الخوف من الموت والإحساس بأنني مريض يزعجني، فما تشخصيكم؟

0 1206

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي 17 سنة، منذ سنة تقريبا أتت لي حالة خوف من أني مريض في الصدر مرضا خطيرا، وأصبحت تأتيني حالات ضيق تنفس، وخوف، وعندما طمئنني الطبيب لم تذهب مني حالة الخوف الشديد، وشعرت بثقل في الرأس، وخفت أن تكون عندي أورام بالمخ، وطمئنني الطبيب أيضا، وتأكدت بأني لست مريضا.

وبعد كل هذه الحالات والخوف أحسست أني مكتئب، ولا أشعر بأي لذة في الحياة، وفقدت الرغبة الجنسية، وكل شيء كنت أحب القيام به لم أعد أحبه وتغير حالي، وأحسست أن فكري مشتت، وأصبحت أخاف من أشياء، مثل: الفراغ العقلي، وأني لا أجد شيئا أفعله، وحياتي فارغة، وأحس أني لن أستطيع التعامل مع الحياة بدون أبي، وأمي وعائلتي.

أحس أني لا أستطيع التفكير، وأصبحت أخاف من أن أفقد عقلي، وأن أصاب بحالة نفسية لن يستطيع أحد أن يعالجني منها، أو أن مرضي مرض نفسي جديد لا يوجد له علاج، وسوف أعيش بقية حياتي في هذا المرض، وتأتيني حالة أعتقد فيها أني أنسى كل شيء، وأطمئن نفسي، وأقول لها: إنني أتذكر أشياء مثل أسماء عائلتي، و ذكريات كثيرة ... الخ.

والآن أصبحت أشعر بشدة الخوف، والقلق، والرهبة، والخوف من أشياء غير مفهومة، أو لا وجود لها، مثل: أنه يوجد طنين في أذني وسوف يزداد، وأشعر بخوف شديد، وهلع وقلق وتدهور مستواي في الدراسة بعد أن كنت متفوقا، وأصبحت أواجه صعوبة في الحياة، وحياتي فارغة ليس لها معنى، وأحس بأن شخصيتي تغيرت، ولم أعد كما كنت، ولا أحس براحة البال، وأحس بأنه حدث تغير في البيئة التي أعيش فيها، وأنه سادها الاكتئاب والقلق والخوف.

أحس بأنني إنسان غير طبيعي, ويأتيني شعور بأنني إذا ذهبت لطبيب نفسي فلن أستطيع أن أوضح له ما أشعر به من خوف، واضطراب، وأنه لن يستطيع أن يعالجني، وأخاف أن تزيد علي شدة الحالة حتى تدفعني للانتحار، وهذا الذي يرهبني.

في النهاية: أريد أن أوضح أنني أشعر بأني مريض، أو أن عندي إحساس غريب مرعب لا يشعر به أحد في العالم غيري، وأصبر نفسي بالأدعية، وإقامة الصلوات، وأنا خائف جدا.

وأشعر أحيانا بأني لست مريضا، وكل هذه الأحاسيس لا معنى لها، وهي وساوس، ولكن بعدها بفترة تأتيني الأحاسيس.

وأنا أشعر بهذه الأعراض النفسية أيضا: الشعور بالانهيار الشديد، الخوف من الإغماء، الخوف من الأزمة القلبية، والخوف من الموت، الإحساس بالخطر المحدق أو الاختناق، والخوف من اقتراف عمل لا يمكن السيطرة عليه، والجنون، ومشاعر تبدد الشخصية، أو المحيط، وطوال هذه السنة كانت تأتيني أفكار أن هذا العالم ليس حقيقيا وخيالا، والناس غير حقيقيين، وأصبح لدي شعور بأنني لا أستطيع أن أركز في أي شيء يحدث حولي، وتأتيني حالات خوف شديدة لا أفهمها، وأحس أني لا أستطيع أن أصف ما أخاف منه لأحد، وأخاف إن أخذت دواء لهذه الحالة أن يؤثر علي فيما بعد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن رسالتك عكست وبصورة جلية كيف يمكن أن يبدأ القلق، وكيف يمكن أن يتطور، وكيف يمكن أن ينتهي بصاحبه.

الأعراض الأولى التي أتتك: الخوف من أنك مريض بالصدر، هو نوع من القلق النفسي، والثقل بالرأس ناتج أيضا من انقباض عضلي، لكنك حاولت أن تعطيه تفسيرات أخرى، وهو وجود أمراض، وبعد ذلك اطمأننت حين أوضح لك الطبيب، ويعرف أن درجة الطمأنينة والارتياح في مثل هذه الحالة قد تكون لفترة قصيرة، وبعد ذلك بدأت رحلتك مع الوساوس.

كل الأفكار والمخاوف التي ذكرتها هي ذات طابع وسواسي، وموضوع الفراغ العقلي، وأنك لا تستطيع أن تتعامل مع الحياة، وأنك سوف تصاب بحالة نفسية, ولن يستطيع أحد أن يعالجك، وهكذا... كل هذه الافتراضات التي أتتك في شكل مخاوف وسواسية هي من صميم القلق النفسي.

هذا كله بالطبع أدى إلى عسر في مزاجك، وتقلص في رغبتك؛ مما أثر سلبيا على تحصيلك الأكاديمي والدراسي، وهذا كله تبلور عنه المزيد من الإحباط.

ما وصفته هو صورة مثالية جدا لما يمكن أن نسميه بالتطور الارتقائي لعلة القلق النفسي.

إذن خلاصة الأمر: أنت تعاني من قلق المخاوف الوسواسية، وهذا نتج عنه اكتئاب ثانوي من الدرجة البسيطة، واطلاعك على التشخيص أعتقد أنه سوف يفيدك كثيرا؛ لأن هذه الحالات يمكن أن تعالج، وعلاجها ليس بالصعب، لكنه يحتاج لشيء من الالتزام؛ ولذا أنصحك بأن تذهب إلى الطبيب النفسي، وسوف يضع الطبيب لك خطة علاجية واضحة جدا تتسم بجلسات نفسية، وإعطاء بعض الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي.

ومن ناحيتي أقول لك: الأمر أبسط مما تتصور، فالقلق طاقة إنسانية مطلوبة، لكنها إذا تعدت الحد الطبيعي والإيجابي فإنها تنقلب على صاحبها, وتتولد منها الأعراض المرضية مثل ما حدث لك؛ ولذا يجب أن يسعى الإنسان في مثل هذه الحالة, ويكون مصرا أن يحول هذا القلق إلى قلق إيجابي، وذلك من خلال حسن إدارة الوقت، والإصرار على الإنجاز، والتعجيل بالإنجاز، وأن تكون الأنشطة متعددة تشمل كل مرافق الحياة من دراسة، وراحة، ورياضة, وتواصل اجتماعي، وترويح عن النفس، فهذه هي الأسس الرئيسية التي من خلالها يدار الوقت بصورة صحيحة، وهنا تبدأ الأفكار السلبية التلقائية القلقية الوسواسية في التساقط.

الأمر الثاني: ضرورة أن تحقر الفكر الوسواسي, فتحقيره يضيق الخناق عليه؛ مما يقلل من وطأته, وتأثيره عليك، فكن حريصا على ذلك.

ثالثا: الرفقة الطيبة الصالحة هي وسيلة ممتازة من وسائل صرف الانتباه عن القلق والمخاوف والوساوس.

رابعا: مشاركة الأسرة بفعالية، والتواصل والتراحم مع الأهل, وبر الوالدين، كلها مدخلات طيبة لتكون النفس طيبة، وحين تطيب النفس تفرج الهموم، ويحس الإنسان بالسلاسة والراحة، ومن ثم يكتمل البناء النفسي الصحيح - إن شاء الله تعالى-.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات