كيف أوفق بين رضى زوجي وبر أمي؟

0 412

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ عدة أشهر ذهبت أنا وزوجي وبناتي للعيش في السعودية, وستأتي أمي إن شاء الله لتأدية فريضة الحج هذا العام وستمكث عندي شهرين أو أكثر.

علاقتي بزوجي وأمي طيبة بفضل الله، وعلاقة كلاهما ببعض أيضا طيبة من كرم الله علينا، ولكن لم نجتمع هذه الفترة في بيت واحد، فأنا أخشى أن أقصر في حق أحدهما، وأريد أن أرضى الله فيهما, فبماذا تنصحوني أن أفعل وما الذي أتجنبه؟

بارك الله فيكم وأسكننا وإياكم فسيح جناته، أرجو الدعاء لخالي بالمغفره فقد مات منذ أيام قليلة، والله يحسن خاتمتنا، وإياكم، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ أ ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لك هذا السؤال الرائع، ونشكر لك التواصل مع موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونسأل الله أن يزيدك حرصا، وأن يرزقك بر الوالدة، وإرضاء الزوج، وأن يرضى عنك، وأن يحشرنا جميعا مع نبينا المصطفى في الفردوس الأعلى، هو ولي ذلك والقادر عليه.

حقيقة أنا سعيد جدا بفكرة السؤال والاهتمام بهذه المسألة، وهنيئا لك بهذه العلاقة الطيبة بين زوجك وبين الوالدة، وهنيئا لكم بهذا الاستقرار، ونسأل الله أن يديم عليك نعمه وفضله، ونسأله تبارك وتعالى أن يرحم الخال رحمة واسعة، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يرحم أمواتنا وأموات المسلمين، هو ولي ذلك والقادر عليه، وهو أرحم الراحمين.

لا شك أن الأم لها منزلة رفيعة ولها مكانة رفيعة عند الإنسان، لكن بالنسبة للمرأة طبعا يقول الشرع بأن أولى الناس بالمرأة زوجها، ودائما الأم الصالحة (والدتك) من الصالحات حريصة على أن تعين ابنتها على طاعة الزوج، والإحسان إليه والقيام بواجباته، كما أن الزوج الصالح يعين زوجته على بر أمها وعلى الإحسان إلى أهلها، لأنه يكسب بذلك أولا قلب الزوجة، ويجعلها أيضا تبر أهله، والأهم من ذلك أن الجميع سيرزقون بالأبناء البررة الصالحين، لأن البر يتوارث هذه الفضائل، والله تبارك وتعالى عدل كريم يعطي من أحسن إحسانا ويجازي الذين أحسنوا بالحسنى، قال تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء}.

فإذا جاءت الوالدة فينبغي أن تهتمي بها، وتحرصي على إرضائها والإحسان إليها، وإذا جاء الزوج ينبغي أيضا أن تهتمي به وتظهري الاحتفاء به، وتحاولي أن تتعرفي على احتياجاته، وتظهري أيضا لوالدتك سعادتك بهذا الزوج حتى تفرح الوالدة، فإنها تكون سعيدة إذا علمت أن ابنتها سعيدة مع زوجها.

وعليك ألا تبالغي في إظهار مشاعر الحب أمام الوالدة للزوج، لأن هذا قد يؤثر عليها، فهي التي ربتك، وهي التي أنجبت، ثم جاء هذا الرجل ليشاركها في حب ابنتها وفي مشاعرها، ولذلك هذا جانب ينبغي أن يراعى، لكن كما قلنا: عليك أن تحسني إلى الوالدة، وعليك أن تطيعي الزوج طاعة بلا حدود، وأعتقد أنه لا يوجد جوانب للاحتكاك بين الرجل وبين أم الزوجة، في الغالب تكون الأمور عامرة.

واحرصي على ألا تظهري لها إلا الجانب المشرق، فإن الإشكالات التي تحدث غالبا من زوجات تبدي لأمها أنها غير سعيدة، وأن الزوج حرمها، وأن الزوج منعها، وأن الزوج كذا، فعند ذلك تبدأ المعارك وتبدأ العداوة، لأن الذي – بكل أسف – هو موجود في وعي الناس بسبب ثقافة المسلسلات الدخيلة التي تبين أنه لا توجد حماة إلا وورائها مشاكل ومن ورائها أذية، حتى وجد في الناس من قال (الحماة قنبلة ذرية)، حتى وجد في الناس من يفكر في زواج امرأة لا أم لها حتى يخرج من هذا الإشكال الذي هو في عقول المرضى من خلال المسلسلات التي تريد أن تفكك أصلا الأسرة المسلمة وتريد أن تشيع العداوات بين أفرادها.

فالوالدة - إن شاء الله تعالى – ستكون سعيدة بالمجيء، وستسعدون أنتم أيضا بوجود هذه الوالدة، واستفيدي من خبرتها، واستفيدي من نصائحها، وإذا شعرت أن ثمة نصيحة، وثمة موقف تريد الوالدة أن تخالفي فيه الزوج، أو تحرضك على الزوج فينبغي أن تحسني الاستماع، ولكن لا تطبقي ذلك، تحسني الاستماع وافعلي ما يرضي الله تبارك وتعالى، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، وخاصة في تعاملنا مع الوالدين، فإن الشرع يأمرنا أن نحسن الاستماع، وأن نحترمهم، وأن نصحبهم في الدنيا معروفا، لكن في النهاية الإنسان يفعل الذي يرضي الله، الذي ينجيه بين يدي الله تبارك وتعالى، لذلك قال في أصعب مسألة: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم} إذا دعاني الوالد – أو الوالدة – الكفر بالله، أكبر جريمة، قال: {فلا تطعهما} ثم قال بعدها: {وصاحبهما في الدنيا معروفا} رغم أنهم أمروه بالكفر، لكن أمره بالصحبة في المعروف والشفقة عليهم والإحسان إليهم، ثم قال: {واتبع سبيل من أناب إلي}.

فنحن نعتقد أن الأمور سهلة، وأنت بحكمتك قادرة على امتصاص كل السلبيات، سواء كانت من هنا أو هناك، والمدة قصيرة، فعليك أن تصبري فيها، وتنقلي المشاعر النبيلة دائما، تقولي للوالدة (زوجي سعيد بك، ودائما يثني عليك) وتقولي للزوج: (أمي دائما تثني عليك) فتنمي خيرا وتقولي خيرا، ونسأل الله أن يديم عليك نعمه وفضله، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات