما أقول، ولا يكترثون برأيي, سببت لي هذه المشكلة الانعزال عن الناس، وعدم الرغبة في الاختلاط معهم, ولا أستطيع أن أناقش مع أحد؛ لأني أحس دائما أن الطرف الآخر غير مهتم لما أقول حتى أني أشعر بالنقص جراء ذلك, يحدث دائما أن يقاطعني شخص أثناء الحديث، وكأني لم أكن أتكلم, لا أستطيع الدفاع عن نفسي حتى لأتفه الانتقادات, أحس أن من حولي يعاملونني كطفل، وأني لست بشاب.

رجاء ساعدوني، فهذا قد سبب لي الاكتئاب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

أخي: الإنسان قد تأتيه في بعض الأحيان ما نسميها بالأفكار التلقائية السلبية، هذه الأفكار ركز عليها أحد العلماء النفسيين المعروفين ويسمى ( بأرونمبك )، وجد أنها أكثر الأسباب التي تخل بمزاج الناس، وتجعله اكتئابيا، وتجعل الإنسان دائما يقلل من إمكاناته، ويكون تقييمه لنفسه سلبيا، والبعض قد يصل لمرحلة تحقير الذات.

هذه يا أخي الكريم حقيقة علمية رصينة جدا، ومؤكدة أنا لا أقول أنك أنت من هذه النوع من الناس على الإطلاق، لكن ربما يكون لديك بعض السجايا، والسمات التي تجعلك تتقبل ما هو سلبي خاصة فيما يتعلق بتقييم نفسك على النطاق الاجتماعي، وأعتقد أن هذا الفكر الذي تسلط عليك هو فكر وسواسي، ربما تكون هنالك أسباب، قد تكون مررت بحدث حياتي معين في موقف اجتماعي معين لم يكن أدائك مرضيا، أو أن الطرف الآخر تعامل معك بشيء من افتقاد الذوق، والانضباط الاجتماعي، وبعد ذلك بني لديك هذا الموقف الوسواسي وهو شعورك بالنقص، وأن الآخرين لا يعيرونك اهتماما، ويسفهون كلامك، وأنك لا تستطيع الدفاع عن نفسك في أبسط المواقف، وأن من حولك يعاملونك كطفل.

أخي الكريم هذا فكر وسواسي خاطئ، والفكر الوسواسي يتسلط على الإنسان أحيانا، وكما ذكرت لك هو جزء من الفكر التلقائي السلبي، فيا أخي الكريم أنا أريدك أن تصحح مفاهيمك أنت بدأت في السطر الأول بعد السلام قلت (أنا أعمل مهندسا في إحدى الشركات المرموقة بالخليج).

يا أخي الكريم ألا يكفي هذا أن يؤكد على رصانة شخصيتك، وعلى مكانتك الاجتماعية، وأن مهاراتك ممتازة، وأنك مقتدر.

أخي الكريم: لا تحقر نفسك لا تقلل من شأنها، ويجب أن تضع كوابح قوية، وثابتة أمام هذا الفكر الوسواسي السلبي، إذن أنت مطالب بما نسميه تصحيح المفاهيم، وتصحيح المفاهيم يجب أن يقودك أن تقول تفكيرك الوسواسي هذا ليس بصحيح، أنت بخير، وسوف تظل إن شاء الله تعالى على خير، وحتى تساعد نفسك أنا أريدك أن تكون علاقتك قوية مع الطيبين، والأفاضل، والصالحين من الناس، ولا شك أنهم كثر، أصحاب الخلق، أصحاب الدين، أصحاب المعرفة الذين يقدرون الأخوة، والصداقة لم يختفوا من هذا العالم، أيها الأخ الكريم هم موجودون في كل مكان، تجدهم في المساجد، تجدهم في المرافق العلمية، تجدهم في كل دروب الحياة، فيا أخي الكريم، أرجو أن تتخير، وأن تكون لك علاقة حميدة ومتينة مع بعض النماذج الطيبة الصالحة التي هي في الأصل لن تحقرك، ولن تسفه ما تقوله على العكس تماما سوف تكون العلاقة علاقة قائمة على الإخوة والتقدير والاحترام، قيم نفسك على ضوء ذلك، أي بعد أن تبني هذه العلاقات هذا مهم جدا.

الأمر الآخر أخي: الإنسان يجب أن لا يظلم نفسه خاصة في تقدير مآثر النفس ومصادر قوتها، ولكنه في نفس الوقت يجب أن لا يضخم نفسه، وأن يكون واقعيا، وأن يدرك مصادر الضعف في نفسه، وفي شخصيته، علماء السلوك يحتمون على أن الذين يعانون مثل معاناتك، ويحملون مثل أفكارك يجب أن يعيدوا النظر في تقييم شخصياتهم، فقيم نفسك بتجرد وصدق، وإنصاف، وموضوعية، هذا إن شاء الله تعالى يقودك إلى ما نسميه بفهم النفس، بعد ذلك سوف تنتقل مباشرة لما يسمى بقبول الذات، أو قبول النفس سوف تقبل نفسك، ولن تنتقصها، ثم بعد ذلك تسعى لتطويرها.

أخي الفاضل: هذه المبادئ الرئيسية، وأرجو أن تتبعها، وأن تغير مفاهيمك على ضوء ذلك، واسع دائما أن تطور حياتك على النسق الاجتماعي، وكذلك فيما يخص التطور المهني.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أسأل الله لك العافية، والتوفيق، والسداد، وأشكرك أخي على التواصل مع استشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات