أتضايق من مخلفات الحيوانات في بيتنا.. فهل يمكن إخراجها إلى الشارع؟

0 357

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري مصابة بالوسواس القهري منذ الصغر، وتارة يضعف، وتارة أخرى يقوى, مشكلتي الآن مع حيوانات لدينا في المنزل، وهي الأرانب والحمام فهي توجد في حديقة خلف بيتنا، وأنا أتضايق بشدة من مخلفاتها، وسبب هذا لي وسواسا آخر مضافا لوساوسي، فلم أعد أستطع التحمل، وأحيانا خاصة عند الغضب الشديد، أشعر وكأنني سأقتلها، وكم من مرة حاولت قتلها، وأتخيل نفسي أحرقها، وأحيانا أفتح لها الباب فتخرج منه، فسؤالي: هل يجوز لي فتح الباب وتهريبها؛ لأنني مصابة بوسواس؟

مع العلم بأنني حاولت، ومنذ سنوات (تقريبا 5 سنوات) أن أقنعهم ببيعها، ومع علم أهلي بمرضي الوسواسي، فإنهم لا يهتمون، وأنا تعبت كثيرا.

فأرجو الإجابة إن كان يجوز لي إخراجها من المنزل، مع العلم بأنها إما ستدهس، أو تأكلها القطط، أو لن تجد مأوى، وربما يلتقطها أحد؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يشفيك من هذا الوسواس، وأن يمتعك بالصحة والعافية، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فيما يتعلق بالحيوانات الأليفة التي تعيش في بيتكم، فأنا أرى أن تكوني صريحة وقوية مع أهلك، وأن تبيني لهم أنها تسبب لك نوعا من الأزمة النفسية، وتزيد عندك الوسواس، وبذلك تسوء حالتك النفسية إلى حد كبير، وهذا بسبب هذه الحيوانات، فقولي لهم: (أنا أتمنى أن تتصرفوا فيها، وأن تعطونها لأحد على سبيل الهدية، أو تبيعونها أو غير ذلك. فإذا لم تفعلوا ذلك فأنا سأفتح لها الباب لتخرج إلى الشارع ليأخذها من يشاء).

فإذن قولي لهم ذلك، أولا بيني لهم، وأعتقد – كما ذكرت – أنهم يعرفون، ولكن أكدي الموضوع مرة ومرتين وثلاثا وأربعا، وحاولي أن تتكلمي مع الوالد أو الوالدة – أو صاحب الكلمة في البيت – بأن هذا فعلا يؤذيك، وأنك تتألمين ألما بالغا لوجود هذه الحيوانات، وأنهم إن لم يتصرفوا فيها فسوف تفتحين لها الباب لتخرج لتذهب إلى حال سبيلها.

في لحظة خروجها من البيت طبعا أنت ليس عليك شيء في مجرد خروجها، لأنها قد يأكلها حيوان – وهذا طبعا أمر عادي يأكلها حيوان لأنها خلقت لتؤكل، فإما أن يأكلها إنسان أو حيوان – وقد فعلا (تدهسها) سيارة، وهذا هو الأمر الذي قد يكون فيه بعض الشيء على اعتبار أنك عرضتها للخطر، ولكن بطريقة غير مباشرة.

وأنصح إذا قلت لهم هذا، قولي لهم: (أنا سوف أتصرف فيها، لأنني أنا أتعب، وأنتم لا تقدرون ظروفي، ومشاعري) وممكن أنك عندما تخرجينها تتصل بأحد صديقاتك، أو غيرها تأخذينها من على الباب وتنصرفي، وبذلك تكوني قد ارتحت نفسيا من التفكير في هذه الأشياء.

والأمر الثاني تكوني أيضا قد حدث لك نوع من الاطمئنان من أن هناك من سوف يستفيد منها، وأنها لن تتعذب بالجوع مثلا، أو العطش أو تدهسها سيارة أو غيره، فأعتقد أنك بذلك تكونين قد حللت المسألة حلا قريبا من الصواب؛ لأن الصواب هو أن يتم بيع هذه الأشياء، أو إهداءها لأحد ما دامت تؤثر على نفسيتك، فلابد أن يراعي أهلك أن حالتك أهم من أي شيء آخر، وقد يكون الناس لا يأكلون هذه اللحوم – على سبيل المثال – لأن معظم الناس في الخليج ليسوا متعلقين كثيرا بالأرانب أو الحمام أو غيره، ولكن هي مجرد هوايات.

فأنا أقول: حاولي مع أهلك، وحاولي إقناعهم، واجتهدي في ذلك قدر الاستطاعة، فإن نجحت في ذلك، فهذا هو المطلوب، وإن لم تنجحي فأخبريهم بأنك لابد أنك سوف تتصرفين، وسوف تتخلصين منها، حتى يعلموا أنه إذا غاب أحد تلك الحيوانات أنك التي قمت بذلك.

وفي تلك الحال تحاولي أن تتفقي مع إحدى الجارات أو الصديقات على أن تفتحي الباب لتخرج تلك الحيوانات حتى ينتهي الأمر كله، ولا أعتقد أن أهلك سوف يفعلون معك شيئا عظيما، على اعتبار أنهم يعلمون أنك تعانين من وسواس قهري.

أنا أرى أن تبدئي بأهلك، وأن تخبريهم بالحقيقة، وبعد ذلك تستعملي خيارا آخر إذا لم يستجيبوا، أما إذا استجابوا، فأعتقد أن المشكلة قد انتهت، ونسأل الله أن ييسر لك كل أمر، وأن يعافيك من كل بلاء، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.
++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الشيخ موافي عزب - مستشار الشؤون الأسرية والتربوية - وتليها إجابة الدكتور محمد عبد العليم - استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان - وهي كما يلي:
++++++++++++++++++++++++++++++++++

من المنظور النفسي: الوساوس القهرية حين تستحوذ على صاحبها لا تعطيه أي مجال للتفكير أو قبول بعض الأشياء المقززة والمرفوضة بالنسبة له، فأنت تتضايقين كثيرا من فضلات ومخلفات هذه الحيوانات الأليفة، وأعتقد أن الأمر يجب أن تنظري إليه نظرة مختلفة، وهو ضرورة القبول بأن الحيوان مثل الإنسان له مخلفات وله فضلات وله أمور طبيعية يجب أن نقبلها، كما نقبل الأمور الطبيعية التي نحدثها نحن أنفسنا.

النظرة من هذا القبيل هي الأفضل، لأنها توائم ما هو طبيعي، وفي نفس الوقت تكون مضادة لوساوسك. بالطبع إذا قبل الأهل أن تبعد هذه الحيوانات فهذا أمر جيد، ولكنه يجب ألا يمنعك أبدا من أن تقبلي مخلفات هذه الحيوانات. بمعنى: أن تجنبك لها يجب ألا يربط بالحيز الجغرافي، وأقصد بالحيز الجغرافي: إذا أبعدت هذه الحيوانات من المنزل فأنت سوف تكوني في حالة ارتياح، وإذا لم تبعد أنت سوف تكوني في حالة قلق وتوتر. لكن اعرفي أن لهذه الحيوانات مخلفات وفضلات إذا كان في البيت أو خارج البيت.

بالطبع حين تكون مخلفاتها في بيتكم هذا له علاقة مباشرة براحتك، وحين تكون هذه المخلفات بعيدة هذا قد لا تعيريه اهتماما، لكن أنا أريدك أن تعتمدي على المنهج السلوكي الذي يسمى بالتعريض، والتعريض يقصد به: أن يعرض الإنسان نفسه لمصادر وسواسه وخوفه، ويحاول أن يتواءم معها بقدر المستطاع.

أمر آخر: هو أن تصرفي نظرك عن هذا الوسواس، وأن تنظري إلى هذه الحيوانات نظرة أخرى، أنها حيوانات أليفة جميلة، وبالطبع إذا أخرجت هذه الحيوانات وتركتها سائبة في الطريق ربما تحسين بالذنب ويزيد لديك الوسواس لأنك عرضتها إلى المخاطر، ويعرف أن الذين يعانون من الوساوس القهرية دائما لديهم درجة عالية جدا من اللطف ومن الحنان، ودائما يهتمون بالفضائل والرأفة بالآخرين. فأتخوف تماما أن يؤثر عليك هذا تأثيرا سلبيا.

وأريدك أيضا أن تتقربي لهذه الحيوانات بإطعامها والرأفة بها، هذا يجعلك حقيقة أكثر ارتباطا وأكثر قبولا وتوائما لما هو حادث.

شيء آخر: أنت لم تذكري إن كنت تتناولين علاجا للوساوس أم لا - هذا أمر مهم – فإن كنت لم تتناولي علاجات فأعتقد أنه من الضروري أن تتناولي علاجا دوائيا، وهذا قطعا سوف يخفف عنك وطأة الوسوسة حول مخلفات وفضلات هذه الحيوانات الأليفة والغير ضارة، فالدواء أعتقد أنه سوف يريحك كثيرا بنتيجة كبيرة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات