السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة تعرضت للتحرش الجنسي من ابن عمي، وكذلك تعرضت في صغري للتحرش من عمي، والآن بعد سنين يتقدم لخطبتي ابن عمي، وتمت الموافقة عليه، كيف أتعامل معه؟ وماذا أقول له في حال تناقشنا في موضوع تحرشه بي؟
السلام عليكم.
أنا فتاة تعرضت للتحرش الجنسي من ابن عمي، وكذلك تعرضت في صغري للتحرش من عمي، والآن بعد سنين يتقدم لخطبتي ابن عمي، وتمت الموافقة عليه، كيف أتعامل معه؟ وماذا أقول له في حال تناقشنا في موضوع تحرشه بي؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
نحب أن نقول لك: ما حصل من الخطأ لا يمنع حصول الصواب، ولا يمنع تصحيح الوضع، إذا كان ابن العم الآن على خلق ودين وفيه خير، وقبله الأهل، فأرجو ألا تترددي في القبول به، أما إذا كنت متضايقة أو نافرة منه فهذا أمر آخر يمكن أن نناقشه إذا كان هذا يحصل، أما إذا كان ابن العم هذا مقبولا، وقد تاب إلى الله -تبارك وتعالى-، يواظب على الصلوات، رضيه الأهل، فيه امتيازات الرجل المناسب، ووجدت في نفسك الميل إليه، والقبول به، فلا تترددي في القبول به زوجا، وعليك أن تطوي تلك الصفحة التي حدثت منه في صغركما، وتلك لحظة من اللحظات التي سيطر فيها عليه الشيطان، وما حصل من الخطأ -كما قلنا- لا يمنع حصول الصواب ولا يمنع تصحيح هذا الوضع، وأرجو نسيان ما حصل، وفتح صفحة جديدة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يقدر لك الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد.
ونتمنى أن يكون هذا أيضا في طي الكتمان، فلا تخبريه بما حصل منه أو من غيره معك، لأنه ليس في هذا مصلحة، والمؤمنة ينبغي أن تستر على نفسها، والمؤمن كذلك يستر على نفسه إذا حصل منه أو معه مثل هذا الخطأ، فليس من الحكمة إظهار هذه الأخطاء وإظهار تلك العيوب التي سترها الله تبارك وتعالى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من ابتلي بشيء من هذه القاذورات أن يستر على نفسه، وأن يستتر بستر الله عليه، وعند ذلك أمره إلى الله تبارك وتعالى، فالشريعة تدعو إلى الستر، أن يستر الإنسان على نفسه ويستر على الآخرين، وإن كان عنده خلل فالمهم أن يتوب إلى الله، وأن يرجع إلى الله -تبارك وتعالى-، وليس الإنسان ملزما أن يعترف بما حصل منه من أخطاء، بل حتى لو سئل يستطيع أن ينكر ولا يعترف منه أو حصل معه، لأنه لا فائدة في ذلك الاعتراف، بل فيه أضرار كبيرة وكثيرة.
أما بالنسبة لمسألة التعامل معه، فأرجو أن يكون التعامل طبيعيا، كما قلنا نريد أن نطوي تلك الصفحة، إذا كان هذا فقط هو السبب، أما إذا كان ترتب على ذلك الذي حدث شيء من النفور الشديد وعدم القبول به وعدم الرضا به زوجا، فإنك في هذه الحالة أيضا ينبغي أن تستري على الموضوع وتحسني الاعتذار، كأن تقولي (لست عندي رغبة في الزواج الآن) أو (أريد أن أكمل دراستي) أو غير ذلك، ولكن نتمنى ألا يحدث هذا، فما حصل منه من خطأ الآن جاء ليصوبه، أو أنه قد ندم على ما كان منه ويريد أن يصحح تلك الغلطة، وكما قال ابن القيم وهو يحكي قصة رجل: (أفضل من شاركك في الطاعة من كان شريكا لك في المعصية أو في المخالفة).
وأرجو كذلك أن تنتبهي مستقبلا، وتنبهي أخواتك الصغيرات إلى الاهتمام باللبس، فإن الشباب غالبا يتحرشون بالفتاة المتبرجة، أو بالفتاة التي تتساهل، فتجعل نفسها في مكان منفصل من الشباب، والإسلام يحرم الخلوة مع الرجل الأجنبي، وابن العم أجنبي، والأجنبي هو كل من يجوز له الزواج من الفتاة، فالفتاة ينبغي أن تكون حريصة على البعد عن مواطن الرجال، حريصة على حشمتها وحجابها وسترها، حريصة كذلك لا تتوسع في الكلام ولا بالضحكات، لأن هذه أمور التي تثير الشباب فتحدث بعد ذلك أمور لا تحمد عقباها.
المهم أرجو أن يظل ما حصل سرا، وأن تفتحي صفحة جديدة، ونتمنى أن تنجحي في التعامل معه، وأحسب أن الأمر طبيعي وعادي، فها هو بعد أن وقع في الخطأ جاءكم من الباب وقابل أهلك الأحباب وخبطك خطبة رسمية، فما حصل من حرام لا يمنع حصول الحلال المحض الذي هو الزواج، بل إن هذا يؤكد أنه لازال يميل إليك ولا زال يحرص على الارتباط بك، حتى صدق تلك المشاعر فحولها إلى مشاعر بالحلال، فكوني زوجة وفية له، واعلمي أن ابن العم صاحب منزلة رفيعة، ولكن كل هذا إذا وجدت في نفسك القبول والميل إليه واستطعت نسيان ما مضى، وإن لم يحدث هذا فنحن لا ننصح بالمجاملات في مثل هذه الأمور، وإن كان عندك إشكاليات فنتمنى أن تكتبي لنا بمشاعرك وتصفيها وصفا دقيقا، حتى نستطيع أن نتعرف هل هي من وساوس الشيطان الذي لا يريد لنا الخير ولا يريد لنا العفاف ولا يريد لنا الزواج، أم هي فعلا مشاعر حقيقية تحتاج إلى وقفة للمعالجة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لك التوفيق والسداد.