وساوس حول الدين والذات الإلهية ... كيف أتخلص منها؟

0 285

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الطبيب المحترم محمد عبد العليم..

أشكرك جزيل الشكر على اهتمامك، أنا صاحب الاستشارة (2145500) والتي كانت عن قلق الوساوس، مشكلتي مع الوساوس أصبحت كارثة بالنسبة لي, وخصوصا تلك المتعلقة بالدين والذات الإلهية, فتارة أفكر كيف خلق الكون؟وما هي نهايته؟ فأستنتج أن لا نهاية له ,واللانهاية لا يتحملها عقلي؛ فأحس بالكآبة والخوف الشديد, وهناك وساوس تخطر في نفسي: لماذا وجدنا في هذه الحياة؟ وهل وجودنا أفضل أم عدمه؟ وماذا نفعل في هذه الحياة غير الأكل والشرب والترفيه؟ أليس هذا مملا؟ حتى لو كان الأمر في الجنة!

وألاحظ أني لا أستطيع أن أخضع هذه الوساوس للمنطق, ولا أن أصل إلى أي نتيجة, وهذا ما يجعلني أخاف, وأحس بنوبة رهاب بمجرد تذكرها, أو بالأحرى بمجرد ذكر رابط يذكرني بهذه الأفكار, مثل: كلمة أو أشخاص أو مكان, كل ذلك يجعلني أتذكر هذه الوساوس, والمشكلة أيضا أنها تستمر معي لفترة طويلة, وتسبب لي الاكتئاب, وأنت قلت لي: إن حالتي بسيطة, هل حالتي هي كذلك فعلا؟ وما هي نصيحتك؟

بالنسبة للعلاج الدوائي - وهو السيرترالين – ما جرعته؟ وكم المدة؟ وكيف الانقطاع عنه؟ والشكر الجزيل لموقع إسلام ويب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فنشكرك على كلماتك الطيبة في حق هذا الموقع, وفي شخصي الضعيف، وأسأل الله لك العافية والشفاء, والتوفيق والسداد، وأسأله تعالى أن يغفر لنا في شهر رمضان الكريم، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

أنت تتكلم عن جزئيات هي من صميم وجوهر الوسواس، فهذا الإلحاح والسيطرة والاستحواذ والسخف الذي تتسم به محتويات الوسواس هو أمر لا جدال حوله, وهذا النوع من الوساوس يجب ألا يخضع للمنطق أو النقاش؛ لأنه لا منطق فيه أصلا، ومن يحاول أن يفصله أو يشرحه, أو يجعله منطقيا, أو ينظر فيما وراء الفكرة يطبق عليه الوسواس بصورة أكثر.

هذا النوع من الوساوس يواجه بالتحقير، وأن تخاطب الوسوسة مباشرة: إنك وسواس حقير، والإنسان يستغفر الله تعالى ويستعيذ به وينتهي، وليس أكثر من ذلك، ويصرف ذهنه إلى أمر آخر، ويتذكر أن هذا وسواس سخيف, وهذا لا يعني أن الوسواس سوف ينقطع، لا، الوسواس سوف يطاردك ويلح، لكنك يجب أن تكون أقوى منه؛ حتى تتمكن من قهره، وذلك بأن تغلق عليه ولا تناقشه، قل له: (أيها اللص اللعين لن أناقشك، إن كنت ثعبانا له عشر رؤوس فأنا - إن شاء الله – لدي القدرة أن أقضي عليك وعلى جميع رؤوسك).

فالوسواس يواجه بهذه الكيفية، وتمارين الاسترخاء وجد أنها مهمة جدا، وانظر الاستشارة (2136015), وصرف الانتباه بأن يشغل الإنسان نفسه بأمور أخرى، ولابد أن يكون تحت التفكير والتطبيق دائما، كما أن قطع الروابط والوسائط يعتبر مهما.

العلاج الدوائي يعتبر ركيزة أساسية جدا في علاج الوساوس، وأنا حقيقة أفضل أن تتابع مع طبيب، فإذا استطعت فهذا شيء ممتاز وجيد؛ لأن التواصل المباشر مع الطبيب يشعر الإنسان دائما بالأمان والاطمئنان، وأن لديه المرجعية التي يمكن أن يرجع إليها، وذلك بجانب ما تتخلله الحوارات بين الطبيب والمريض من آليات علاجية.

عموما بالنسبة للسرترالين: فهو دواء بسيط وسهل جدا، وجرعته من حبة واحدة إلى أربع حبات في اليوم، وقوة الحبة هي خمسون مليجراما, والوسواس غالبا لا يستجيب إلا للجرعة الوسطية أو فوق الوسطية، بمعنى أن تكون الجرعة مائة مليجرام إلى مائة وخمسين مليجراما – أي حبتين إلى ثلاث حبات – وتكون البداية دائما بالجرعة الصغيرة كجرعة تمهيدية، نصف حبة يوميا بعد الأكل ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة، تستمر عليها لمدة شهر، ثم ترفع إلى حبتين, وتستمر عليها لمدة ستة أشهر مثلا، وتراقب نفسك خلال هذه الفترة، فإذا رأيت بوادر التحسن بعد شهرين من رفع الجرعة إلى حبتين، فهذا يعني أنها هي الجرعة العلاجية المطلوبة، وإن لم يحدث فيجب أن ترفع الجرعة إلى ثلاث حبات في اليوم، ويتم تناول حبة صباحا وحبتين ليلا.

بعد انقضاء ستة أشهر يمكن أن ترجع إلى الجرعة الوقائية, وهي حبة واحدة في اليوم لفترة لا تقل عن عام, وكل الدراسات الآن تشير أن مدة الوقاية من الوساوس فيما يخص العلاج الدوائي يجب أن تكون أطول، خاصة أن هذه الأدوية سليمة وفاعلة، وتوجد بالطبع بدائل دوائية علاجية كثيرة جدا.

أنا مطمئن تماما أن هذا الوسواس سوف ينتهي ويزول، فما عليك إلا أن تطبق الآليات العلاجية الأخرى التي ذكرتها لك.

أسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد، وأشكرك على ثقتك في هذا الموقع.

مواد ذات صلة

الاستشارات