السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل دواء البروزاك أو أحد مشتقاته يسبب أعراضا جانبية، منها ندرة المحببات أو أي شيء يخص الدم والمناعة؟ وهل يؤثر على وقت الدورة الشهرية أو الإنجاب؟ وهل يسبب تضخم غدد الحليب وأعراضا أخرى كما في أعراض الانافرانيل؟
كما وأني أعاني من وساوس قهرية، حيث أشك أني مريضة أو سوف أمرض، هل أستطيع معالجة نفسي بدون دواء؟ وهل يفيد علاج الوساوس القهرية؟ والأهم هو: هل تظهر الأعراض التي ذكرتها؟
مع جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فادي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله، وبركاته، وبعد:
فسوف أبدأ الإجابة على سؤالك من حيث انتهيت، وهو أن الوسواس القهري مرض نفسي معروف، والوسواس القهري أصبح الآن يمكن علاجه، فالوضع قد اختلف تماما مما كان عليه الأمر قبل خمس وعشرين أو ثلاثين عاما، والفضل بعد الله تعالى يرجع لهذه الأدوية الحديثة الطيبة الممتازة السليمة، وذلك بجانب العلاج السلوكي.
العلاج الدوائي زائدا العلاج السلوكي هو الأفضل من حيث النتائج العلاجية، للدواء العلاجي وحده تميز في علاج الوساوس، لكن ينتكس المريض بعد التوقف من الدواء إذا لم يقم بالعلاج السلوكي، العلاج السلوكي وحده يفيد جدا في علاج الوساوس، لكن لا يصل بالإنسان إلى درجة الشفاء والكمال، كما أن الكثير من الناس لا يستطيعون مواكبة متطلبات العلاج السلوكي والالتزام به.
إذن الأمر واضح، وهو أن يتعالج الإنسان دوائيا وسلوكيا، وهذا هو الأفضل، العلاجات السلوكية في معظمها تقوم على تفهم طبيعة الوساوس، وتجاهلها، وتحقيره، والقيام بما هو ضده، وأن يعرض الإنسان نفسه لوسواسه دون أن يستجيب له، وفي بعض الأحيان تحلل الوساوس وتناقش، ولكن بعض الوساوس يغلق أمامها الطريق، لأن التحليل يؤدي إلى المزيد من التشويش وتعضيد درجة الوسواس.
بالنسبة لسؤالك حول البروزاك والذي يعرف علميا باسم (فلوكستين): هو من أفضل الأدوية التي عرفت على مر التاريخ لعلاج الوساوس القهرية، هذا الدواء دخل الأسواق عام 1988، ومنذ ذلك الوقت لازال بنفس فعاليته وقوته، ويعتبر مرجعية أساسية في الطب النفسي.
من حيث الأعراض الجانبية: البروزاك اشتهر بسلامته، وهذه أحد الأسباب التي أدت إلى ترويجه الكبير والشديد، لكن مثل أي دواء آخر لا يخلو من أعراض جانبية، أكثر أعراضه الجانبية انتشارا هي أنه قد يسبب عسرا في الهضم في الأيام الأولى لبداية العلاج، وهذه يمكن التخلص منها وتجنبها من خلال تناول الدواء بعد الأكل، وأن تبدأ الجرعة صغيرة ثم تبنى تدريجيا.
الدواء أيضا قد يؤدي إلى فقدان بسيط في الشهية في بعض الأحيان، لكن هذا يتلاشى أيضا بمرور الوقت.
قد يؤدي إلى زيادة اليقظة لدى بعض الناس مما يضعف النوم، وهذا يعني أنه من الأفضل تناول الدواء في أثناء النهار, في حالات نادرة – ونادرة جدا – قد يعمل حساسية جسدية، وفي بعض الناس قد يزيد درجة القلق والنشاط لديهم خاصة في الأيام الأولى للعلاج، لكن هذه حالات قليلة ونادرة جدا.
بالنسبة لموضوع الدم: البروزاك ليس له أي تأثير سلبي على الدم، ولا يؤثر مطلقا سلبيا على جهاز المناعة، ليس له تأثير على الدورة الشهرية، أو الإنجاب، بل على العكس تماما كثير من النساء اللواتي كان اضطراب الدورة الشهرية ناتجا عن القلق والاكتئاب بعد أن تناولن هذا الدواء – أو الأدوية المشابهة – انتظمت لديهن الدورة الشهرية، الدواء لا يسبب أي تضخم في الغدد التي تفرز البرولاكتين – أي هرمون الحليب -.
وقد أثير الكثير عن هذا الدواء فيما يخص المعاشرة الجنسية، فالأمانة العلمية تقتضي أن نقول أن البروزاك بالنسبة للرجال ربما يؤدي إلى ضعف بسيط في الرغبة الجنسية، هذا نادرا ما يحدث، وغالبا ما يكون تحت تأثير الجرعات العالية.
بالنسبة للنساء: أيضا الدواء قد يضعف الرغبة الجنسية بدرجة بسيطة جدا إذا كانت الجرعة أكثر من أربعين - أو ستين - مليجراما في أغلب الأحوال، والعوامل النفسية قد تلعب دورا كبيرا في ذلك.
أما بالنسبة لمتلازمة (ندرة المحببات) والتي يقصد بها النزول الشديد في كرويات الدم البيضاء مما يضعف مناعة الجسم، فهذا لا يحدث مع البروزاك، بمعنى آخر: البروزاك ليس من الأدوية التي تؤدي إلى نزول وقلة شديدة في كرويات الدم البيضاء، لكن يجب أن نكون في جانب التحوط، حيث إن جميع الأدوية قد تؤدي في بعض الأحيان إلى انخفاض بسيط في كرويات الدم البيضاء، وهذا لا يؤثر مطلقا.
أؤكد لك مرة أخرى أن البروزاك ليس له هذا الأثر أبدا. الدواء المشهور بهذه العلة هو عقار (كلوزابين) وهو من الأدوية الجيدة جدا في الطب النفسي، لكن يعاب عليه أنه قد يخفض كرويات الدم البيضاء لدرجة خطيرة في بعض الأحيان - وإن كان هذا نادرا - والدواء الآخر الذي قد يقلل كرويات الدم البيضاء هو عقار (كارمازبين) والذي يعرف باسم (تجراتول).
ودائما يقوم الأطباء بتحوطات حين يبدأوا هذه الأدوية، بأن يفحصوا الدم قبل بداية العلاج، وتعرف نتيجة الدم الأبيض، وكذلك نسبة الهموجلوبين، وبعد أسبوع من بداية العلاج يتم الفحص مرة أخرى، ثم بعد أسبوعين، ثم بعد شهر، وإن لم يحدث أثر بعد ذلك فليس من المتوقع أن يحدث أي أثر سلبي على مستوى كرويات الدم البيضاء.
هذا بالطبع لا ينطبق على البروزاك كما ذكرت لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.