السؤال
السلام عليكم.
الدكتور محمد عبد العليم:
ابنتي تبلغ من العمر 10 سنوات وستة أشهر، حصل لها تشنجا في شهر مارس 2012 ، وكانت صدمة كبيرة لنا وفاجعة؛ إذ أننا لأول مرة نرها بهذا المنظر المخيف إذ ابتدأت النوبة بصرخة، وهي نائمة ثم أتينا ووجدنا الفتاة تتشنج وتهتز اهتزازا عنيفا، وكأن الكهرباء مسكتها، وعيونها متوجهة للداخل، ويخرج اللعاب من فمها، وتعض باطن خدها، ثم ما لبثت إلا أن هدأت النوبة، ولكن كان لسان الفتاة ثقيلا، وكانت مشوشة، وقرأنا عليها بعض الآيات والأوراد وعادت -بحمد الله- لطبيعتها بعد 3 دقائق، ثم إنه حصلت لها نوبة أخرى في شهر يونيو 2012 ، وهي نائمة أيضا أي بعد 3 أشهر من النوبة الأولى، لكن كانت أشد قليلا من الأولى إذ أنه بعد انتهاء النوبة قامت الفتاة وكانت مشوشة، وكانت تريد الحمام -أكرمكم الله- إلا أن ألما جاء لها في ساقها وجعل ساقها تهتز لا إراديا مرتين، وهي واقفة، وكانت مؤلمة، ثم ما لبثت إلا أن أصبحت طبيعية، علما بأن حركات لا إرادية في وجهها كانت قد أتتها في صيف 2011 ، وكتبت لكم في حينها استشاره رقم 2117782 ولكنها اختفت في غضون أسابيع وأظن أن ذلك كله كان صرعا -والحمد لله- على قضائه وقدره وتدبيره، ثم إني ذهبت بها لاستشاري المخ والأعصاب خاص بالأطفال عندما حدثت لها النوبة في المرة الأولى، وقال سوف نأخذ تخطيط مخ، وفعلا أخذه وكانت الفتاة مستيقظة وكان -بحمد الله- سليما، ثم لما حدثت النوبة الثانية قال نريد أن نأخذ لها تخطيطا وهي نائمة وقد نأخذ لها أشعة رنين مغناطيسي، لكني وجدت صعوبة في أن أجلبها للمستشفى عند نومها إذ أن التخطيط يكون مغلقا عند نومها ( التخطيط من التاسعة صباحا حتى التاسعة ليلا) لكن قال لي أنه يظن أنه نوع من الصرع حميد، ويسمى (رولاند ) يأتي من هم في سنها أحيانا، ويذهب أثناء المراهقة ما بين 13 و 16 سنة، أتضرع لله ألا يحدث لها مرة أخرى.
قال الدكتور لن نعطيها أي دواء في هذه الحالة؛ لأن النوبات متباعدة؛ ولأن الدواء كما قال رحلة من الشوك والعذاب والألم.
علما بأن ابنتي ذكية ورائعة وحساسة وحنونة، وأكلها -بحمد الله- جيد ونومها جيد، ومهاراتها جيدة في المدرسة، لكنها تكثر من لعب البلاي ستيشن، وقد حصل لها أن مرضت كثيرا أثناء طفولتها، وأتتها حرارة عالية لعدوى أو انفلونزا، وكان عندها خلع ورك ولادي عندما كانت صغيرة سنة وثلاثة أشهر، وعملت عمليتها آنذاك.
أريد رأيكم يا دكتور محمد ماذا نعمل الآن؟ وماذا تقترح في هذه الحالة؟ وهل إجراء التخطيط وهي نائمة يستلزم أن يعطوها منوما؟ وهل يكون التخطيط صحيحا بعد إعطاء المنوم؟ وهل لأشعة الرنين فائدة في هذه الحالة؟ وهل لها ضرر على الطفل؟
أخيرا إذا كان هناك علاج فماذا ترشح من أدوية الخط الأول؟ أريد دواء يكاد يخلو من الأعراض الجانبية أو أعراضه قليلة جدا حتى ولو كان غالي الثمن.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائلة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن هذه الطفلة – حفظها الله – النوبة الأولى التي حدثت لها هي نوبة صرعية، ولا شك في ذلك، والصرع أصلا يشخص من خلال الوصف، وإذا كان الوصف دقيقا،و الكثير من الأطباء يقومون ببدء العلاج على ضوء ذلك، لكن هنالك مدارس أخرى ترى أن العلاج يجب ألا يبدأ إلا بعد النوبة الثالثة حتى وإن كان تخطيط الدماغ سليما.
هنالك أمر آخر مهم: وهو أن النوبات النومية – أي التي تأتي في أثناء النوم – لا شك أنها أقل خطورة من النوبات التي تأتي في وقت الاستيقاظ، وكما ذكر الطبيب في الغالب تنتهي تلقائيا.
أنا أقدر مشاعرك حول ابنتك، وهذا أمر مفهوم، وأقول لك: لا تنزعجي، كوني عملية جدا، والأمر يتطلب منك: إذا حدث – لا قدر الله – نوبة ثالثة لهذه الطفلة فلابد أن تبدأ في تناول العلاج، حتى وإن كان تخطيط الدماغ سلبيا.
تخطيط الدماغ يكون سلبيا إذا كان الطفل نائما، أو مستيقظا، وفرص أن يكون التخطيط إيجابيا تزداد إذا قمنا بهذا التخطيط مباشرة بعد النوبة، أما إذا تباعد زمن ما بين النوبة وإجراء التخطيط فهنا تكون احتمالية أن يكون التخطيط إيجابيا أضعف بكثير.
لذا نحن نرجع للقانون الأصيل في الطب النفسي والعصبي، وهو أنه إذا حدثت نوبة للطفلة – أي نوبة ثالثة – فهنا يجب أن تبدأ الدواء مباشرة، وأنا على ثقة تامة أن الطبيب الذي يشرف عليها هو طبيب مقتدر، وما أقوله هي معلومات بدائية جدا معلومة بالنسبة له، والأدوية كثيرة جدا، أدوية الخط الأول كثيرة، وهنالك الدباكين، وهنالك اللامكتال، وهنالك الكبرا، وهنالك التجراتول، كلها - إن شاء الله تعالى – أدوية مفيدة جدا.
الطفلة قد لا تحتاج لهذه الأدوية، لكني ذكرت ذلك من قبيل التحوط، لأنني لا أريدك حقيقة أن تطمئني نفسك دون أخذ الأمر بجدية، وهو أنه إذا حدثت نوبة ثالثة لهذه الطفلة فيجب أن تبدأ العلاج، وأنا متأكد تماما أن الطبيب سوف يوافق على ذلك، وكما ذكرت لك أن النوبات التي تأتي في أثناء النوم دائما هي نوبات أخف وأقل، حتى بالنسبة للكبار الذين تأتيهم النوبات في أثناء النوم يسمح لهم بقيادة السيارات، وهذا دليل قاطع أن هذه النوبات محصورة فقط عند ضعف الوعي والإدراك.
الطفلة بصفة عامة يجب أن تعامل معاملة عادية، أن تشجع، ألا نعاملها كمعاقة لأنها ليست معاقة بالفعل، أن تخفف قليلا من البلاستيشن، وأن تحرصوا أيضا في علاج الإنفلونزا وذلك بإعطائها البنادول أولا بأول حتى لا ترتفع درجة الحرارة.
بخلاف ذلك لا أعتقد أن هناك أي تحوطات مهمة في مثل حالتك.
بالنسبة لسؤالك حول التخطيط: هل إجراء التخطيط وهي نائمة يستلزم على المستشفى أن يعطونها منوما؟ .. نعم، غالبا تعطى منومات، وهذه المنومات التي تعطى يعرف عنها أنها لا تؤثر سلبا على التخطيط؛ لأن معظم المنومات هي في الأصل مضادات للصرع، لذا إذا كان المنوم من هذا النوع لن تكون هنالك فائدة، لكن الأطباء يعرفون هذه الحقيقة تماما، وإذا أعطي المنوم للطفل يكون من النوع المحايد الذي لا يجهض النوبات الصرعية إن وجدت.
الرنين المغناطيسي هو فحص ممتاز، وهو يطمئن الإنسان؛ لأنه هو الوسيلة التي يكتشف من خلالها الالتهابات الشديدة، أو الأورام – لا قدر الله – أو شيء من هذا القبيل.
الطفلة الحمد لله لا تعاني من شيء من هذا القبيل، أرجو ألا تنزعجي، المتابعة هي المطلوبة، وأسال الله لها العافية والشفاء والتوفيق والسداد.