أنا غير مقبولة في المجتمع وكأني منبوذة، فما توجيهكم؟

0 759

السؤال

فتاة أبلغ من العمر 22 عاما، لدي مشاكل منذ الصغر منها أنني أكذب، وشديدة سمار البشرة، شديدة السمنة، غير مقبولة في المجتمع، أختبئ من الناس حتى لا يروني, كذلك حتى لا أقارن بإخوتي الأصغر مني والأكثر جمالا، فهم يملكون الشعر الأصفر والعيون الزرقاء.

أعطاني الله نعمة التفوق الدراسي حتى إنني تخرجت من كلية شديدة الصعوبة وبتقدير عال والحمد لله، ينتابني شعور أنني لن يأتي اليوم الذي سوف أتزوج فيه بسبب شدة قبحي! حينما كنت في الجامعة أحببت شابا كان يعاملني بطريقة جيدة، أول إنسان يعاملني بهذه الطريقة، ولكني اكتشفت أنه كان يشفق علي! أنا لم أتحدث إليه تماما، ولم أخبره بذلك الأمر، ولكنه خطب زميلتي أقرب إنسانة لي، بعدها أصبحت أكرهها، وأتى لها بالعمل المناسب.

أبي شديد القسوة معي يسبني بأسوأ الكلمات، ربما يكون هذا هو سر تعلقي بهذا الفتى، كل ما كنت أتمناه في الحياة هو أن أجد الوظيفة المناسبة التي تعوضني عن كل ما عانيت في حياتي، ولكن حينما تخرجت أنهار كل شيء، لم أجد الوظيفة المناسبة، وأصدقائي الذين هم أقل مني في التقدير في أماكن أحسن مني محترمة ويعملون بها، ولكني حين ذهبت إلى هذا المكان رفضت في المقابلة، وأغلبهم ارتبطوا منهم من تزوج ومنهم من تمت خطبتها منذ شهر، وكأن جميع الناس حياتهم تتحرك وأنا أملك حياة واقفة.

حتى الدراسة التي أحبها حرمني منها أبي حينما تخرجت قال لي: ليس لك أموال عندي، وإذا أردت أن تكملي دراستك انزلي للعمل وأتي بالمال، بالتالي نزلت لأعمل عملا حقيرا -مندوبة مبيعات-، أعمل طوال النهار وأعود إلى منزلي في نهاية اليوم منهكة من التعب، وأكملت وأخذت كورسات، ولكن لسوء حظي تركت العمل؛ لأن أمي مرضت ولا يوجد من يخدمها غيري، فأنا الأقل جمالا للخدمة، لأن أخواتي اللاتي أصغر مني لا يستطيعون عمل هذه الأشياء.

فجلست في المنزل، ومنذ بداية جلوسي في المنزل وأنا أدمن المواقع الإباحية، حتى أنني أصبحت أشاهدها يوميا، أشعر أنني أرغب في الموت ولكني أخاف عقاب ربي لي، أشعر كأنني عقبة في طريق أهلي، أختي التي تصغرني تقدم إليها الكثير من العرسان وأنا لم يتقدم لي أي أحد، وأنا أعلم هذا من البداية؛ لأنني كنت مصابة بالمثانة العصبية، كنت أتبول ليلا إلى أن شفاني الله منها منذ قريب والحمد لله حتى عمر 21 سنة.

