السؤال
أنا فتاة عمري 24 سنة, قبل أربع سنين أحببت شخصا, وكنت أتكلم مع صاحبه على علم منه بغرض أمور عادية, وبعد فترة تركنا بعضنا لأسباب, أو بالأصح دون أن أعرف السبب, وكنت أتحدث مع صاحبه حتى أعرف أخبار الرجل الذي كنت أحبه, وخلال فترة لا تزيد عن شهر أحبني صاحبه ووعدني بالزواج, وقال لي: إن حبيبك لم يتخلص من صورتك, ولكنه وضعها عندي فلا تخافي.
وبعد فترة رجع الشخص الأول واستدرجني بالكلام, حتى أخبرته عن رغبة صاحبه في الزواج مني, وقال: هذا يخدعك, وهو يحب النساء ولا يشبع, وقال: أريد أن تطلبي منه أن يخطبك هذا الأسبوع, فإن رفض فهذا يدل على كذبه, وفعلا رفض, وبعدها قال لي: أريد أن أجلس معه, وأقول له: إني لا أريد فلانة, فما رأيك أنت فيها؟ فكان رده: حتى أنا لا أريدها لأنها ليست جميلة, وقال لي: أريدك أن تتكلمي معه كما تتكلمين دائما, وأنا سأسجل كلامه؛ لأنني أريد أن أذهب إليه لآخذ صورتك منه, وإن انكشف الأمر فسأفضحه بالتسجيل, وفعلا ذهب وأخد الصور, وانقطعت عنهما الاثنين, ولم أستطع نسيان ما حدث, وأصبحت في صراع:
من المحق ومن الصادق ومن الكاذب؟ وهل أخطأت في حق الشخص الثاني لأنني فضحته أمام صاحبه؟ لأنه ليس بينهم أي تواصل الآن.
وبعد هذا اتصلت واعتذرت من الاثنين, وقال الثاني: أنا مسامحك, وقد نسيت الموضوع, لكني لم أتوقع أن تفعلي ذلك, وكنت جادا معك, لكنك فجأة طلبت أن أخطبك, وعندما سألني صاحبي: هل أريدك أم لا؟ كنت محتاجا وقتها أن أفكر بطريق, وأقول له: إني أريد الزواج منها.
أرجوكم ساعدوني, فأنا لا أريد اللوم, واعلم أني تائبة, لكن ماذا علي أن أفعل حتى أعرف الحقيقة لأنني لا زلت في صراع؟
وهل علي فعل شيء كالاعتذار من أي منهم؟ لأن الأول عندما عرف الموضوع بأن قلت له: إن صاحبه أحبني لم أقل له إني أحببته أيضا, وهذا ظلم فكيف أزيله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محتارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، وأرجو أن تعلمي أن الظلم الواقع كان منك على نفسك، فتوبي إلى الله تبارك وتعالى، وابتعدي عن مثل هذه العلاقات، واجتهدي في طي هذه الصفحة إلى الأبد، وتخلصي من كل ما يذكرك بكلا الرجلين، فإن الأمر من بدايته لم يكن على صواب, ولم يكن على خير، واجتهدي دائما في أن تتفادي الكلام مع الرجال، أو إعطاء الصور لهم؛ لأن هذا مزلق خطير، ومنهم من يبتز الفتاة بعد ذلك بما أخذ من صورها, أو بما سجل من كلامها، فتعوذي بالله من شياطين الإنس والجن.
واعلمي أن الفتاة مثل الثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، وأنت - ولله الحمد - عفيفة طاهرة غافلة صالحة، لا تفكرين في الشر, ولا تفكرين في السوء، فابتعدي عن الشباب؛ فإن فيهم ذئابا، وحاولي دائما ألا تقبلي بأي علاقة لا تكون في وضح النهار بغطاء شرعي بمعرفة أسرتك, والإنسان الذي يطلب العفاف يبدأ العلاقة بطرق الباب، لا بالعلاقة مع الفتاة، فإن العلاقة الصحيحة تبدأ بأن يأتي البيوت من أبوابها، ثم يقابل أهل الفتاة الأحباب، ثم يأتي بأهله، ثم يطلب النظرة الشرعية، وإذا حصل التوافق وحصل الميل وحصل القبول وحصل التعارف بين الأسرتين، وكان رجلا صاحب دين، فإن الفتاة عند ذلك تكمل مشوارها.
