الترامادول، وكيفية التخلص منه ومن أعراضه الانسحابية؟

0 1111

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكر كل من كان قائما على هذا الموقع، وجزاه الله خيرا.

استشارتي تكمن في إدماني على دواء ألا وهو الترامادول، لا أريد أن أطيل عليكم، لأنني إن قلت كل مشاكلي النفسية لاستغرقت أياما، وأنا أكتب (ملاحظة: أنا لا أبالغ).

أعيش في وسط يمنعني أن أذهب إلى طبيب نفسي رغم تأكدي من ضرورة هذا الشيء.

إخواني الأعزاء أنا أعاني من الفصام، نعم من الفصام مع أنني لم أذهب لأي طبيب، ولكن أنا متأكد مما أقول لأنني تأكدت من كل أعراض المرض التي استمرت معي إلى الآن، (ملاحظة مهمة جدا: أصابني المرض قبل الدخول إلى بوابة المخدرات، -والعياذ بالله-؛ لأن للمخدرات تأثير شبيه للفصام).

بعد اكتشافي لمرضي، وبعد أن علمت أن معظم المرضى في مثل حالتي يأخذون الدواء لآخر حياتهم أي كأنه السكر أو الضغط، ثم أصابني اكتئاب أدخلني في الترامادول، وأيضا الحشيش -والعياذ بالله-.

لقد كنت إنسانا ملتزما بدراستي عابدا لله -عز وجل- بارا بوالدي، أنا آخذ الترامادول يوميا، وبجرعة قد تصل إلى 2000mg، وقد مر على إدماني له سنتين، وبضعة أشهر، أما الحشيش، فقد ابتعدت عنه، -والحمد لله- لأنني أحسست أنه يزيد من الأعراض الإيجابية للفصام كما هو الحال في الترامادول.

أنا أعرف دواء اسمه ريسبريديال لعلاج الفصام، وسأبدأ بأخذه بعد تخلصي من الترامادول، وأكرر هنا أنا في وسط من المستحيل أن يسمح لي بالذهاب لطبيب نفسيا حتى ولو بالخفية.

أنا أتأسف لإطالتي، ولكني أردت أن أفتح قلبي، وللعلم أنا لم أقل سوى جزء من أجزاء كثيرة من مشاكلي، فلكم أن تتخيلوا القفص الذي يحتويني.

سؤالي: هو كيف أتخلص من أعراض الانسحاب للترامادول؟

وأهم مشاكلي عند تركه هي انهيار في الطاقة، وعدم القدرة على النوم، وهذا الذي يذبحني؛ لأنني بطبيعتي أني إذا لم أنم كثيرا لا أستطيع العمل في هذا اليوم بشكل طبيعي وكامل.

أشكر لكم حسن استماعكم، وأتأسف مرة أخرى على إطالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فلا شك أن إدمان الترامادول أصبح الآن يمثل مشكلة كبيرة جدا وسط الكثير من الناس للأسف، هذا الدواء رغم أنه دواء طبي، وله فوائد لبعض المرضى، لكن قد يساء استخدامه، ودخل فيما يمكن أن نسميه السوق السوداء -السوق الظلامية- لتناول المخدرات، وبكل أسف ما يشاع عن هذا الدواء ليس صحيحا، فتحسينه للأداء الجنسي -كما يقولون- هذا لم يثبت أبدا، لكن يجب أن نعترف أنه يخفف الآلام الجسدية، وكذلك النفسية بشكل واضح، ومن مشاكله الكبيرة أنه يؤدي إلى التحمل أو الإطاقة، ولا شك أنه دواء استعبادي، يستحوذ على الإنسان تماما، وهذه هي المشكلة الحقيقية.

بالنسبة لما ذكرته حول الترامادول: أنا أقول لك أنك إذا عزمت وفعلا وكانت لك إرادة وقوة للتوقف عنه، هذا ليس مستحيلا، اتركه تدريجيا، أنقصه بمعدل حبة واحدة في اليوم، ومارس الرياضة بكثرة في هذه الفترة، وابتعد عن مصادر التمويل، مصادر الحصول على الترامادول، يجب أن تجففها، هذه مهمة جدا، اقطع علاقتك وصلتك تماما مع الأنداد، ومع الزمر ومع الرفاق، ومع التجار الذين يمولونك بهذه المادة.

لا بد أن تنقل نفسك إلى بيئة مخالفة تماما، ولا بد أن تفضح نفسك بنفسك، بمعنى ألا تكون هنالك أي مبررات مثل النكران، وتخفيف وطأة الأمر، لا، الأمر جلل جدا، والأمر خطير جدا، والأمر يجب أن يتخذ فيه قرار عاجلا وهاما، وهو قرار العلاج، ويجب أن تطبق هذا، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: أنا لدي قناعات كبيرة أن المدمن على مادة معينة يمكن أن يتوقف، لكن الأفضل أن يكون تحت إشراف علاجي، لأن المدمن مريض، نحن كأطباء لا ننظر إليه كمنحرف، ولا ننظر إليه كمجرم، المجتمع يراه منحرفا، القانون يراه مجرما، لكننا نحن في الطب النفسي نراه مريضا، والمرض يتطلب التدخل الطبي.

أنت ذكرت أنه من الصعب عليك أن تقابل طبيبا نفسيا، لا أعتقد أنه توجد استحالة حقيقية في هذا الأمر، أنت رجل تملك شأن نفسك، ولك الحرية الكاملة، أنت تذهب إلى مرافق العلاج، وأنا أؤكد لك أن الإدمان لا يعالج إذا لم تكن مساعدة طبية، والطبيب سوف يوجهك إلى برامج تأهيلية معروفة ومحكمة، وسليمة.

وفي نفس الوقت يجب أن تجد بدائل، مثلا: الانضمام إلى جمعيات المتعافين، هي جمعيات معروفة وموجودة في كل الدول، وتساعد كثيرا في التخلص من عملية التشوق للمخدر، أن تجتهد في عملك، أن تمارس الرياضة، أن تحرص على صلاتك في المسجد، هذه كلها بدائل علاجية مهمة جدا.

لا يمكن أن تأخذ الترامادول من نفسك، وتترك نفسك هكذا، سوف ترجع له، أنا لست متشائما، ولكن التجارب أثبتت ذلك.

بالنسبة لما ذكرته من أنك تعاني من مرض الفصام: أحترم وأقدر وجهة نظرك، لكنني قد أقبلها، لأنني لا أود أبدا أن يشخص الناس أنفسهم بأنفسهم، الفصام مرض ليس بالسهل، نعم، هنالك مكونات، ومعايير تشخيصية، لكن يجب أن لا يترك الناس لوحدهم يشخصون أنفسهم، وأنا لا أعتقد أنك تعاني من الفصام، لسبب واحد: لأن الذين يعانون من الفصام هم لا يدركون أنهم مرضى، وهذه حقيقة مهمة جدا.

فلا تقدم على تناول الرزبريادال، أو غيره من الأدوية المضادة للذهان، إلا بعد أن تقيم حالتك تقييما دقيقا بواسطة الطبيب، حتى وإن كنت لا تستطيع الذهاب، لكني لا أشجع أبدا أن تتناول علاجا مضادا للذهان دون أن يكون هنالك تأكيد بأنك تعاني من الذهان، وربما يكون الفصام الذي تصورت أنه فصام ناتج أصلا عن تناول الحشيش، حيث إنه يؤدي إلى أفكار (زوارية) اضطهادية بارونية، فهي من صفات الفصام، ولكن ليس من الضروري أن تكون هي الفصام ذاته، فالفصام له مكونات كثيرة، ومعايير أخرى لا تخلو من التعقيد، وحتى الطبيب يجب ألا يشخصه من جلسة واحدة إلا في بعض الحالات التي تكون فيها قناعات الطبيب، وما أمامه من أعراض وسمات، وسجايا للمرض، لا تدعو لأي شك، ولا تؤخذ إلا بدرجة اليقين.

إذن هذا هو الذي أنصحك به، وأنا حقيقة أعجبت جدا برسالتك، فهي رسالة طيبة، والطريقة التي نسقت بها لا أعتقد أنك تعاني من الفصام، وهذا أيضا شيء أفرحني كثيرا، وعليك أن تأخذ بما ذكرته لك، وأقول لك أن العلاج موجود، وأن الشفاء موجود -إن شاء الله تعالى-.

أنت لم تذكر عمرك، لكني أتخيل أنك في مرحلة الشباب، هنالك أشياء كثيرة جدا يمكن أن يدمنها الإنسان، أشياء طيبة جدا في الحياة، افتح صفحة جديدة مع نفسك، وكن متفائلا، وكن حازما مع نفسك، وكما ذكرت لك: افضح نفسك لنفسك، وطهرها تطهيرا تاما، وأنا أؤكد لك أنك سوف تجد أن الدنيا قد فتحت أمامك، وأصبحت سعيدا ومتفائلا، ونافعا لنفسك ولغيرك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونأسف على عدم قبول الاستشارات في بعض الأحيان، وذلك -كما ذكرت أنت- لضيق المجال، والوقت، وحصر العدد.

مواد ذات صلة

الاستشارات