أشعر أن الدنيا اسودت في وجهي، أبي بخيل، حياتي سوداء واقفة، مذنبة مع الله، كل من حولي ينظرون إلي على أنني حقيرة! وكذلك بيتنا قبيح، حيث أن أبي لا يريد دفع المال لتجهيز الشقة، لماذا أنا هكذا؟ أنا متعبة جدا، لم أترك مكانا لم أبحث فيه على عمل، أشعر وكأنني خسرت الدنيا والآخرة، أصبحت أحقد على كل من حولي، أكره الناس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ joliana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك. كما نسأله تبارك وتعالى أن يحقق لك أمنياتك ورغباتك، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك، وأن يكرمك بعمل تستطيعين فيه أن تخدمي نفسك ودينك وأمتك.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن الله قد حباك نعما عظيمة، خاصة نعمة التميز العلمي، إذ أنك أصبحت – كما ذكرت – من المتفوقات في مجالك الدراسي، وتقدمت على كثير من أخواتك التقليديات، رغم صعوبة الكلية التي كنت تدرسين بها، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الله لم يحرمك من فضله ولا من خيره، ولكن المشكلة التي وقعت أنت فيها أنك بدأت تعالجين الظلم الاجتماعي الذي يقع عليك بطريقة أخرى وهي الهروب إلى هذه الأشياء المحرمة – أو المواقع الإباحية – التي وصلت بها إلى حد الإدمان.

هربت فأصبحت كالمستجير من الرمضاء بالنار، هربت من هذه المشاكل ومن هذه الظلمات الواقعة عليك، ثم وقعت في أمر آخر وهو معصية الجليل جل جلاله سبحانه. معصية الجليل – ابنتي الكريم – يترتب عليها حرمان العبد من التوفيق والسداد، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (إياكم والمعاصي، واعلموا أن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه وقد كان هيئ له).

فكم أتمنى بارك الله فيك ألا تزيدي المشاكل مشاكل، ولا تزيدي المصائب مصائب، ولا الابتلاءات ابتلاءات، وإنما تحاولي أن تحدي من هذا الانهيار الموجود في حياتك، هذا الانهيار الموجود في حياتك لن يوقفه إلا أنت، فإذا لم تقفي أنت لتغيري واقعك لم ولن يغيره أحد، كما ذكرت بأن والدك رجل بخيل وذكرت أيضا أن بيتكم ليس جيدا، وأن والدك لا يريد دفع المال في تجهيز الشقة ولا ترتيبها، إلى غير ذلك، وكذلك أيضا وضعك الخلقي الذي أنت عليه جعل كثير من الرجال يعرضون عنك لأنهم يبحثون عن الأجمل – كما هي العادة – ولكن هذا ليس بشر، فإن هناك كثير من النساء متواضعات الجمال تزوجن وهن زوجات رائعات وناجحات.

فأنا أتمنى ألا تقفي طويلا أمام هذه المسألة، فأنت ما زلت في الثانية والعشرين من عمرك، بمعنى أنك تخرجت مبكرا من الجامعة، وهذا يدل على تميزك وتفوقك.

فالذي أريده بارك الله فيك ألا تقفي طويلا أمام هذه المسألة، وكونك لم تجدي عملا إلى الآن، هذه ليست مشكلة أيضا، لأن هناك الملايين من الشباب والشبات لم يجدوا عملا، وهم على قدر وقد يكونوا أكثر جمالا وأكثر انسجاما مع المجتمع ورغم ذلك هم بلا عمل، ملايين العاطلين في مصر كما تعلمين من الشباب والشبات الخرجين والخريجات بلا عمل، بعضهن في البيوت وبعضهن في الطرقات وبعضهن على المقاهي وغير ذلك، لأنه لا يوجد هناك عمل، وهذه كلها قنابل موقوتة.

فالقضية ليست مشكلتك أنت وحدك – ابنتي جولينا – وإنما القضية قضية كبيرة، قضية أمة، قضية شعب، قضية دولة، وأنت جزء من هذه المنظومة، ولذلك أتمنى – كما ذكرت لك – ألا تقفي طويلا أمام هاتين القضيتين: قضية أنه لم يتقدم لك أحد لأن شكلك يختلف عن أخواتك، هذه القضية لا تشغلي بالك بها أصلا، لأنه أولا النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا أن الله قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فثقي وتأكدي أن لك نصيب سوف يأتيك مهما طال الزمن كما هو في دين الله سبحانه وتعالى.

