أعيش في بيئة جامعية محبطة رغم تفوقي الدراسي، فما توجيهكم لي؟

0 440

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأثابكم الله على ما تقومون به من حل لمشاكلنا نحن الشباب, جعله الله في ميزان حسناتكم.

أنا فتاة أعمل معيدة في إحدى جامعات بلدي, فقد تم اختياري أنا وبعض من زميلاتي للعمل كمعيدات في كليات مختلفة في الجامعة بعد أن حصلنا على المراكز الأولى في دفعاتنا والحمد لله، وقد بدأت بإكمال دراسة الماجستير في جامعتي قبل أن تمر سنة من تعييني, لأن أهلي لم يوافقوا على إكمال الدراسة في الخارج، أما بقية زميلاتي فلا زلن يبحثن عن قبول في الجامعات الأجنبية.

المشكلة هي أن دراسة الماجستير في الجامعة ليست قوية جدا على الرغم من أنني أدرس تخصصا علميا باللغة الإنجليزية, فكل الطالبات والطلبة الذين يدرسون معي هم إداريون بالأصل : يعني هدفهم هو الحصول على شهادة ليرتقوا في وظائفهم, ولكنني أنا الوحيدة الأكاديمية التي أكمل دراستي في الجامعة.

المشكلة تكمن أن المحاضرين في الجامعة يحبطون الطلاب، فنحن نعيش في بيئة محبطة مهلكة قاتلة للتفكير والإبداع، فدائما يشعروننا بأن مستوانا متدن جدا، ويقارنوننا بجامعاتهم وطلابهم في الدول الأجنبية.

أنا مقتنعة أن مستوى جامعاتنا متدن جدا، لهذا السبب لا يوجد مقارنة بين طلابهم وطلابنا، فقد درسنا نحن الأساسيات ولم نتبحر كثيرا في الدراسة الجامعية، فهذا شيء طبيعي أن يكون مستوانا لا يقارن بمستوى طلابهم في الماجستير، فنحن ثمرة وحصيلة الجامعة، فهذه نتيجة وحصيلة ما تعلمناه منهم هؤلاء المحاضرين في الجامعة.

تخيلوا نحن نسمع عبارات الإحباط والمقارنة يوميا، ولكن الغريب في الأمر أن الطالبات والطلاب الذين يدرسون معي لا يكترثون بعبارات الإحباط، عندما تنتهي المحاضرة يذهبون إلى أعمالهم سواء أكانت في الجامعة أم خارجها وكأن شيئا لم يحدث, أما أنا فأبقى طوال الوقت محبطة ومتضايقة منهم، أشعر أن كل عبارة محبطة تدخل كالسهم المسموم في داخلي، يمكن لأن وضعي يختلف عن باقي الطلبة.

فالمحاضرون هم أساتذتي وفي نفس الوقت هم زملائي في العمل، فمكتبي قرب مكاتبهم وأنا أحضر الاجتماعات معهم لأني أكاديمية، والمشكلة أنهم يتكلمون عنا نحن طلاب الماجستير أمام بقية المحاضرين وفي الاجتماعات، وينقلون ما يحدث في الصفوف الدراسية لبقية زملائهم مما يزيدني إحباطا، وبعض المحاضرين يقولون لا نلمهم فهم ضحية لهذه الخطط الدراسية التي وضعتها الجامعة، ومنهم من يقول ما هذه الدراسة؟ فالماجستير لا يدرس بهذه الطريقة، وأنا أسمع وأسمع، فلو كنت صخرة لأصبحت فتاتا.

فهذا أثر على نفسيتي كثيرا حتى أنني أصبحت أكره أن أصحو الصباح لأذهب إلى الجامعة، لأني ذاهبة إلى مكان يملؤه الإحباط والمقارنات، مما جعلني أشعر أنني أقل عن البقية، أشعر أنني صغيرة جدا أمام الأساتذة، وأقل عن باقي الموظفات، فعندما أقارن نفسي بالإداريات والسكرتيرات في الكلية أرى أنني أقل منهم على الرغم من أن وظيفتي وراتبي أعلى منهن.

دائما تأتيني أفكار أن أهلي ظلموني عندنا منعوني من السفر، فأنا أريد أن أخرج من هذه البيئة المحبطة لأتعلم العلم الحقيقي، وأتعلم في بيئة يملؤها التفاؤل والتحفيز، وأتعلم الماجستير بمواده الصعبة وبحوثه، وليس ما ندرسه من لعب وتمضية وقت. فعلا أنا أشعر بالغيرة عندما أجد زميلاتي يبحثن عن القبول في الجامعات الأجنبية، وأقول داخل نفسي كم هن محظوظات فسيحصلن على شهادات عالية ويتقن اللغة الإنجليزية، وسيكون لهن شأن كبير، فللأسف جامعتنا تحترم موظفيها وأساتذتها على حسب شهاداتهم ومن أين حصلوا عليها.

أنا لا أنكر أن جامعتي تبعد عن بيتنا فقط نصف ساعة أقطعها بالسيارة، وأحصل على راتب عال والحمد لله، وأعيش مع أهلي عيشة هنيئة، فأنا أعيش في نعمة والحمد لله، ولكن عندما أقارن هذه النعم بدراسة الماجستير في الخارج، وكيف سيكون لي شأن إذا حصلت عليها من الخارج، فسترجح الكفة الثانية.

الجامعة أعطتني فرصة ثانية، وهي بإمكاني أن أقطع دراسة الماجستير وأكملها في أي دولة أختارها بنفسي، ولكن أهلي لم يرضوا وأصروا على إكمالها في الجامعة، فهم يقولون ليس المهم الآن الماجستير؛ فهي فقط خطوة للوصول إلى الدكتوراه، أما الدكتوراه فستكملينها في أي دولة تريدينها عندما يكون لديك أسرة مستقلة.

ما هو توجيهكم لي؟ هل فعلا أن إكمال الدراسة في الجامعة هو الخيار الأفضل لي؟ وكيف أستطيع أن لا أكترث وأن لا أتأثر بالبيئة المحبطة القاتلة التي نعيشها في الجامعة؟ وهل أستطيع فعلا إذا ثابرت لوحدي وبالتعلم الذاتي أن يصل مستواي مثل صديقاتي اللاتي سوف يدرسن في الخارج؟

أثابكم الله على توجيهاتكم، ووفقكم الله دائما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فأشكر لك رسالتك، والذي أؤكد لك أنني قد اطلعت عليها بكل تفاصيلها، وقد أعجبتني جدا. أعجبني درجة الطموح العالي لديك، والهمة الأكاديمية والعلمية، وأسأل الله تعالى أن يزيدك علما ونورا.

أنا أتفهم الإحباطات التي قد يتعرض لها الأكاديمي في مكان عمله أو دراسته، وهذه الظاهرة متواجدة بكل أسف في بلداننا العربية على وجه الخصوص، لأن طريقة التعليم جاء فيها الكثير من النواقص، والمزعج حتما هو ما يصدر من بعض الأساتذة، والذي أعيبه عليهم – مع احترامي الشديد لهم – هو التعميم، لا يمكن أن تحكم على جامعة بأكملها، لابد أنها قد أسست وقامت على ضوابط مهما كان مستوى هذه الجامعة، فأن يحكم على الجامعة بأنها جامعة ضعيفة أو مستواها الأكاديمي هابط أعتقد أن هذا التعميم تعميم خاطئ، فمهما كان وضع الجامعة فإنه يوجد طلاب لهم المقدرة المعرفية والرغبة الأكاديمية ويمثلون حقيقة فئة متميزة تبحث عن التميز والتفوق والإجادة فيما يقومون به من دراسة أو بحث.

فأرجو أن تخرجي نفسك تماما من الانصياع لهذه التعليقات التي هي في الأصل تعميمات عامة، أو تعليقات سلبية، لا يمكن أن نقول أنها تشمل كل الطلاب، هذا أمر ليس صحيحا، والجامعات تخضع لمعايير قياس الجودة، ولابد أن في بلدك هنالك ضوابط وإدارة التعليم العالي حريصة جدا على أن تكون هنالك نوع من الرقابة على هذه الجامعات وطريقة القبول، هذه الشروط شروط أساسية، وأنا متأكد أنها مطبقة على هذه الجامعة.

أنا حقيقة أميل لأن تكملي دراسة الماجستير في هذه الجامعة، وهذا لا يعني أن ما تتحصلين عليه من مؤهل ومعرفة سوف يكون ليس ذو قيمة أو جدوى، هذا ليس صحيحا، كل معرفة سوف تفيد، والأمر حقيقة بيدك بدرجة كبيرة، الآن الوسائط التعليمية كثرت جدا، والطالب المجتهد والباحث المتقن يستطيع أن يطور من ذاته دون أن يعتمد الطريقة التلقينية في التعليم.

فأرجو أن تأخذي موضوع الماجستير بجد، وتتوسعي في بحوثك، وتتميزي في هذا المجال، وبعد ذلك يمكنك أن تذهبي وتدرسي الدكتوراه في أي جامعة أخرى، وأعتقد أن أهلك سوف يكونون أكثر اطمئنانا، ولا شك أنهم يثقون بك ثقة مطلقة، لكن بعد أن تنهي دراسة الماجستير وأنت بالقرب منهم هذا سوف يعطيك فرصة أكبر للنضوج الأكاديمي والمعرفي وتطوير المهارات الاجتماعية، وهذا أمر متفهم في مجتمعاتنا، فأرجو ألا تنزعجي أبدا، أرجو أن تعدي العدة لدراسة الماجستير، ومن وجهة نظري الآفاق - إن شاء الله تعالى – سوف تفتح أمامك، وأقول لك مرة أخرى: استفيدي من كل الوسائط التعليمية المتاحة.

وانظري علاج الإحباط سلوكيا: ( 234086 - 259784 - 264411 - 267822 ).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات