السؤال
السلام عليكم
سأطرح عليكم مشكلتي عسى أن يجعلكم الله سببا في إيجاد الإجابة الشافية.
أنا فتاة غير متزوجة، أبلغ من العمر 23 سنة، طالبة بالجامعة، لا أعاني من مشاكل صحية مزمنة، أو وراثية، ولكن أعاني منذ 4 سنوات من القلق والخوف والاكتئاب بعد أن حصل لي إغماء في السفر لأول مرة في حياتي وكانت صدمة؛ لأنني لم أكن أتخيل أن يحصل لي إغماء أبدا، وبعدها لم أستطع الخروج من المنزل، وخسرت الكثير من الوزن، وأصبح لدي مشاكل بالمعدة، والجهاز الهضمي، ولكن تعالجت أولا بالسيروكسات لمدة سنتين، وتحسنت حالتي، ولكن أصابتني انتكاسة جعلت والدي يقرر أخذي إلى مستشفى حكومي، علما بأن المستشفى الأول خاص، ولم يسألني أبدا عن طفولتي، أو تفاصيل حياتي السابقة.
في المستشفى الحكومي تم سؤالي عن كل طفولتي، وما عانيته من مشاكل، أو صعوبات، وأتذكر مواقف كثيرة، وأنا طفلة كنت أبكي وأقول -لا أحد يحبني- ولا تغيب عن بالي إذا تذكرت الطفولة، ولكن كانت طفولتي جيدة بشكل عام، وبدأوا بعلاجي بسيروكسات سي ار 25 ، وبعد عدة أشهر حصلت لي انتكاسة، علما أني نسيت 3 مرات في فترات متفرقة أن آخذ الدواء لمدة يوم فقط، وقاموا بزيادة الزيروكسات إلى 50 ، وتحسنت كثيرا، وعشت سنة كاملة، بشكل طبيعي.
ولكن بعدها حصلت لي انتكاسة، وعادت بعض الأعراض وقاموا بزيادة الزيروكسات إلى 62 ، وبعد فترة لم أجد الزيروكسات 12 فقطعته وأصبحت آخذ فقط 50 ، وفي أكثر من الانتكاسات كانوا يدخلون أدوية جديدة لمدة مؤقتة لا تزيد على الأسبوع، وكان الوضع يستقر معها، ومنذ شهر مرضت بنزلة معوية لمدة أسبوعين أنهكتني وأصابتني بالإحباط الشديد، واليأس ومن بعدها لم تعد نفسيتي كالسابق أبدا، وزادت أعراض القلق والخوف والاكتئاب مصاحبا ببكاء بلا سبب وذهبت لهم وأعطوني دواء جديدا اسمه افكسر بنسبة 150 مع الزيروكسات 62 ، علما أني وزني 50 ، وطولي 163 والمشكلة أنني بعد ما قرأت تعليقات بعض المرضى على الأعراض الجانبية للإفكسر بدأ عندي خوف شديد، ولم أستطع استخدامه، ولا أنكر أني تحسنت حالتي بعد رجوعي للزيادة في الزيروكسات إلى 62، ولكن يوجد أعراض، وبكاء من الاكتئاب عندما أكون وحيدة.
فما رأيكم هل أستخدم الإفكسر أو أطلب أن يزيدوا جرعة الزيروكسات أو أجرب أحد الأدوية المؤقتة المضمونة التي استخدمتها؟
وآسفة على الإطالة، وجزاكم الله كل خير، وجعله في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يارب رحمتك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقبل أن نتطرق في الحديث عن العلاج الدوائي، أن أريدك أن تتذكري الإيجابيات والأشياء الجميلة في حياتك، هي كثيرة ولا شك في ذلك، وحاولي أن تتغاضي عن السلبيات، الفكر المعرفي إذا لم يتغير الاكتئاب لا يزول، والفكر المعرفي قد لا يتغير من خلال الدواء، لكن قد يغير من خلال الانتباه لأهميته، وأن تكون للإنسان الإرادة والقوة، ويستيقن الإنسان تماما أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
أنت -الحمد لله- زوجة، وطالبة، وفي بدايات سن الشباب وأمامك - إن شاء الله تعالى – أشياء كثيرة جميلة في الحياة، هذه النوبة الإغماء التي حدثت لك يجب ألا تكون مزعجة أبدا، قد تكون ناتجة من تعب أو إنهاك، وهو أمر عارض قد انتهى، طفولتك جميلة، فيجب أن تضعي الحياة في هذه القوالب وتعيشيها بقوة، وتنظري للمستقبل بأمل ورجاء – هذا مهم جدا – ركزي على شؤون بيتك، والمذاكرة، والتحصيل الجيد وتواصلي اجتماعيا، مارسي الرياضة، هذا كله فيه خير كثير لك.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أن الزيروكسات دواء ممتاز، والإفكسر أيضا دواء ممتاز جدا، حين أراد الطبيب أن يضيف الإفكسر ربما يكون اعتمد على الدراسات التي تقول أن الإفكسر له فعالية تزيد عن عشرين إلى ثلاثين بالمائة من بقية الأدوية الأخرى، أعتقد أن هذا هو المبرر الذي جعل الطبيب يضيف الإفكسر.
