السؤال
السلام عليكم.
أشكر اهتمامكم لإعطائنا الحلول المناسبة، وإعطائكم لنا من وقتكم بما فيه من الخير والمنفعة للأمه الإسلامية أينما كانت، فبحلولكم أنا شخصيا ابتعدت أن أدخل أحدا في أموري الخاصة والشخصية بعد أن تواصلت معكم وساعدتموني في البحث عن الحل المناسب، أغناني الله بكم عن الكثير من الكلام، وعن إدخال أي أحد فيها، وذلك خير يرفع به من أجركم ومنزلتكم إن شاء الله.
أما بعد أنا صاحبة الاستشارة رقم ( 2145221 )، وأشكركم جزيل الشكر لردكم عليها وتضمن الرد بعض الاستفسارات التي رغبت أن أجيب عليها لعلها تفتح لنا بعض الرموز وقد تكون الحل إن شاء الله، وهي أن زوجي - حفظه الله - ردوده حين أطلب منه أن يخرج معي ومع الأولاد هي أنه يقبل، ولكنه يكون صامتا، أو يستعجلنا، أو أنه يتحدث بالهاتف، أو يتركنا ويتحجج بأن فلان ينتظره، فأشعر بأنه فعلا مختنق من الخروج معنا.
فبعدما رأيته أنه كلما خرجنا مع بعض يتحجج بأن فلان ينتظره، أو أنه يستعجلنا كرهت الخروج معه، وكلمته بصراحة وقلت إذا كنت لا تريد الخروج معنا فأنت حر تستطيع الذهاب أينما شئت من غير أن تستعجلنا أو تتحجج، فبعدها أصبح أكثر حرية، فيسألنا أين أنتم ذاهبون فقط، ومتى سوف ترجعون؟ وهل تحتاجون لشيء؟ وبعدها نذهب نحن وهو يبقى في المنزل أو ينام، وحينما أذهب لشراء أغراض للبيت يذهب معي ويجلس في السيارة يقرأ أو ينام في السيارة! فأستغرب كيف يكون السوق ممل لهذه الدرجة!
هو رجل إعلام ويسافر كثيرا، ولكن داخل أوروبا فقط، ولمدة يوم أو يومين، وحياته كلها كتب وقراءة، حتى أصحابه رجال كبار في السن ليس له أصدقاء من عمره، وعمره 33 سنة، ولكنه شاب في شخصية وعقل مسن، اجتماعي يحب الناس، ومتحدث أكثر من بارع، ومثقف، وحتى مشاهدته للتلفاز مملة، فهو يتابع القنوات الثقافية، والسياسية، والأفلام، لا يشاهد إلا الأفلام الحائزة على جائزة الأوسكار، ويختارهم بعناية غريبة تسبب لي الملل في كثير من الأحيان.
وحتى البرامج لا يشاهد إلا المناظرات الدينية، ويسهر الليل عندما يكون في إجازة ليشاهد تلك المناظرات، حياته جدية كثيرا، له بعض المرات التي يريد أن يرفه فيها عن نفسه فنتسلى جميعا في سفر أو رحلة داخل البلد نفسه، ولكن يتخللها الكثير من الجدية أيضا، كل ما أخاف منه هو أن تبدأ مشاكل بيننا بهذا السبب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك هذه التوضيحات المفيدة، والتي بحق كانت كاشفة لجوانب هامة جدا في شخصية هذا الزوج، بل في شخصية كل رجل، وليس هناك داع للانزعاج، فكراهية الأسواق قد يكون قاسما مشتركا بين معظم الرجال، عكس المرأة التي تريد أن تتسوق وتطيل الجلوس في السوق وتنظر، فهي تتسوق من أجل السوق.
لكن الرجل لا يذهب إلى السوق إلا لحاجة، يأخذ الحاجة ثم يعود، وهذا وضع طبيعي جدا، والآن تهمنا شخصية هذا الرجل وينبغي أن تدخلي إلى حياته وتعيشي معه هذه الاهتمامات، وتجعلي بينك وبينه قواسم مشتركة، فإن أهم ما يقرب بين الزوجين هي أن تعيش معه الاهتمامات.
