السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من اكتئاب وقلق من مجتمعي، فقد كنت أحب متابعة المسلسلات الاجتماعية، لكن - للأسف الشديد -أصبت بعدها باكتئاب لكثرة مشاهدة بعض المشاهد الكئيبة والمحزنة، وأصبحت أتخيل هذه المشاهد كثيرا, خصوصا مشاهدة الحزن والخيانة، وأتوقع أن مجتمعي هكذا؛ فأخاف وأصاب باكتئاب منه.
الآن أصبحت لا أتابع المسلسلات، ولا أحبها؛ لأنها تجلب الاكتئاب من المجتمع، وأنا بشخصي إنسان انطوائي، وأعاني من رهاب اجتماعي في الأصل، كما أنني أخاف من ركوب المصعد وحدي.
استخدمت قبل يومين عقار سيروكسات (cr)؛ لأني وجدت في موقعكم أنه مفيد لمثل حالتي، لكني أريد أن أعرف ما هي الجرعة اللازمة لي، مع العلم أنني بدأت باستخدامه بجرعة 12.5.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
أيها الفاضل الكريم: يجب أن تنقل نفسك وفكرك عن ما اكتسبته من هذه المسلسلات التي لا نقول: إن كلها سيئة، لكن بالتأكيد معظمها غير مفيد، وفيه الكثير من المغالطات، والأشياء التي تزعزع المنظومة القيمة لدى الناس، وقد يكون فيها مداخل كثيرة جدا للفساد أيضا.
الذي أريده منك هو أن لا تنظر إليها بجدية، فكل ما شاهدته وسمعته أنت تعرف مآله، وهدفه أصبح من أجل الاكتساب المادي، وليس أكثر من ذلك، ولا خير فيها، ولا نفع منها أبدا، وتحقيرك لما كنت تشاهده سوف يريحك كثيرا من نمط التفكير الذي كان في الأصل وليد هذه المشاهدات، والإنسان يتأثر بما حوله وبما يشاهده وما يسمعه، لكنه حين يقتنع أن المصدر الذي جاءت منه هذه المشاهدات ليس مصدرا جادا، أو أن هدفه الكسب، وليس أكثر من ذلك، فهذا يخفف عليك كثيرا وطأة الأحزان التي تولدت لديه من خلال هذه المشاهد، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: اخرج إلى المجتمع، فالمجتمع فيه أشياء جميلة جدا، ونحن كثيرا ما تنسينا بعض الظواهر الاجتماعية القبيحة ما هو جميل في مجتمعاتنا، ومجتمعاتنا فيها التواصل، وفيها التراحم، وفيها الصالحون، والمساجد مكتظة بالمصلين، والناس تزور بعضها في السراء والضراء.
فيا أيها الفاضل الكريم: هناك مراتع طيبة للنفس الإنسانية إذا بحثنا عنها، فلا تحرم نفسك من هذه الواجهات الجميلة, وسوف تجد نفسك منسجما مع المجتمع كله، وسوف تجد نفسك قادرا على التواصل معه.
على النطاق المحدد جدا أريد أن تمارس الرياضة الجماعية مع الشباب، فأنت طالب، والجامعات فيها كثير من الأنشطة الثقافية والتربوية الاجتماعية والخيرية، فلا تحرم نفسك من هذه المصادر فهي مفيدة لك جدا، وتقوي من شخصيتك على النطاق الاجتماعي.
أوصيك أيضا بالحرص على حضور صلاة الجماعة، وعلى القراءة والاطلاع - لا أقصد الاطلاع الأكاديمي - فهذا أمر حتمي, ولا شك فيه، لكن الاطلاعات والقراءات غير الأكاديمية تخصب العقل وتفتقه وتفتحه أكثر، وتجعل الإنسان واثقا من نفسه، ومن معرفته, وهذا كله يصب - إن شاء الله تعالى - في مصلحتك من حيث التواصل الاجتماعي.
انظر إلى ركوب المصاعد كنعمة عظيمة من نعم الله تعالى - وهو بالفعل كذلك - وتأمل فيها، وهذا الشخص الذي اخترعه لاشك أنه قدم الكثير للإنسانية, لا تنظر إليه كشيء مخيف ومشوه، لا، بل هو جميل ومريح، ولولا المصاعد في العمارات الشاهقة لما استطاع الناس أن يصلوا إليها بمستوى الراحة الذي يحدث الآن.
إذن: قرب نفسك لهذا الجهاز من خلال هذا النوع من التفكير، وابدأ في ركوبه وأكثر من ذلك، فاركبه للطابق الأول من العمارة، ثم بعد ذلك انزل منه، ثم اركبه مرة أخرى، واذهب إلى الطابق الثالث، ثم بعد ذلك إلى الرابع، وهكذا.
أن تعرض نفسك، وأن تقرب نفسك له، فهذا علاج أكيد وأصيل.
وبالنسبة للعلاج الدوائي: فأتفق معك أنه مفيد جدا، وأنت اخترت الدواء الصواب، فالزيروكسات (CR) من الأدوية الممتازة جدا، وجرعة (12.5) مليجراما تعتبر جيدة كبداية تمهيدية صحيحة، واستمر عليها يوميا لمدة شهرين، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة (25) مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد خفضها إلى (12.5) مليجراما يوميا لمدة ستة أشهر، ثم (12.5) مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم اجعلها (12.5) مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر واحد، ثم توقف عن تناول الدواء.
أرجو أن تتبع هذا البرنامج الإرشادي والدوائي، وأسأل الله أن ينفعك به, وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.