كيف أثبت على الهداية ولا أنتكس؟

0 592

السؤال

السلام عليكم

كنت منذ أسبوعين أعيش حياتي مهتما بديني وبطلب العلم، وكنت متفوقا في حياتي، وكنت منظما وقتي وعباداتي كالصوم، والصلاة، والقراءة، واللعب، والرياضة، وكنت أساعد أصدقائي في حل مشاكلهم، وأحاول هدايتهم، حتى إنني لم أظن أبدا أنني سأنحرف عن طريق الله.

لكني كنت أشتكي من شيء واحد وهو العادة السرية، فكنت أقاومها وأعالج نفسي لذلك، وأخلصت في دعائي لله كي يعينني على تجنبها، فبقيت فترة لا أفعلها، وزاد إيماني، وظننت أن الله استجاب دعائي، وكنت على يقين من هذا، فكنت أزيد من معرفتي بديني، وأحضر الدروس في الجامع، وأصلي الصلوات في المسجد، ولم أترك قراءة سورة البقرة في بيتي، ولم أترك قول الأدعية والآيات، وكذلك أذكار الصباح والمساء كنت محافظا عليها.

كان كل من يراني يعرف أنني متميز لأنني كنت أمتلك شيئا كبيرا هو الإخلاص والصبر، فعندما تصيبني مصيبة ما أخرج منها بدون انحراف عن منهج الله، فذات يوم حدثت مشكلة لي -مشكلة عائلية- ففعلت العادة السرية من جديد بعد أن تيقنت أن الله استجاب لي وعصمني منها، فتخيل أنت أنك لجأت إلى الله، ودعوته من كل قلبك، في صلاتك، وفي صومك، وبعد فعل الخير، والله قال (ادعوني أستجب لكم) ثم انتكست بعد ذلك، رغم أنها لم تكن أول محاولة، ولكني أيقنت أنها آخر مرة أفعلها فيها، فبعد فعلها مرة أخرى بدأت أشك في الدين، وفي الله.

بدأت أسأل لماذا لم يستجب الله لي؟ هل ديني خطأ؟ ولكني تأكدت بأن الله موجود، فعندما أكلم نفسي أشعر أن الله يسمعني، وأني يوم القيامة سألقى في النار إن شككت بوجود الله، عرفت بفطرة قلبي أن الله موجود، وهذا كاف للتأكد، نظرت إلى الدين وقلت هل هو خطأ؟ بحثت عن البوذية، والوثنية، وغيرها من الأديان فلم تأخذ مني 5 دقائق حتى عرفت من قلبي أنها خطأ، وكذلك كل الديانات الأخرى عرفت أنها خطأ، حتى فكرت في المسيحية، واليهودية فوجدت أن اليهودية ديانة خاطئة، وكذلك المسيحية، فقلت أنا لم أبحث عن دين آخر لأفعل العادة، فالنساء في المسيحية يظهرن عوراتهن.

تيقنت أن الدين الإسلامي هو دين الحق، وأن الله موجود بلا شك، ولكني الآن أقول كلاما غريبا، أقول لماذا لم يلب الله دعائي؟ ولماذا جعلني الله هكذا بعد إيماني؟ كنت أنام النهار وأستيقظ في الصباح، ولم أصل أو أقرأ القرآن مرة أخرى، كنت أقول إن الله يريدني هكذا، فهو الذي يتحكم في القلوب والأرواح، فاستسلمت ورجعت إلى الوراء.

وكلما أردت أن أرجع إلى الله وإلى صلاتي أنتكس مرة أخرى، كنت أسمع أذان الفجر وأنام، ولا أشعر بالالتزام، هذه حالتي باختصار.

ما أطلبه هو أن أجد طريقا لا رجعة فيه للعصيان، وأريد أن أعرف لماذا لم يستجب الله دعائي؟ وهل الله يريدني هكذا؟ وأريد أن أعرف هل يقبل الله التوبة مما فعلته؛ فهو قريب من الكفر؟

ساعدوني أرجوكم، وادعوا لي بالتوبة والمغفرة وبعدم الرجوع إلى العصيان، والموت وأنا ساجد لله.