لكن ومع احترامي لجميع زملائي الأطباء لدي تحفظ أساسي حول جرعة مائة وخمسين من الإفكسر مع جرعة اثنين وستين ونصف مليجرام من الزيروكسات، فأعتقد أنها جرعة كبيرة نسبيا، والتفاعلات بين هذه الأدوية معروفة، فقد يحدث زيادة كبيرة في إفراز مادة تسمى بالسيروتونين، وهذا قد يسبب بعض الأعراض الجانبية.
فحقيقة منهجي هو أني لا أقر مثل هذه الخلطات الدوائية، وإن كنت أعرف من يقوم بذلك، ولكن الطبيب إن اتخذ هذا المنهج يجب أن يراقب مراقبة مباشرة، وأن تكون هنالك زيارات متقاربة لعيادة الطبيب.
أنت الآن على العموم لم تستخدمي الإفكسر، وأنا كنت أرى أن يتم استبدال الزيروكسات بالإفكسر، وهنالك ما يعرف بالـ (cross Titration) ويقصد بذلك أن تخفض جرعة الدواء الأول تدريجيا، ويبدأ في تناول جرعة الدواء الجديد تدريجيا، مثلا تخفض جرعة الزيروكسات إلى سبعة وثلاثين ونصف مليجرام، وتبدئي بالإفسكر بجرعة خمسة وسعبين مليجراما، وبعد أسبوعين إلى ثلاثة يخفض الزيروكسات إلى اثنا عشر ونصف مليجرام، وترفع جرعة الإفكسر إلى مائة وخمسين مليجراما، وبعد أسبوعين آخرين يتم التوقف تماما من الزيروكسات، وبعد ذلك إن رأى الطبيب أن يرفع جرعة الإفكسر إلى مائتي خمسة وعشرين مليجراما يوميا فلا مانع في ذلك.
هذه مجرد أفكار وددت أن أطرحها عليك، لكن استمرارك في الزيروكسات أعتقد أنه القرار الأسلم، لأنك استفدت من هذا الدواء بنسبة كبيرة، وأنا لا أؤيد أبدا أن تزيدي الجرعة عن اثنين وستين ونصف مليجرام في اليوم، هذه جرعة كافية جدا، وهي في النطاق – أو الطيف – العلاجي المعروف لهذا الدواء.
هنالك بعض الإضافات البسطة – أقصد بذلك الأدوية البسيطة – التي يمكن إضافتها للزيروكسات: ليست من نوعية الإفكسر، لكنها أدوية مضادة للقلق، ويعرف أن لها فعاليات تدعيمية مع الزيروكسات، أفضل هذه الأدوية عقار يعرف علميا باسم (بسبار) واسمه التجاري (بسبارون)، إضافته للزويركسات كثيرا ما تكون ذات نتائج إيجابية جدا، الجرعة هي خمسة مليجرام صباحا ومساء لمدة أسبوعين، ثم تكون الجرعة عشرة مليجرام صباحا ومساء لمدة ستة أشهر – مثلا – ثم تخفضينها إلى خمسة مليجرام صباحا ومساء لمدة ستة أشهر أخرى.
هذه كلها مقترحات وكلها آليات وددنا أن نعرضها عليك، وإن شاء الله تعالى في ذلك دليل قاطع أن الآمال عظيمة والخير كثير، والإنسان يجب أن يتخذ التفاؤل منهجا له وشعارا له.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأهنئك بقدوم شهر رمضان المبارك، ونسأل الله أن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.