وعليك أن تهتمي بالقراءة، وتكوني على صلة بالقراءة، وحاولي أن تحاوريه في الأمور التي يحبها؛ لأن هذا سيجعله يجلس عندك طويلا.
أذكر أن بعض الحكماء – بعض الدعاة والقضاة – شكت له امرأة من زوجها وأنه دائما يحب الصقور ولا يجلس إلا معها، فطلب منها القاضي أن تذهب إلى السوق وتشتري كتابا يتكلم عن الصقور وأنواعها وأشكالها، ثم طلب منها إذا دخل إليها زوجها أن تبدأ بقراءة ما في ذلك الكتاب، فأصبح يجلس معها ويستمع لها ويناقشها ويحاور وربما قال هات كتابا أقرأ عليك. هذا يدل على نقطة في غاية الأهمية، وهي ضرورة أن يكون لنا قاسم مشترك، ومن المهم جدا للمرأة أن تدخل في هوايات زوجها وتهتم به، هذا جانب تغفل عنه الكثير من الأخوات.
فالمرأة قد لا تهتم بزوجها ولا بعمله، لا تفرح بنجاحاته، ولا تسأل عن وظيفته، ولا تحاول أن تعطيه فرصة أن يتكلم عن المهنة التي يعمل بها، وإذا تكلم ربما قالت له (ما عندك سالفة أو ما عندك موضوع أو أمور مهمة)، هي أمور مهمة عنده، هذا أمر في غاية الأهمية، وهذا ما نوصي به الرجل ونوصي به المرأة كذلك، وهذا من الأهمية بمكان، أن يشعر الزوج أن زوجته تعيش معه، وتعيش معه باهتمام.
ولعل غفلة بعض الصالحات عن هذه النقطة هي التي تجعل الزوج يتصل بآخرين وقد يتصل بأخريات، لأنه عند الأخريات هو عبقري، هو ناجح في عمله، يناقشنه في بعض الأمور، وهو يعيش معهم ويتجاوب معهم، ولكن يأتي البيت فيجد اهتمامات البيت مختلفة، والأسوأ من ذلك أنها تحتقر ما هو فيه، من ثقافة ومن خير ومن علم، حتى من الرياضة، ينبغي أن نتجنب هذا الاحتقار.
جاءتنا مشاكل كثيرة الزوج يريد الذهاب إلى البر والمرأة لا تريد الذهاب إلى البر، ولما قلنا لها اذهبي مع زوجك، كان هذا سبب في إصلاح ما بين العلاقات، وليس لها أن تقول هذا الكلام لماذا نذهب إلى الصحراء، ينبغي أن تتذكر أنها مع زوجها وليست مع الصحراء، هي مع هذا الزوج الذي هو أغلى ما عندها، وهي كذلك عنده غالية.
فهذه التوضيحات التي جاءتنا تفيد جوانب هامة جدا، لذلك نتمنى ألا ترفضي منه، وإذا جلس معك قليلا اشكريه واثني عليه وأظهري الفرح، وافرحي بخمس دقائق لتأتيك عشر، وافرحي بعشرين بالمائة لتصل بعد ذلك إلى خمسين بالمائة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، واعلمي أنك نجحت في أن تتعرفي على شخصيته، وبقي أن تتعاملي معه بما يقتضيه هذا الحال، وبإظهار الإعجاب والدخول إلى حياته.
وإذا وجدت أنه منفعل مع بعض الأفلام الحائزة على جوائز عالية فحاولي أن تفهمي منه التفاصيل، وحاولي أن تقولي له ماذا يفعل هؤلاء، لماذا فاز هذا الفلم؟ افتحي له مثل هذه الأبواب، وعندها سيبحث معك وسيجلس معك طويلا، وأرجو أن تصلنا منك إفادات بعد أن تجربي هذه النقاط بطريقة عملية محكمة، لا تضايقيه، ولا تظهري النفور إذا اهتم بكتاب، أو اهتم بجريدة، أو حرص على مقابلة صديق، أو جلس مع الكبار، فإنه ولله الحمد كبير في عقله، ولا مانع من ذلك، وحاولي دائما أن تعيشي معه هذه الاهتمامات، وستجدين التغيير الكبير في حياتكما.
ونسأل الله أن يقدر لكما الخير ثم يرضيكما به.