السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه لخدمة المسلمين.
أنا محمد وعمري 16 سنة, أسمر اللون, بعض الأصدقاء يسخر مني ويسميني ببعض الأسماء, وأنا لا أستطيع الدفاع عن نفسي, أعجز عن الرد عليهم, وإن ضربوني لا أرد عليهم بالمثل, وهذا يؤثر علي ويؤثر على دراستي, مللت من الحياة, ولا أستطيع العيش هكذا, كلما قلت نويت الدفاع عن نفسي في المرة القادمة لا أدافع وأعجز.
ولدي مشكلة أخري أيضا وهي العادة السرية التي لا أستطيع تركها أبدا, كل يومين أو أسبوع أفعلها, وكل مرة أيضا أقول إني تبت توبة نصوحة, ولكن لا أستطيع الإمساك بنفسي.
المشكلة الثالثة والأكبر التي لدي هي أني أصلي, وأصلي الفجر في المسجد, وأصلي جماعة, وأحافظ على الصلاة, ولكن لا أشعر بالإيمان في قلبي, بمعنى أني إذا دخلت في الصلاة لا أشعر بالإيمان نهائيا,بخلاف وأنا صغير, كنت أحس بحلاوة الإيمان في قلبي.
أرجو الرد علي لحل هذه المشاكل التي عكرت صفو حياتي, وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم. كما نسأله تبارك وتعالى أن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلك من المتميزين المتفوقين في دراستك، الذين يرفعون راية الإسلام، ويرفعون شأن بلادهم، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك – ابني الكريم الفاضل – فإني أولا معجب بشخصيتك، أنك رغم صغر سنك إلا أنك تتحرى الحلال والحرام، وتبحث عن الحق، وتريد أن تكون في غاية الالتزام مع الله تعالى، وهذه من فضل الله تعالى نعمة عظيمة من نعم الله تعالى عليك، أسأل الله سبحانه أن يثبتك على الحق، وأن يزيدك توفيقا وسدادا، وأن يدفع عنك كل سوء – يا ولدي -.
أنا سعيد جدا بك، وفخور فعلا بهذه النعمة التي أكرمك الله تبارك وتعالى بها، وأسأل الله عز وجل أن يديمها عليك.
وأما عن هذه المسألة مسألة شعورك بالضعف نظرا للون بشرتك، فأنا أرى أن هذا أمر علاجه سهل، فالمشكلة تكمن فيك أنت شخصيا، أنت تشعر بأنك ضعيف وأن هذا اللون الأسمر يجعلك أقل مستوى من إخوانك، هذا الشعور في حد ذاته هو الذي يجعلك تشعر بهذا الضعف وهذا الهوان أمام إخوانك، ولكن لو وضعت هذا جانبا ونظرت إلى الجوانب الرائعة الأخرى التي أكرمك الله تبارك وتعالى بها لوجدت أن أمامك فرصا كثيرة جدا تستطيع بها أن تتميز على هؤلاء الذين يهزؤون بك أو يسخرون منك.
أنت تركز فقط على نقطة الضعف وتشعر بأنهم يعاملونك بطريقة دونية على سمرة بشرتك، وهذا في الواقع خطأ، لأنه كثير من الشباب أيضا ألوانهم بيضاء وعلى قدر من الجمال, ولكن شخصيتهم ضعيفة, يجعلون كل من يتعامل معهم يسخر بهم ويهزأ منهم، فإذن القضية ليست قضية لون – يا ولدي – وإنما القضية قضية الثقة في النفس، أنت ليست لديك ثقة في نفسك، لأنك تشعر أن لونك هذا سبب لك نوعا من الضعف، وهذا خطأ، والذي ينبغي عليك أن تركز عليه الجوانب التي أكرمك الله تبارك وتعالى بها، وهي جوانب عظيمة جدا، هذه الجوانب هي التي ينبغي أن تركز عليها، لأن الله سبحانه وتعالى عندما أعطاك هذا اللون أعطاكه لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى جل جلاله.
فلا ينبغي بارك الله فيك أن تنظر إليه على أنه ضعف، وإنما ينبغي عليك أن تنظر إلى الجوانب الرائعة التي أكرمك الله بها كحسن الخلق والتميز العلمي، وكذلك أيضا الصحة التي أكرمك الله تبارك وتعالى، وكثير من الشباب مرضى يحتاجون إلى – يتمنون – لحظة واحدة من لحظات الصحة والعافية، وأنت قد أكرمك الله تبارك وتعالى بذلك.
فأتمنى إذا أراد أحد أن يستهزئ بك أو يمزح معك بيده بأن تمسك يده وأن تقول له (لو سمحت لا تفعل هذا مرة أخرى) هذه تحتاج منك إلى قرار واحد، لو استطعت أن تفعل ذلك – ولدي محمد – مع شخص واحد لاستطعت أن تفعله مع كل الشباب الذين يتعاملون معك، لأن السمرة والبياض وغير ذلك هذه ليست علامات تميز بين الناس، فنحن لم نختر ألواننا ولم نختر طولنا, وكذلك لم نختر أنسابنا ولم نختر أجسامنا، فالذي أعطانا هذه الألوان إنما هو الله، وهو الذي قال: {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء} والذي أعطانا الأنساب أيضا - أنا ابن من؟ وأنت ابن من؟ - هذه أيضا من الله سبحانه وتعالى، لا دخل لي فيها ولا دخل لك أنت فيها.
كذلك أيضا الجنسية والمواطنة، الذي أعطاك الجنسية التي تحملها والبلد الذي ولدت فيه، هذا كله من الله لا دخل للإنسان فيها، فلا ينبغي أبدا أن يكون هذا عائقا، ولا ينبغي أبدا كذلك أيضا أن تكون نظرتي إليها على أنها شيء حقير أو دنيء، هذا بالعكس، بل إني عندما أعلم أن الله تعالى قد قدر لي ذلك فالله ما قدر لي إلا الخير، وينبغي علي أن أرضى، لأن هذا ليس عيبا، فهناك بلال بن أبي رباح الحبشي كان شديد السمرة، وهذا لم يمنعه أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال له: (إني سمعت دف نعليك في الجنة) وكثير من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم – والخيار من كبار العلماء وأئمة العالم لم يقف سواد بشرتهم أمام إنجازاتهم، ولا أدل على ذلك من أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أنت تعلم أن أصله إفريقي، ولكن أصبح قائدا لأكبر دولة وأعظم دولة في العالم.
فإذن نظرتك هذه هي السبب، أنك تعتقد أن سمرة اللون هي السبب في ذلك، ولكن أنا أقول بالعكس، أتمنى أن تجعلها حافزا لك لكي تتميز على أقرانك وتتفوق عليهم، وأتمنى - كما ذكرت لك - أن تنظر في الجوانب الخيرة التي أكرمك الله تبارك وتعالى بها، وأن تركز عليها.
ولكن الذي أريده فقط عندما يريد أحد – من الآن – أي شاب يريد أن يمد يده إليك، أمسك يده وقل له: (لو سمحت، من فضلك لا تكرر هذا، لأني لا أريد أن أخسرك، ولا أريد أن نزعل من بعض) وبذلك تضع حدا أمام هذه التصرفات التي تزعجك.
فيما يتعلق بالعادة السرية وعدم الشعور بحلاوة الإيمان: هناك علاقة كبيرة – يا ولدي – ما بين المعصية وبين حلاوة الإيمان، فإن العادة السرية هي التي أدت إلى حرمانك من حلاوة الإيمان، ولذلك أنا أتمنى أن تأخذ قرارا أيضا بالتوقف عن العادة السرية حتى يرجع إليك حلاوة الإيمان الذي كنت تجدها وأنت في صغرك، لأن الله تبارك وتعالى جعل حلاوة الإيمان مكافئة لأهل الإيمان، وأنت عندما تفعل هذا بذلك تفعل فعلا من أفعال أهل الكفر، لأن الإيمان له شعب والكفر له شعب، فمن شعب الإيمان الصدق، ومن شعب الكفر الكذب، وأنا لا أقول بأن الذي يفعل ذلك يكون كافرا، ولكن يفعل فعلا من أفعال الكفار والعياذ بالله، وهو معصية الله تبارك وتعالى.
فعليك – ولدي – بالتوقف عن العادة السرية، وأتمنى أن تراجع الاستشارات التي تتكلم عن آلية التوقف، وهي برقم: (227041 - 1371 - 24284) وأن تتقي الله تعالى في نفسك وتراقبه في السر والعلانية، وأن تسأله خشيته في الغيب والشهادة، وقول الحق في الرضا والغضب، وعليك بالطاعة وكثرة السجود والقيام لله تعالى، فإنه نور يظهر على وجه صاحبه وإن كان شديد السمرة والسواد، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.