السؤال
عمري 30 سنة, وعمر زوجتي 21 سنة, تزوجتها منذ 3 شهور وعشرة أيام, بعد خطبة دامت أربعة أشهر جلسنا فيها مع بعض 3 مرات, والبقية عبر الهاتف والشات؛ لأني في بلد غربة وهي في بلدي, هي طالبة جامعة في الفرع الأدبي سنة أولى, جمالها أقل من عادي, ثقافتها قليلة جدا نتيجة لعمرها, مؤدبة جدا, تحبني جدا, لا تعارضني مهما طلبت منها, أنا وهي من عائلات محافظة جدا, حتى إن أهلها قاموا بإلغاء اشتراك الانترنت من البيت خوفا من أن تفتح الكاميرا أثناء الشات, وفعلا هذا ما تم فلم أر وجهها إلا 3 مرات عندما خطبتها بوجود أهلها.
عادت إلى بلدها لمدة عشرين يوما من أجل الامتحان وهنا بدأت المشكلة, عندما سافرت لم أفتقدها ولم أشتق إليها, بل على العكس صرت أشعر أن حياتي أفضل بدونها, والآن لا أحب الكلام معها حتى ولو بالهاتف, لا أشعر أني أحبها أبدا, ولكني أشعر بتأنيب الضمير لأنها تحبني كثيرا, وتتمنى ما استطاعت إسعادي.
تزوجتها بسرعة بعد أن أقنعت نفسي بأن الاختلاط حرام, وأن الحب الحقيقي يأتي بعد الزواج, ولكنه إلى الآن لم يأت, ولازلت أنظر إلى أي فتاة, وكأني لم أتزوج بعد.
أرجو النصيحة لأنني أنوي اتخاذ قرار حتى لا أعذبها معي, وأبقى أتعذب أنا لوحدي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابننا الفاضل الكريم في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد, وأن يؤلف بينك وبين قلب هذه الزوجة التي تحبك وتميل إليك، وارتبطت بها على كتاب الله، وعلى سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
ولا نملك بين أيدي هذه المشاعر التي عندك إلا أن نذكرك بما قاله ابن مسعود للرجل: إن الحب من الرحمن، وإن البغض من الشيطان، يريد أن يبغض لكما ما أحل الله لكم. فتعوذ بالله من الشيطان، فأقبل على زوجك، وتذكر ما فيها من محاسن، وتذكر مشاعرها النبيلة اتجاهك، وتذكر أنها سعيدة بك، وتذكر أنك خطبتها ورضيتها، وجلست معها وتزوجتها، فليس لك عذر بعد ذلك إذا أردت أن تظلمها بهذه الطريقة، فتوجه الله تعالى، وتذكر أن هذه المرأة وفية لك، والوفاء عملة نادرة, والمشاعر النبيلة اتجاهك فيها الخير الكثير. نسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف بين قلبك وقلبها، وأن يلهمك السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.
وأرجو أن تعلم أخي بأن الشيطان يغضب لزواجنا ولا يريد لنا أن نعيش في الحلال, ولذلك يبغض لنا هذا الحلال, ونحن على ثقة ويقين أن ما تراه في الشارع فإن الشيطان يزينه لك, فعليك أن تغض البصر، فإن الإنسان إذا غض بصره أورثه الله تعالى حلاوة في صدره, وجعله أيضا يستمتع بحبه الحقيقي الحلال مع زوجته، وإذا أطلق للبصر العنان فإن هذا كما قال ابن الجوزي لا تكفيه نساء بغداد ولو تزوجهن جميعا؛ لأنه أورد نفسه موارد الهلاك.
عليك أن تغض بصرك، وتعوذ بالله من الشيطان، وإذا رأيت امرأة جميلة فأعلم أنك لا ترى إلا المظهر منها، والجمال ليس في الشكل فقط، وجمال الشكل هذا عمره محدود، لكن جمال الروح بلا حدود، كما قال الشاعر:
جمال الوجه مع قبح النفوس ** كقنديل على قبر المجوس
زينات وقناديل وهو في الداخل عنده النيران معذب - والعياذ بالله- , فلا تغتر بالأشكال التي تشاهدها، فإن البنات في هذا الزمان والنساء بكل أسف يتفنن في إبراز أحسن ما فيهن من المفاتن ويخفين العيوب، هنالك عيوب كثيرة لكنها تخفيها, ولن تجد امرأة بلا عيوب، كما أنك لست خال من العيوب، ونحن كبشر لا يخلو الواحد منا من العيوب، ولكن السعيد هو الذي يضخم الإيجابيات، ويتحفى بها, ويسعد بها, ويهتم بها, ويركز عليها, ويجتهد كذلك بتجنب السلبيات, وعلى الإنسان أن ينظر للإنسان بإنصاف، فإذا وضع الحسنات في كفة والنقائص في كفة فسيجد الخير الكثير, وكما قالوا طوبى لمن انغمرت سيئاته في بحور حسناته.
والنبي عليه الصلاة والسلام أوصانا بهذه الوصفة النبوية العظيمة عندما قال: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر) وهذا أمر في غاية الأهمية، إن كره منها خلقا وإذا لم يعجبه منها جوانب رضي منها آخر، أما أن يجد امرأة بلا عيوب فهذا من المستحيلات, فتعوذ بالله تعالى من الشيطان، وأرجو أن تمثل لها الاهتمام والاحتفاء, وتسأل الله تعالى أن يردها إلى قلبك, وأن يرزقك حبها.
الحب رزق من الله تعالى يناله الإنسان بدعائه ولجوئه وصفائه وصفاء نفسه، فنسأل الله تعالى أن يحبب إلينا الحلال، وأن يجنبنا الحرام, كذلك أيضا ندعوك مرة أخرى إلى أن تغض البصر، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإن الشيطان يزين المرأة, يستشرف المرأة التي تمشي أمامك, يزينها حتى ولو كانت قبيحة، واعلم أن كثيرا من الذين أطلقوا أبصارهم وحتى الذين تزوجوا منهم يأتي أحد بزوجة دون الأولى في جمالها وفي مظهرها, وإن كانت جميلة الشكل فإنها قد تكون سيئة السيرة, فيها عيوب تكون تاركة للصلاة, عاصية لله تعالى.
فلا تقارن هذه الزوجة التي تعلم ظاهرها وباطنها وشعرت بحبها لك؛ بأخرى في الشارع تراها براقة لا ترى منها إلا ما ظهر, مع هذه الكلمات الكاذبة والدهانات التي تبدي خلاف الحقيقة, وبعد ذلك يقع الفأس في الرأس، فلا تغتر بما تشاهد, أقبل على أهلك, وتوجه إلى الله تعالى, وتذكر ما في زوجتك من إيجابيات, واعلم أن الحرام ليس له قيمة, ولا يمكن أن يقارن بالحلال، فعليك أن تغض بصرك, واطلب من أهلك لتكون إلى جوارك, وتقرب إلى الله تعالى بالإحسان إليها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يقول: ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
نسأل الله أن يرد قلبك إلى الحق والصواب, وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على غض البصر, وأن يسعدك مع زوجتك ويسعدها معك، وأن يلهمك السداد والخير وهو ولي ذلك والقادر عليه، ونحن حقيقة سعداء بتواصلك مع موقعك, وأرجو أن نسمع عنك الخير, وندعوك إلى إخفاء هذه المشاعر السالبة حتى لا تكسر خاطر المرأة, بل عليك أن تجتهد في إظهار الإيجابيات وإظهار الفرح والاهتمام بها.
ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.