السؤال
عندي سرحان غير عادي، وتشتت, ونسيان، وتفكير سلبي مستمر، وأحس أني أحلم وأقول: كيف الدنيا؟ وكيف خلقنا؟ ولماذا خلقنا؟ وأتضايق جدا من هذا الكلام!
بدأت المشكلة منذ 6 أشهر, وتأثرت نفسيا, وضعف مستواي الدراسي؛ حيث كنت من المتفوقين والمتميزين على مستوى الكلية، وقد انقلب الحال الآن، فأصبحت كثير الغياب، والانسحاب من المحاضرات, وضعفت ذاكرتي, حتى أني في الامتحانات لا أذاكر جيدا من كثرة السرحان والتفكير.
أرجوكم هل من حل؟ فمستقبلي يضيع, علما أني كنت من المتفائلين به، وكنت أفكر بالدراسات العليا, وأنا أفكر الآن بالانسحاب من الكلية.
علما أني ذهبت للطبيب وقال: هذا قولون عصبي، وأنا متأكد أنها ليست أعراض قولون, فأنا عندي غازات وحموضة، وآلام في المعدة.
أخيرا: أشكركم على جهودكم, وأتمنى لكم التوفيق.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وأنا أتفهم درجة الضيق والمعاناة التي تعاني منها، وحالتك بالفعل ليست في الأساس قولونا عصبيا، فلديك أعراض جهاز هضمي، لكنها ثانوية للحالة النفسية التي تعاني منها.
أصل الحالة هي قلق نفسي "التشتت والنسيان والتفكير السلبي وعدم الشعور بالذات بصفة مؤكدة – أي أنك تحس بحلم –".
أما التساؤلات التي أزعجتك كثيرا, وهي: ما هي الدنيا؟ وكيف خلقنا؟ ولماذا خلقنا؟ فهذه كلها أسئلة وسواسية، وهذا نسميه بالفكر الوسواسي القهري، وهو مضايق ومتعب لأصحابه، وهو جزء من القلق النفسي.
إذن أنت تعاني من قلق الوساوس من الدرجة البسيطة، وقلق الوساوس – ونسبة لتسلطه, واستحواذه عليك – أصابك بإحباط، والإحباط أفقدك الرغبة في كل شيء حتى الدراسة والمحاضرات، وهكذا دخلت في هذه الحلقة المفرغة, وإذا تم علاج العلة - إن شاء الله تعالى – ترجع الأمور لطبيعتها.
إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فاذهب إليه، وسوف تجد منه - إن شاء الله تعالى – الإرشاد والعلاج الصحيح، وإن لم تستطع، فأنا أقول لك: أنت محتاج لعلاج دوائي، وهنالك أدوية ممتازة فاعلة سليمة، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.
عقار سبرالكس, والذي يعرف علميا باسم (إستالوبرام), سيكون دواء مثاليا جدا بالنسبة لك، وتوجد أدوية أخرى مثل: الفافرين, والبروزاك، لكن السبرالكس له ما يميزه، والجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة مليجرامات من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – تناول هذه الجرعة الصغيرة – الجرعة التمهيدية – يوميا لمدة أربع ليال، ثم بعد ذلك تناول حبة كاملة – عشرة مليجرامات – واستمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى عشرين مليجراما (حبتين) لمدة شهرين، ثم خفضها إلى عشرة مليجرامات يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرامات يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرامات يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
سوف تحس - إن شاء الله تعالى – بنتائج رائعة جدا من هذا الدواء بعد أسبوعين من بداية العلاج، والدواء دواء سليم، وغير إدماني، وغير تعودي، ومزيل للقلق والوساوس والخوف، ومحسن حقيقي للمزاج.
نجاح العلاج - بعد إذن الله تعالى ومشيئته - هو أن تلتزم بالعلاج، أي بالجرعة في وقتها, وحسب ما هو موصوف.
هناك العلاج السلوكي أيضا، والجانب السلوكي أهم ما فيه هو أن تكون قد تفهمت حالتك، وأعراض القولون هي أعراض ثانوية جدا نتيجة للقلق؛ لأن القلق يؤدي إلى تقلصات عضلية، وأكثر عضلات الجسم تأثرا هي عضلات القولون وعضلات الصدر؛ لذا يحس البعض بنوع من الكتمة أو الضيقة في الصدر.
القلق أيضا يؤدي إلى ظهور هذه الغازات، وإفراز زائد في العصارة المعوية مما يجعل الإنسان يحس بالحموضة والألم.
هذا كله سوف يزول تماما - إن شاء الله تعالى – بتناولك للعلاج، إذن تفهمك للحالة مهم، وهو علاج كبير.
أريدك أيضا أن تملأ وقتك بصورة طيبة وفعالة وجيدة، وممارسة الرياضة تعتبر جزءا أصيلا وجوهريا في العلاج، فكن حريصا عليها، ومن خلال رفقتك الطيبة وصحبتك مع الصالحين من الشباب تستطيع أن تندمج, وتجد أن مزاجك قد تحسن كثيرا.
هنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء, وكثيرا ما نشير إليها؛ وذلك نسبة لفائدتها ومنفعتها في مثل هذه الحالات, فأرجو أن تطبقها، وذلك من خلال الرجوع إلى استشارة سابقة بإسلام ويب برقم (2136015).
إن شاء الله تعالى سوف تجد أن التركيز قد تحسن، وكما ذكرت لك سلفا فإدارة الوقت سوف تساعدك - إن شاء الله تعالى – للانخراط في دراستك، ويمكنك أيضا أن تلجأ إلى الدراسة الجماعية، والمذاكرة بعد صلاة الفجر يتحسن فيها استيعاب الإنسان.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.