السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم جزيل الشكر على ما تقدمونه لنا من فائدة، فأنتم الملاذ الأخير بعد الله لأشتكي لكم.
لا أعرف من أين أبدأ، أنا أعاني بشدة وأتمنى أن يحدث تغيير في شخصيتي لأني بت أكره نفسي وأحتقرها بشدة، أي قرار أتخذه أندم عليه أشد الندم، وهذا يؤثر على حياتي بشدة، أقضي أغلب الأيام أبكي على أشياء فعلتها وقد تكون عادية، لا أدري لماذا! إحساس الندم يقتلني كيف أتخلص منه?
كما أني في الفترة الأخيرة لا أحس بالحياة بمعنى، لا أستطيع الضحك ولا البكاء، أحس أنني متبلدة الإحساس ولا أشعر بمن حولي كأني بحلم، لا أحد يهتم بي، أمي تكرهني وتدعو علي بالأورام والسرطان والشلل، وأخواتي لا يتحدثون معي، وأبي حاد المزاج ولا يحب الحديث معي وإذا تكلمت معه يتجاهلني، فأصبحت أتحدث مع الخدم, دائما يشمتون في, أريد أن يتوقف قلبي عن النبض فقد كرهت حياتي، أرجوكم ساعدوني!!
أنا كتلة من الأمراض النفسية وكل شيء في خاطئ، ولكن أكثر شيء مزعج في شخصيتي أنني ثرثارة، وأهلي لا يحبون الحديث معي، ولا الجلوس معي، كيف أصف معاناتي، عندي طاقة كبيرة وحب شديد للكلام، ولكن لا أجد من يصغي إلي حتى بدت أحدث نفسي.
أريد أن أتغير، أريد أن أصبح إنسانة صامتة، لا أني أكره ذلك المنظر عندما أقبل إلى والدتي أريد الحديث معها فتصدني أو لا تستمع إلي وتسخر من كلامي، لا أبالغ عندما أقول أني حينما أحاول الصمت أشعر بضيق في التنفس، لا أستطيع الصمت، والمصيبة أنهم لا يصغون إلي، هل التغيير ممكن أم أن الطبع غلب التطبع؟ دلوني كيف أتخلص من الثرثرة، وخاصة في الجامعة مع الصديقات، لأنه كلام فارغ وفيه غيبة ونميمة وأذى للناس.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على السؤال، وعلى الكتابة إلينا.
تبدو الأمور صعبة ومتداخلة مع بعضها، فمن جهة موقفك من نفسك، ومن ثم موقف أسرتك منك وعلاقتك بهم، وكذلك موقفك من الحياة بشكل عام.
كنت أحب أن أعرف أكثر عن أسرتك، ومن فيها غير الأب والأم، ولماذا يا ترى العلاقة بهذا الشكل؟ وكذلك ما هي ظروف عملك أو دراستك، وما هي طبيعة علاقاتك الاجتماعية خارج البيت؟
فكل هذه الجوانب متعلقة ببعضها، وقد تكون الصعوبة في جانب والعون والتأييد في جانب آخر. فقد تكون مشكلة الإنسان في علاقاته في المجتمع وخارج البيت، إلا أن أسرته داعمة له ومشجعة، وعلى العكس، وهكذا.
يا ترى إذا سألتك ما هي جوانب القوة في حياتك، هل هي في شخصيتك؟ أو مهاراتك المختلفة، فلا بد أن لديك مهارات متعددة، وهل لديك بعض الصداقات مع من ترتاحين إليهم؟ وهكذا يفيد اكتشاف جوانب القوة عندك، ومما ساعدك في عدة السنوات الماضية. وأرجو أن لا تتسرعي وتقولي "ليس عندي جوانب قوة"، فكل إنسان عنده جوانب قوة وجوانب ضعف، وإن كانت أحيانا غير ظاهرة واضحة، وخاصة لمن هو في حالة من المشاعر السلبية كالتي عندك، مما يجعلك لا ترين إلا الجوانب السلبية، وهذا عادي ومتفهم عند من هو في مثل حالك الآن.
أرجو منك أن تتريثي، وتأخذي بعض الوقت في الكتابة على ورقة جوانب القوة وجوانب الضعف التي لديك، سواء في شخصيتك أو في داخل الأسرة، أو في علاقاتك الاجتماعية، ومن ثم حاولي أن تغيري بعض جوانب حياتك، مهما كان هذا التغيير بسيطا وصغيرا، فيمكن مع الوقت أن يزداد أثر هذا التغيير. ألا ترين كيف أن إلقاء حجر صغير في الماء يرسم دائرة، ورويدا رويدا تتسع هذه الدائرة لتشمل كامل سطح البحيرة.
وإذا وجدت صعوبة في القيام بهذا من نفسك، فربما يفيد أن تتحدثي مع من ترتاحين له ممن حولك، فأحيانا يفيد جدا الحديث المباشر مع شخص آخر، وتوضيح الأمور، وخاصة أنك تردين إحداث بعض التغيير في شخصيتك وحياتك.
إن تغيير الشخصية ليس بالأمر السهل ويحتاج للوقت، إلا أن الأسهل منه تغيير بعض السلوكيات والقيام ببعض الأعمال بطريقة مختلفة، ومن خلال الزمن يمكن للشخصية والمواقف أن تتغير. فإذن حاولي التركيز على تغيير السلوك أكثر من التركيز على تغيير الشخصية.
وفقك الله، وإن شاء الله نسمع أخبار نجاحاتك وأعمالك الجديدة.