أما إذا لم يكن كذلك فينبغي أن تنقطع العلاقة بهذا الوضوح، ونحذرك من محاولة الرجوع لمثل هذه العلاقات، فإن بعض الشباب إذا رجعت إليه الفتاة حتى وإن كانت على سبيل الاعتذار فإنه يتخذ ذلك سبيلا لمزيد من التواصل معها، وأنت - ولله الحمد - عندك نفس لوامة، وأنت مثالية، فلم يقع منك ظلم على أحد، فهم أخطؤوا في حقك، وأنت لم تقصري في المشاركة في الأخطاء، فلا تحملي نفسك فوق طاقتها.
واعلمي أن هؤلاء الشباب فعلا كما قال لك أحدهم: إنه نسي الموضوع تماما؛ لأن مثل هذه المواقف تمر عليهم مرارا، واحمدي الله تبارك وتعالى الذي أنقذك وأخرجك من هذه الورطة قبل أن تمضي في هذا الطريق, وتدخلي في هذا النفق المظلم، واجعلي من هذا الموقف سببا للتوبة النصوح، والانتباه لما يحصل من هذه الأخطاء، فإن المؤمنة لا تلدغ من الجحر الواحد مرتين، فاحمدي الله تبارك وتعالى الذي يسر لك سبيل الخلاص، والذي أنقذك من أولئك الرجال وأولئك الشباب، وحاولي دائما أن تبحثي عن الصالحات وعن الفاضلات لتكوني إلى جوارهن، فإن الفتاة تحتاج إلى نساء صالحات يرشدنها وينصحنها؛ لأن الإسلام لا يعترف بأي علاقة بين الرجل وأي امرأة أجنبية.
والرجل الأجنبي هو: كل من يجوز له الزواج من المرأة، يعني ما عدا المحارم، فالإسلام لا يعترف بعلاقة بين رجل وامرأة إلا في إطار الزوجية, أو في إطار المحرمية، وما عدا ذلك من علاقات ومن أمور تتكون من نظرات أو بعض الاتصالات فهذا كله من المزالق الخطيرة التي نتمنى أن تنتبهي إليها في مستقبل أيامك، فإنك بذلك قد تضيعين مستقبلك، فلا تعبثي بمثل هذه الأمور.
واعلمي أن قلب الفتاة ينبغي أن يكون عامرا بالتوحيد, والطاعة لله تبارك وتعالى، وما ينبغي أن يدخل هذا القلب حب رجل إلا إذا كان هذا الحب على كتاب الله وعلى سنة النبي - صلى الله عليه وسلم – وفي غطاء شرعي، ومن أجل الرغبة في بناء أسرة تسجد وتركع لله تبارك وتعالى، وعند ذلك أيضا ينبغي أن يكون ذلك – كما قلنا – وفق المراسيم والضوابط التي جاء بها هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان, ثم يرضيك به، وأن يهيئ لك الزوج الحلال الذي يعينك وتعينيه على أمر الدين، ويعينك وتعينيه على العفاف والخير، هو ولي ذلك, والقادر عليه، وحتى يحصل ذلك: فوصيتنا لك تقوى الله تبارك وتعالى، ووصيتنا لك باللجوء إلى الله، ووصيتنا لك بالستر على نفسك، ووصيتنا لك بالصبر حتى يأتي الفرج من الله تبارك وتعالى، ووصيتنا لك بالمحافظة على أسرارك؛ فإن الإنسان إذا أخرج سره أصبح ملكا لغيره، ووصيتنا لك أن تشتغلي بحفظ القرآن، وأن تحشري نفسك في زمرة الصالحات، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.