وجزاكم الله خيرا كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبده حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله تعالى لك الهداية والثبات والسداد هو ولي ذلك والقادر عليه، وأرجو أن تعلم أن الله الذي استجاب لك بالأمس وأعانك على الخير سوف يستجيب لك غدا، وعليك أن تكثر من اللجوء إلى الله تعالى، ونحن كلفنا بالسؤال ولم نكلف بالإجابة لأن الله تكفل بها، ولذلك كان عمر يقول: لا أحمل هم الإجابة لأن الله تكلف بها ولكن أحمل هم السؤال.

الإجابة من الله تعالى أولا تتنوع، والإنسان قد يسأل الله سؤالا فيستجيب الله سؤاله، أو يسأله سؤالا فيدخل له الأجر والثواب، أو يسأله سؤالا فيرفع عنه البلاء والمصائب النازلة، ولذلك الإنسان ينبغي أن يغتنم هذه الفرصة، ويكثر من اللجوء إلى الله تعالى، وتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل وما الاستعجال؟ قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء)

عليك بالتوجه إلى الله تعالى، وتذكر ما قاله ابن الجوزي وهو يتكلم عن السلف، يقول: كانوا يسألون الله تعالى فإن أعطاهم شكروه، وأن منعوا كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه ويقول: مثلك لا يجاب، وهذا فيه منهج مهم جدا لأن الإنسان إذا اتهم نفسه بالتقصير، واستغفر ثم لجأ إلى الله تعالى تأتيه الإجابة، والإجابة لا تتعطل، وما يصيبنا من مصيبة إلا بما كسبت أيدينا، ولذلك يرجع أحدهم بالملامة على نفسه فيقول مثلك لا يجاب، ثم يبدأ في التوبة والرجوع إلى الله تعالى، فيأتيه الجواب، أو يقول لأن المصلحة في أن لا يستجاب لي.

الإنسان يسأل أشياء وتكون سببا في ضياعه، نريد أن نؤكد لك أن الله تعالى يريدنا على الطاعة، ويريدنا على الشكر، ولا يرضى لعبده الكفر سبحانه وتعالى، لكن الله تعالى الرحيم يكره على شيء، وإنما خلق في هذا الإنسان وأوجد فيه استعدادا للهداية واستعدادا للغواية، ثم أرسل الرسل يبينوا الهداية، ويبينوا معالم الطريق، ثم قال بعد ذلك: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا*قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}.

فعليك أن تلجأ إلى الله تعالى وتستمع إليه، وتعوذ بالله من هذه الوساوس، واعلم أن الشيطان دائما يقف في طريق الذين يسلكون طريق الخير، كما قال الله تعالى حكاية عن هذا العدو: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} فهو لا يذهب إلى السكارى والحيارى ولكنه يأتي ليشوش على الإنسان المطيع لله تعالى، واعلم أن الإنسان إذا أذنب ثم تاب ثم أذنب ثم تاب، عليه أن يجدد التوبة في كل مرة ولا يتوقف، حتى قيل للحسن البصري إلى متى يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب، إلى متى يا إمام؟ قال: حتى يكون الشيطان هو المخذول، حتى يأتي اليوم الذي نخالف فيه الشيطان فيكون هو المخذول.

فالإنسان ما ينبغي أن ييأس من تكرار التوبة والرجوع إلى الله تعالى، فإن الله سمى نفسه توابا ليتوب علينا، وسمى نفسه رحيما ليرحمنا، وسمه نفسه غفورا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، فلا تحرموا أنفسكم من اللجوء إلى الله تعالى الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء سبحانه وتعالى.

والتوبة إن شاء الله تعالى مقبولة والإنسان عليه بعد التوبة أن يحرص على الندم والعزم على أن لا يعود، وأن يرد الأمور لأصحابها، وأن يحرص دائما على التخلص من كل ما يذكره بالمخالفة، وأن يجتهد في الحسنات الماحية فإن الله يقول: {إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} .

نسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، ونوصيك بتقوى الله ثم نوصيك بكثرة اللجوء إلى الله تعالى، ثم نوصيك بالدعاء لكل المرضى، ولكل أمواتنا وأموات المسلمين، ثم نذكرك كذلك بالصبر فإن العاقبة للصابرين، وندعوك أيضا أن لا تعطي هذا الموضوع أكبر من حجمه، وتعوذ بالله من الشيطان، لا تقف طويلا عند المواقف والذكريات السالبة.

ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وسوف نكون سعداء لتواصلك مع هذا الموقع، ونسأل الله أن يحقق لك ما تريد، وأن يختم لنا ولك بخاتمة السعادة أجمعين، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات