أبي يرفض زواجي بمن تعرفت عليها فماذا أفعل؟

0 512

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 20 عاما، تعرفت على فتاة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وأحببتها وأحبتني، ومرت سنة ونصف منذ عرفتها، ووصلنا لمرحلة هي أعظم من الحب!، هي امرأة مسلمة، أكبر مني بثلاث سنوات، وجدت كل ما تمنيته في زوجة أحلامي فيها, أخبرت أبي عنها فرفض بتاتا، بحجة أنه لا يعرفها, ويشك في أنها تحادث أحدا غيري، متأثرا بما يشاهده أو يسمعه من الخيانات، حاولت مرارا وتكرار لكن لا جدوى.

قال لي: إما أنا أو هي! فقلت له: بالتأكيد أنت، ولكن هي زوجة أحلامي, وتحبني, ويستحيل أن نفترق أبدا أبدا! فقالت: قلت ما لدي وانتهى الكلام.

لا أعرف ما الذي أصنعه, والله لم أجد من الفتاة إلا ما يسعد قلبي طول هذه الفترة, ولم يسأل أبي عنها, ولا عن أهلها, ولم يفعل شيئا, اكتفى فقط بالرفض, وهي كلما تقدم لها أحد بالزواج رفضته لأنها تحبني, وأمي ترفض مساعدتي حتى ترضي زوجة عمي, وبقية النساء؛ لأن أبي اختار لي ابنة عمي, وأنا لا أريدها, وماطلت حتى في إتمام الخطبة, والنساء يقلن أن أمه هي من تفعل ذلك وتريد له أخرى, وتعرفون جيدا حديث النساء, وأمي تريد أن تثبت لهم أنها ليست كذلك, وأبي يقول لي انس ابنة عمك ما دمت لا تريدها, ولكن لا تتزوج حبيبتك هذه.

فأنا والله لا أستطيع ولا هي أن نفترق أبدا, فلم تعد لدي طاقة في للتحمل أكثر.

جزاكم الله خيرا ونفع الأمة بكم.  

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ راشد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يعينك على إقناع هذا الوالد، وأن يلهمه ويلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وبداية نقول ابننا الكريم: كم تمنينا لو أن شبابنا يضعوا الآباء والأمهات في بداية المشروع، وألا يفاجئوهم بفتاة غير معروفة بالنسبة لهم، وألا يتواصلوا مع الفتاة إلا في ظلال الرباط الشرعي المعلن الواضح، لأن هذه أمور أساسية في هذه المسألة، والإنسان دائما عدو ما يجهل، قد تكون الفتاة طيبة كما ذكرت لكن الأهل يرفضونها لأنهم لا يعرفونها، وسيرفضونها لأنهم أعدوا لك ابنة العم، وسيرفضونها لأنك أخطأت عندما أخبرته بالطريقة التي تعرفت بها عليها، وهذا العالم الافتراضي – عالم النت، العالم العنكبوتي هذا – فيه ما فيه.

ولذلك نتمنى أن تجد في العقلاء والعلماء من يؤثر على الوالد، وندعوك إلى إيقاف هذه العلاقة فورا حتى توضع في إطارها الصحيح، فإنه لا يوجد في شرع الله ما يبيح لك التواصل مع أي فتاة مهما كانت إلا في ظلال الضوابط الشرعية، وإذا وجد الإنسان في نفسه ميلا إلى فتاة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم– علمنا الطريق للوصول إليها، وهو أن يسعى لخطبتها ويطرق باب أهلها، ولا مانع بعد ذلك أن يطلب رؤيتها والجلوس معها في حضور محرم من محارمها.

فالمجيء للبيوت إنما يكون من أبوابها، وليس بهذه الطريقة التي لا تبيح للإنسان أن يتواصل مع أي فتاة, إذا كان هذا التواصل دون علم الآباء والأمهات وفي الخفاء، وهذه العلاقة التي امتدت وتعمقت وطالت، إذا كان هي في أصلها مخالفة شرعية فإن البدايات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة، لذلك نحن ندعوك الآن إلى أن تتوب، وإلى أن توقف هذه العلاقة، وأن تتوب الفتاة كذلك، ولا مانع بعد ذلك من وضع العلاقة في إطارها الصحيح.

والإسلام لا يعترف بأي علاقة لا تكون شرعية معلنة، ولا يعترف بأي علاقة لا تنتهي بالزواج، ولا يعترف بأي علاقة إلا في إطار الزوجية أو في إطار المحرمية، فهذه الفتاة الآن ليست زوجة وليست محرما لك، وأرجو أن تتفهم مع العم والأهل في هذه المسألة، وتقول (بنت عمي على العين والرأس، لكن لا أجد لنفسي ميلا إليها) فإنه لا يجوز من الناحية الشرعية إجبار الفتاة ولا إجبار الفتى بالزواج بفتاة لا يريدها، هذا أمر معلوم في هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

وأظن أن مسألة العناد لا تجدي في هذه المسائل، ونسأل الله أن يهدي الآباء والأمهات إلى ما يحب ربنا ويرضاه، وحبذا لو وجدت من أبناء عمومتك من يكلم الوالد بمنتهى الوضوح، لأن الوالد والوالدة يحرجوا من أسرة العم، ولعل هذا سبب من أسباب تعنتهم وإصرارهم على رفض تلك الفتاة.

أكرر: هذه العلاقة تحتاج إلى تصحيح، وإلى أن توضع في إطارها الصحيح، وحتى يحدث ذلك ينبغي أن يتوقف التواصل، ونحن ندرك أن هذا مؤلم لك ولها، لكنه أفضل من الاستمرار، لأن الاستمرار يجدد الجراح والآلام، وهي أيضا مخالفة لشريعة الله تبارك وتعالى، هذه الشريعة التي لا تقبل مثل هذه العلاقة.

ولست أدري ما هي حدود هذه العلاقة بينكما؟ فإن هذه أمور أيضا ينبغي أن نحتكم فيها بضوابط هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.

نحن بدورنا ندعوك إلى أن تكثر من الدعاء واللجوء إلى رب الأرض والسموات، فإن قلب الوالد وقلب الوالدة وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها، وندعوك إلى الاستفادة والعون من الدعاة والعلماء والفضلاء الذين لهم علاقة وتأثير على الوالد والوالدة أن يكونوا في خدمتك ومساعدتك.

الأمر الثالث: عليك أن توقف هذه العلاقة حتى تضعها في إطارها الصحيح.

الأمر الرابع: نوصيك بآداب هذا الشرع وبالتوبة النصوح لله تبارك وتعالى. ثم عليك بعد ذلك أن تعد ما تستطيعه من المال لتكون جاهزا للزواج، لأنه يبدو أنك طالب جامعي، وإذا كان الوالد هو الذي سيدفع فإن الذي لا يملك قوته لا يملك قراره.

إذن هذه أمور ينبغي أيضا أن توضع في الحسبان، وإذا كانت الفتاة صالحة واستمر عناد الوالد وهي صالحة مائة بالمائة فإن المصلحة الشرعية أن تطيع الوالد، لكن لو أنك اضطررت ولم يكن هناك صاحبة الدين إلا هذه الفتاة فعند ذلك لا يوجد في شرع الله ما يمنعك من إكمال مراسيم الزواج، مع أننا دائما لا ننصح أن يبدأ الإنسان حياته بخصام مع الوالد, أو مع الوالدة, أو مع الأسرة، لأن هذا سيعقد عليه المهمة، فالشرع يطالبه ببر الوالدين والإحسان إليهما، والشرع يطالبه في نفس الوقت بالإحسان للزوجة وعدم ظلمها.

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات