السؤال
بداية أشكركم على هذا الموقع المتميز، وأتمنى لكم دوام التقدم والاستمرارية.
أنا فتاة ملتزمة خلوقة متعلمة طيبة، أحب الآخرين والحمد لله..متزوجة منذ حوالي شهرين، زوجي من عائلة كبيرة، ومترابطة، ومتماسكة جدا على العكس من عائلتي المفككة حيث كنت أعيش مع عائلتي الصغيرة المكونة من أمي وأخواتي وأخي، ولم يكن لنا احتكاك كبير حتى مع الأقارب إلا في المناسبات وعشت ظروفا صعبة أفقدتني الثقة بالناس بعدما عانينا الأذى من أقارب والدي –رحمه الله-، وطفولتي كانت تعيسة جدا، وعانيت الكثير من المشاكل، والعنف، والحرمان.
ومن هنا حكايتي، لقد انتقلت نقلة نوعية في حياتي الاجتماعية، ولذلك من الطبيعي ألا أكون اجتماعية بالقدر المطلوب -علما بأنني راضية عن نفسي، وعن علاقاتي لأنني احترم، وأقدر كل من يزورني، وأكرمهم، وأحافظ على ابتسامتي أمامهم، وأتحدث معهم، وأحترم أهل زوجي كثيرا، ولكن لا أنسجم معهم بسهولة- ، ولكن زوجي عكسي تماما فهو اجتماعي جدا، ويحب التجمعات العائلية.
أما أنا فعندما أذهب لزيارة أقارب زوجي لا أتحدث، وأكتفي بالابتسامة، والإنصات، ولا أتكلم إلا إذا أحد ما تحدث إلي، وخاصة عندما يكون بالجلسة رجال، فأنا أشعر بالخجل فلا أتحدث إلا قليلا، وحتى مع النساء فلا أحب أن أكون علاقة قوية مع أحد فأنا قليلة الكلام مع الناس الغرباء، وأجيب فقط على قدر السؤال، ولا أستطيع أن أدخل في مواضيع كثيرة، ولا أستطيع أن امزح وأضحك ، لانهم غالبا ما يتحدثون في مواضيع لا تروق لي، فأغلب أحاديثهم عن أشخاص لا أعرفهم، ومواضيعهم مملة بالنسبة لي حيث أنني أحب النقاش، والكلام في مواضيع عامة وجدية، لكن زوجي دائما ينتقدني، ويقول لي يجب أن تسايريهم، وطبيعي أن تشعري بالملل؛ لأنك لا تشاركينهم الحديث، وأنت لا تستطيعين تكوين العلاقات، وأحيانا يعايرني بزوجة أخيه لأنها اجتماعية كثيرا، وتكون علاقات مع الجميع، ولا تخجل مثلي، وتلك المقارنة تجرحني كثيرا حتى أهل زوجي يوجهون لي النقد بطريقة غير مباشرة يعايرونني بها، ويتعمدون مدحها أمامي، ويقولون لي يجب أن تغيري من نفسك، وتصبحين اجتماعية لأن المجاملات مطلوبة، هل تعتبر شخصيتي ضعيفة؟ وكيف أواجه من يقارنني بزوجة أخي بأنها أفضل مني؟ وماذا أرد عليهم؟ وهل أبقى على شخصيتي هذه أم يجب علي تغييرها؟
أرجوكم فسروا لي حالتي هذه وآسفة جدا على الإطالة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
لا أعتقد أن لديك علة رئيسية أن تكوني انطوائية بعض الشيء أو لا تتمازجي مع الناس بالصورة التي ترضي بعض الناس، هذه ليست علة، فالمزاج الاجتماعي، والتواصل الاجتماعي هو طيف متسع وله درجات، ولكل إنسان منهجيته، وإذا كان الناس على سليقة واحدة، أو نهج واحد لما سارت الحياة.
أيتها الفاضلة الكريمة أولا أنت ما دام الله تعالى قد جمعك بهذا الزوج الطيب، هذا فيه رحمة كبيرة، وهذا يدل على كفاءتك، هذا الرجل ما اختارك إلا لأنه يثق تماما بأنك امرأة صالحة، وجيدة، وتحملين ميزات إيجابية كان هو يبتغيها هذا أمر يجب أن تتفكري وتتدبري فيه تماما.
ثانيا: أنا من وجهة نظري أن الإنسان المتحفظ نسبيا أفضل من الإنسان الذي يتمازج مع الناس بدرجة قد تفتقد الانضباط في بعض الأحيان، هذا لا يعني أننا نشجع الانطوائية، على العكس تماما الإنسان يمكن أن يكون متحفظا ،لكنه صاحب كفاءة اجتماعية عالية جدا، وأقصد بذلك أنه يقوم بواجباته أنه يدلي بالرأي السديد أنه لا يقصر، هذا دليل على وجود الكفاءة الاجتماعية.
وأعتقد أنك تحملين هذه السمات، لا تنزعجي أبدا والإنسان لا يمكن أن يغير شخصيته، لكن يمكن أن يعدل من طبائعه، وتطبعه، وهذا أعتقد هو الذي تنشدينه أولا: هذا الزوج الصالح سوف يحدث لك نوع من التناهي معه أي سوف تأخذين الكثير من صفاته، وهذا سوف يساعدك ما دام هو اجتماعي كما ذكرت فأنت بصورة مباشرة، أو غير مباشرة إرادية أو لا إرادية لا بد أن تحملي شيئا من سجاياه، وسماته لا تشغلي نفسك بالمقارنات مع احترامنا الشديد لزوجة أخيك، وغيرها فالمقارنات ليست مقبولة.
ثالثا: أريدك أن تضعي برامج يومية، رتبي هذه البرامج، قولي أنك سوف تقومين بكذا وكذا، الواجبات المنزلية، الصلوات في وقتها، القراءة، أخذ قسط كاف من الراحة، ولا بد أن تكون هنالك فقرتان، أو ثلاث لنوع من التواصل الاجتماعي، مثلا سوف أتصل بقريبتي أو صديقتي فلانة، وسوف أطرح معها المواضيع التالية بعض المواضيع لا بد أن تكون ليس فيها جدية، مواضيع عامة جدا، ألزمي نفسك بمثل هذا البرنامج.
ثالثا: برنامج آخر خذي أنت مبادرات، واطلبي من زوجك لماذا لا نذهب ونزور الأسرة الفلانية، هذا كله نوع من المبادرات الإيجابية جدا، أيضا من المهم جدا أن تحضري بعض المواضيع التي سوف تتطرقين لها حين تذهبين لزيارة أحد أو حين يأتيك أحد المواضيع لا بد أن يكون فيها مواضيع خاصة تناسب الموقف، وتناسب الشخص، وفي ذات الوقت هنالك مواضيع جادة يتطرق لها الإنسان من خلال هذا النوع من التدرج، والتكيف تستطيعين -إن شاء الله تعالى- أن تجدي أن شبكة تواصلك الاجتماعية قد أصبحت أفضل، وكذلك تواصلك أرجو أن لا تعتقدي أنك مراقبة من قبل الآخرين حين تكونين جالسة معهم لا هذا ليس صحيحا، أنت لا ينقصك شيء.
لا تفرضي قلقا على نفسك من خلال إجبارها على حسن الأداء أمام الآخرين، كوني معقولة، كوني متوازنة، كما ذكرت لك، اطرقي بعض المواضيع، وهذا إن شاء الله تعالى يبني لديك المزيد من التفاعل الاجتماعي، إذا كانت هنالك وسيلة للذهاب إلى مراكز اجتماعية في أمريكا مراكز إسلامية، المهم الانخراط في أي نوع من النشاط الاجتماعي، والثقافي والخيري سوف يضيف لك إضافة إيجابية جدا لتحسين التمازج الاجتماعي لديك.
أيتها الفاضلة الكريمة هنالك نقطة مهمة، وهي أن بعض الناس يكون لديه نوع من القلق، أو الخوف الاجتماعي لذا تجدهم دائما في جانب الانسحاب إذا كنت تحسين بشيء من الخوف، والرهبة في المواقف الاجتماعية، فهنا تكون الأدوية مفيدة لك جدا.
الأدوية التي نستعملها في علاج الخوف الاجتماعي كثيرة منها عقار يعرف باسم زولفت، وآخر باسم زيروكسات، أنا لا أدعوك لتناول هذه الأدوية هذه اللحظة، وأعتقد أن ما قلته لك من إرشاد لك يكفي، لكن فقط وددت أن أنبهك إذا كنت تحسين بشيء من الرهبة في المواقف الاجتماعية، فهنا مقابلة الطبيب ربما تكون جيدة، وتناولي دواء من أحد الأدوية التي ذكرتها، وبجرعة صغيرة، ولمدة قصيرة أعتقد أنه سوف يكون مفيدا لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، واسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.