السؤال
لدي مشاكل مع إخوتي الصغار، فنحن لا نكلم بعضنا منذ سنين، وهم يحاولون أن يجعلوا أبي وأمي يكرهانني عن طريق إخبار أبي أنني ضربتهما أو شتمتهما وأمورا أخرى كثيرة - ولكن هذا ليس صحيحا - ثم يحرمني أبي من أشياء طلبتها مسبقا، وأيضا هم يحاولون أن يظهروا لأبي أن لدي حبيبا وهو ابن خالتي، ولكن هذا ليس صحيحا وفي كل مرة يقولون هذا لأبي لا يتكلم ويحاول تغيير الموضوع، ماذا أفعل وكيف أتصرف معهما؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين.
بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يؤلف بين قلبك وقلب إخوانك وبين سائر أفراد الأسرة، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونحن سعداء حقيقة بتواصلك مع موقعك، وشرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم الصلاح والهداية.
بداية ننصحك ابنتنا الفاضلة بأن تقتربي من والديك، وتحاولي أن تجتهدي في البر والإحسان لهم، وتحرصي على توضيح الأمور، فلا تعطي الفرصة لأي إنسان كي يدخل بينك وبين والديك، وعند اقترابك من والديك وزيادة البر بهم ستظهر لهم الحقيقة ولن يضرك بعد ذلك كما قال هؤلاء الإخوان الصغار، ومهما تكلموا فإن الإنسان لا يترك قناعته لقناعات الآخرين.
وكما ندعوك بعد ذلك أن تحاولي أن تعرفي أصل المشكلة وتصلحي ما بينك وبين إخوانك، فهم في حاجة إلى نصحك، وأنت كما ظهر في الرسالة أنت الأكبر، فهم في حاجة إلى إرشادك وأن تكوني إلى جوارهم، ولا يضرك هذا الكلام الذي يقولونه في وقت الخصام، لأن الإنسان لما يكون مخاصما إنسانا والشيطان يدخل بينهم يحاول الإنسان أن يبحث عن كل شيء يلحق به الأذى والضرر.
لذلك الشريعة حرمت أن يطول الخصام فوق ثلاث، (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا) ثم حسم الحديث التوجيه النبوي – حسم القضية – فقال: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) فكوني أنت الأفضل، وكوني أنت الأحسن، ولا تبال بما قالوه، ولا تعطي الشيطان فرصة، لأن الإنسان لا يجوز له أن يخاصم أي مسلم فوق ثلاث، فكيف إذا كان هذا المسلم أخا أو أختا أو أحدا من أفراد الأسرة، ولذلك ينبغي أن تنتبهي لأن الخصام لا يجوز من الناحية الشرعية، فاجتهدي في إصلاح ما بينك وبين إخوانك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد.
وإذا سمعت كلاما قالوه عنك فينبغي أن تبيني لوالديك حقائق الأمور، ونعتقد أن الوضع إيجابي طالما كان الوالد لا يسأل ولا يبحث بعد أن يستمع إلى كلامهم، ولكننا نفرض هذا النوع من الكلام وهذا النوع من الاتهام من إخوانك أو من أي أحد، لأن الأمور في هذه الأشياء ينبغي أن تكون واضحة، وابن الخالة أو غيره إذا أراد ينبغي أن يأتي إلى البيت من الباب، ويطلب يدك رسميا، ولا عيب في هذا ولا مانع من هذا، ومن هنا فنصحنا لك أن تكوني على الخير الذي أنت عليه، وتقتربي من والديك، وتحافظي على عفتك وعلى أدبك، هذا الأدب الذي عندك تحافظي عليه، وإذا طلب يدك يوما ما ابن الخالة أو غيره ينبغي أن تتوقفي عن أي علاقة في الخفاء – هذا الظن بك – وتطلبي منه أن يتقدم إلى والديك.
والآن من الجميل ومن المفيد أيضا أن توصلي هذه المشاعر وهذه القناعات لوالديك من أنك لا يمكن أن تفعلي شيئا من خلف ظهورهم لثقتك فيهم، ولأن الدين أيضا يأمرنا بأن تكون هذه الأمور على منتهى الوضوح، وعند ذلك لن يجد هؤلاء فرصة سواء كان بالحقيقة أو بالكذب، لن يجدوا فرصة، لأن الإنسان إذا أعلن الحقيقة فإن الحقيقة مثل الشمس يختفي خلفها الظلام وتختفي الجراثيم وتظهر الأمور على حقيقتها، ولن يلحقك أي ضرر طالما أنت على هذا الخير وعلى هذا الوعي الذي حملك على كتابة هذه الرسالة.
وأرجو أن تحاولي دائما إصلاح العلاقة بينك وبين إخوانك، ومن المهم أن تتدرجي في ذلك بأن تبدئي مثلا بحل المشكلة مع الأكبر منهم أو مع الأوسط أو مع الأصغر، المهم تحاولي أن تفرقي بينهم، حتى لا يتجمعوا على الكيد لك، لأن في هذا ليس فيه مصلحة لك ولا لهم.
كذلك أيضا أرجو أن تعرفي رأي الوالدين في هذا الخصام الذي طال، وينبغي أن يكون لهم رأي، وقطعا كل والد ووالدة يتضرر ويتأثر جدا إذا وجد النفور بين أبنائه، فإن الآباء والأمهات دائما يريدوا الأبناء أن يكون بينهم الحب ويكون بينهم الود، وكون الأب يحاول تغيير الموضوع أو لا يتكلم، هذا لأنه لا يريد للصغار أن يخوضوا في مثل هذا الموضوع، وهذا أيضا كما قلنا يدل على أنهم يثقون فيك، فعززي هذه الثقة وأثبتي لهم أنك فوق هذه الثقة.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف القلوب على طاعته، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يسددك وأن يوفقك، هو ولي ذلك والقادر عليه.