السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة عمري 22سنة، سوف أبدأ في الأعراض السلبية عندي، أنا شخصية متقلبة جدا، أفسر أفعال الناس أغلب الأوقات بالسلبي، أعتقد في أي عمل أريد عمله أن ردود الفعل تكون سلبية، أرى أن القليل يحبونني والأغلب يكرهونني، بعض الأوقات أتصرف تصرفا سليما ويفهمني الآخرين خطأ، وكثيرا ما تحصل إذا تحدث شخص معي بالصراخ يقهرني صمتي وعدم الرد سوى الضيق والغضب والحقد على الشخص الذي تعامل معي بالصراخ، ولكن أتقبل الوضع وأضحك معهم وأنا في الداخل غير ذلك.
تركت الكثير بسبب تعاملهم معي بهذه الطريقة، لا أعلم أهو هروب من تكرار الموقف معي مرة أخرى أم تحاشيا للمشاكل والحقد والكراهية! ولا أعلم تصرفي بتركهم صحيح أم خاطئ! علما بأنني شخصية من المستحيل أن أواجه شخصا ضايقني؛ لأنني لا أحب المواجهة أو بالأصح حتى لو رتبت كلماتي يخونني لساني ويصعب التعبير عن مدى تضايقي من تصرفهم ، وكذلك لا أقدر على مواجهة من هم أكبر مني والتحدث معهم كالشخصيات الكبيرة مثل الدكتور والأساتذة وغيرهم، أخاف من ردة فعلهم.
تمر أوقات أكون فيها شخصية عصبية أخاصم وأجرح من حولي، وخصوصا المقربين لي أمي وأختي وأبي، حتى أنهم اكتشفوا ذلك، لم أكن في السابق كما أنا عليه الآن، أرى في كرها للرجال وهذه الكراهية لاحظتها منذ الأشهر الماضية، أكره أصواتهم، أغلب ما ذكرت آنفا له أسباب عدة وأهم سبب هو أجواء منزلنا لما فيها من التوتر وعدم الاحترام والصراخ الدائم من قبل أبي وإخواني، لذلك أخاف من ردود فعل الناس، ولصديقاتي دور في هذا التردد حيث أنه إذا تحدثت في أغلب الأوقات لا يلقون لي بالا أو يقاطعونني، ولأخواتي البنات دور في التحطيم والتعليق علي أي حركة تبدر مني، والآن أريد التغيير.
أرشدوني إلى سيبل للتغيير الكلي لأرتاح، وجزاكم الله خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا التفصيل.
من الواضح أنك شديدة الحساسية للأصوات وخاصة الصراخ، ولهذا علاقة واضحة وطبيعية بأجواء البيت وكما ورد في سؤالك، حتى أصبحت تكرهين أصوات الرجال، بسبب صراخ والدك وإخوتك.
وأنا أقول عادة في مثل هذا السؤال أننا معشر البشر نكون أحيانا عن أنفسنا فكرة تعكس تجاربنا وخبراتنا مع أنفسنا ومع من حولنا من الأهل والأصدقاء، ومن ثم نحمل هذه الفكرة وكأنها حقيقة مسلمة لا شك فيها، وربما بعد سنوات وبشكل عابر، نكتشف أن هذه الفكرة التي حملناها طوال الوقت على أنها حقيقة، نكتشف أنها غير حقيقة وأنها فكرة خطأ وغير دقيقة!
ومع الأسف هناك من الناس من يعيش طوال عمره يحمل مثل هذه الأفكار، ولا تتاح له فرصة اكتشاف حقيقة هذه الفكرة التي سجن نفسه فيها، وطوال هذا الوقت من السجن كان مفتاحه بيده، ولكنه لم يره ولم يخطر هذا في ذهنه!
لقد ذكرت في سؤالك العديد من الافتراضات عن نفسك، وعن موقف الآخرين منك، فيا ترى لأي حد هذه الافتراضات صحيحة أو دقيقة! ولكن حتى ولو كانت صحيحة، هل يعني هذا أن تبقي أسيرة لها؟!
إن مدارس علم النفس المختلفة تقول لنا أنه يمكن للإنسان دوما أن يحرر نفسه من فكرة معينة، ولو قد حملها لسنوات وسنوات.
وإن ما ورد في سؤالك عن خوفك وارتباكك عند محادثة من هم أكبر منك، أو من هم في محل السلطة الاجتماعية، إن هذا الارتباك لأمر طبيعي ومنتشر فلا تقلقي منه، وهو في الغالب ارتباك عابر سيزول مع الوقت، وخاصة عندما تـكسبك الحياة الخبرة والتجربة، وعندما يكون دورك واضح في المجتمع الذي تعيشين فيه، ومن يدري فقد يأتي وقت سيرتبك الناس ويقلقوا من الحديث معك كونك قد أخذت منصبا مع معينا في المجتمع الذي تعيشين فيه، والموضوع موضوع وقت فقط.
لقد طلبت طريقة "للتغيير الكلي" وإن شاء الله سيتحقق، ولكن ليس دفعة واحدة وليس بشكل فجائي، فطبيعة الإنسان لا تتغير عادة دفعة واحدة ولا تتغير بشكل فجائي، تحلي بالصبر، فلا بد من أن يأخذ الوقت دورة الطبيعي في هذا التغيير، وكما يقال أن الوقت جزء من معادلة التغيير، ويمكننا أن نقول أن:
الإرادة والعزيمة + التجارب والممارسة + الوقت المناسب = التغيير المطلوب.
وأدعوه تعالى أن يوفقك لكل خير.