كذلك أيضا القضية الثانية (مسألة العمل) هو نفس الشيء أيضا، فالعمل هذا رزق من الله سبحانه وتعالى، وما دام لك رزق فسوف يأتيك أيضا مهما طال الزمن. كل الذي أريده بارك الله فيك إنما هو الإقلاع عن الدخول إلى تلك المواقع المحرمة، لأنك كما ذكرت – تعالجين الخطأ بأخطاء أدهى وأمر- فاعقدي العزم على أن تتوقفي عن ذلك نهائيا، وحاولي أن تقاومي الرغبة الشديدة في هذا الشيء، لأنك تهربين من الواقع إلى تلك المواقع الإباحية، فأنت بذلك تهربين من الوضع الطبيعي إلى النار، لأن هذه لا تزيدك إلا سعارا ولا تزيدك إلا هيجانا وثوران شهوة، ولا يوجد هناك وسيلة شرعية لتفريغ هذه الطاقة، وبالتالي أنت تتعبين نفسك داخليا وخارجيا.

فإذن أتمنى أن تأخذي قرارا، وأنا واثق أنك قادرة على ذلك - بإذن الله تعالى – بالتوقف عن هذه الأشياء المحرمة، ابتغاء مرضاة الله تعالى وحياء من الله عز وجل، خاصة وأنك تخافين عقاب الله تبارك وتعالى، وتشعرين فعلا بأن هذا الأمر ليس صوابا، فأتمنى أول خطوة أن تتوقفي عن الدخول إلى المواقع الإباحية.

الأمر الثاني: أن تجتهدي في الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يمن الله تبارك وتعالى عليك بزوج صالح يكون عونا لك على طاعته ورضاه. اجتهدي في ذلك لأن النبي - عليه الصلاة والسلام – قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء).

الأمر الثالث: أن تجتهدي في إكرام أمك ما دمت قادرة على ذلك، وأن تطلبي منها الدعاء أن الله تعالى يجبر كسرك ويتولى أمرك، لأنه كما تعلمين أن دعاء الوالد لولده لا يرد، كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام – فدعاء أمك - إن شاء الله بإذن الله تعالى – لن يضيع هباء منثورا، وسوف يكرمك الله تبارك وتعالى بإجابة هذا الدعاء.

فأنصحك – ابنتي الكريمة الفاضلة – بالإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يغير الله واقعك، ولكن كما قال الله تعالى: {إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم} وقال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} وقال: {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم}، فخذي قرارا شجاعا وخطوة جريئة بترك هذه المحرمات، وحافظي على صلاتك في وقتها، وحافظي على أذكار الصباح والمساء خاصة (بسم الله الذي لا يضر ما اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء.

وأيضا (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) كذلك ثلاث مرات صباحا ومساء، وكذلك (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على شيء قدير) مائة مرة صباحا ومائة مرة مساء. وحافظي على إكرامك لوالديك حتى وإن كان والدك فيه ما فيه، ولكن الحمد لله أن الله أكرمك وتغلبت على هذه المشكلات الآن وأصبحت ناجحة ورائعة عندما قال لك (ليس لك عندي أموال وابحثي عن عمل)، وقد بحثت فعلا وتعبت حتى انتهيت من العملية التعليمية على خير.

هذه كلها نجاحات في ميزان حسناتك، وهي في مكونات شخصيتك، فأتمنى ألا تتراجعي بحال من الأحوال أبدا، أتمنى أن تنظري إلى الأمام بنظرة إيجابية، وأن تعلمي أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعة الله، وأن تعلمي أن ما عند الله لا يضيع أبدا، فإنه قال: {إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا} وقال: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} فعليك التوجه إلى الله تعالى وسؤاله والإلحاح عليه أن يكرمك وأن يسترك وأن يجبرك، وأن يمن عليك بالزوج الصالح والذرية الصالحة.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات