أرجوكم ساعدوني فأنا أشعر بأن الله غاضب علي مع أني أصلي وأصوم!

0 525

السؤال

السلام عليكم..

أنا فتاة في 18 من عمري، متدينة، وأخاف الله، وكنت لا أخرج ولا أدخل، وبعد سنوات انتقلنا إلى لندن، وأصبحت أكثر انفتاحا ووقوعا في المعاصي، فقد كانت بدايتي بالفيسبوك، والشات، وتعرفت علي شباب، وأصبحت أتكلم معهم إلى أن أتى شاب وأوقعني في شباكه، ووقعت بالحب، ولمدة خمسة أشهر، وتعالت أصوات أنه في الغرب من العادي جدا أن نرى الشاب ونحدثه.

شعرت بالهوس، ولم نكن في اتصال دائم فقط، بل أصبحت لا أستطيع فراقه، وسافرت لرؤيته، وأراد أن يجامعني، فرفضت وبشدة، وكنت أقرأ القرآن ليخرجني الله من ذلك المكان، وفعلا رجعت إلى منزلي، ولا أعرف لماذا أنا في هذه المرحلة أشعر بغضب الله، مع أنه دائما يسترني ويعنيني، وأشعر بالهم والحسرة، مع أني أصلي وأصوم تقربا لله، ولكني علي محك أن أفقد صوابي.

ساعدوني جزاكم الله جنات الفردوس.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يديم عليك الحفظ والصون، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونحن حقيقة سعداء جدا بهذا التواصل مع الموقع، وسعداء جدا بانتصارك على الشهوة، وانتصارك على شياطين الإنس والجن، وأعجبني جدا حرصك على التلاوة واللجوء إلى الله تبارك وتعالى وتلاوة كتابه، حتى أنقذك العظيم سبحانه وتعالى، وهذا دليل - إن شاء الله تعالى – على توفيق وخير كثير من الله تبارك وتعالى، فعاملي وقابلي هذا التوفيق من الله بالحمد والشكر، فإن الفتاة لا تملك أغلى من عفتها، ولا تملك أغلى من شرفها بعد إيمانها بالله تبارك وتعالى.

وواظبي على ما أنت عليه من الخير، واجتهدي في أن تدخلي نفسك في المواقع الإسلامية، وتتواصلي مع الجهات الشرعية، وتستعيني بالله تبارك وتعالى، واعلمي أن لذة المحافظة على العفاف لا تعدلها لذة، وأن أهل المعاصي في شر وبؤس وتعاسة وشقاء، وأن تلك اللذة التي تأخذ من الإنسان ثواني يعقبها العقاب الوبيل من الله وتعقبها حسرات وندامة وسوء سمعة، إلى غير ذلك من الشرور التي لا تحصر.

فابتعدي عن مواقع ومواطن الشر، واعلمي أن الشيطان لا يدعو الإنسان للفاحشة مباشرة، ولا يدعوه إلى المعصية مباشرة، ولكن يتدرج معه، فلا تتبعي خطوات الشيطان، كما حذرنا ربنا تبارك وتعالى ونهانا عن أن نتبع خطوات الشيطان، وأخبرنا أنه عدو{إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا}.

ولا شك أن الشريعة صانت الأعراض، ومن خلال تدابير كثيرة وضعتها هذه الشريعة التي أمرنا بغض البصر، وإذا غض الرجل – أو المرأة – بصره وجد لذلك حلاوة يجدها في قلبه، وعزة يجدها في نفسه، وتأييدا من الله تبارك وتعالى وتعويض له.

ثم بعد ذلك الشريعة نهتنا عن خلو الرجل بالمرأة، (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ).

ثم إن هذه الشريعة باعدت بين أنفاس النساء وأنفاس الرجال، ثم لم تبح للمرأة أن تكلم الرجل إلا في الإطار المقبول، إلا أن يكون بالمعروف، من غير خضوع في القول، وأن يكون الكلام كذلك بمقدار الحاجة.

كما أن هذه الشريعة أمرت الجميع أيضا بأن يتجنبوا المثيرات، مثل المواقع المشبوهة، والأغاني الماجنة، وكل ما يعين على المعصية، وكل ما يقود إلى المعاصي التي تغضب الله تبارك وتعالى.

ونحن حقيقة نريد أن تحافظي على هذا الخير الذي عندك، وتلجئي إلى الله تبارك وتعالى، وتواصلي الطاعات، فأنت على خير كثير، ولكن الشيطان يريد أن يشوش عليك، فالشيطان هو الذي يقول: ( أنت تصلين وتصومين ولكن لا توجد ثمرة )، فهذا من الشيطان.

والإنسان عليه أن يجود الصلاة، والآن الصيام فرصة، لأن الصيام يقوم على المراقبة لله تبارك وتعالى، فأنت - ولله الحمد - عندك إرادة ستتركين معها الطعام والشراب والشهوة لله تبارك وتعالى.

وإذا كان الإنسان يستطيع أن يترك الطعام والشراب فكذلك المعاصي، وعلى الطعام والشراب تقوم حياة الإنسان، فهذا الصائم – هذا المؤمن – له إرادة قوية، وأنت ممن يملك هذه الإرادة، والحمد لله الذي أنقذك من ذلك الموقف، واعلمي أن المؤمنة لا تلدغ من جحر واحد مرتين، وإذا عصم الله عبده – أو أمته – من الوقوع في الخطيئة فإن هذا فيه إشارة إلى حب الله لهذا الإنسان الذي عصمه من الوقوع في الخطأ، وخاصة عندما يكون الخطأ من هذا النوع الذي لا يمكن علاجه، وتظل آثاره تطارد الإنسان طوال حياته.

ندعوك إلى أن تتوبي مما حصل، وأن تجددي التوبة، فإذا ذكرك الشيطان بالمعصية فاستغفري الله، وإذا ذكرك الشيطان بما حصل فاستغفري الله تبارك وتعالى، وعاملي هذا العدو بنقيض قصده، واعلمي أن هذا العدو يندم إذا تبنا، ويتحسر إذا استغفرنا، ويبك إذا سجدنا لله تبارك وتعالى، فعلينا أن نعامل عدونا الشيطان بنقيض قصده، بأن نحسن التوجه إلى الله تبارك وتعالى، وأن نحسن اللجوء إلى الله تبارك وتعالى.

ولا تغتري بالكلام الذي يقال، أننا في عالم منفتح، وأننا في عالم كذا، لأن أهل الغرب يئسوا، وحتى من تريد علاقة شرعية لابد أن تكون البدايات صحيحة، والدراسات تثبت عندهم – في الغرب – أن العلاقات العاطفية قبل العلاقات الرسمية (الزواج) هي مسئولة عن خمسة وثمانين بالمائة من نسبة الفشل، لأنها تقوم على سوء الظن، ولأن الشيطان الذي يجمعهم على المعصية – على الفيس بوك، على التواصل – هو الشيطان الذي يأتي بعد ذلك ليقول:
( كيف تصدقيه؟ وما المانع أن يكون عنده أخريات)، هو الشيطان الذي يأتي فيقول: (كيف تصدق هذه الفتاة، ربما تخون، وربما لها علاقات).

فالشيطان الذي يجمع على المعصية هو الشيطان الذي يأتي ليغرس الظنون والشكوك، لأن من أهداف الشيطان أن يخرب البيوت، والشيطان يحزن، ولا يريد لنا الاستقرار الأسري، ولا يريد لنا الطمأنينة والسعادة والعفاف، فالشيطان يدعو ويأمر بالفحشاء والمنكر، والله والدين يأمران بالطهر والعفاف المغفرة بإذنه، كذلك يريد الذين يتبعون الشهوات أن يميلوا ميلا عظيما، والله يريد أن يخفف علينا، يريد أن يعصمنا، فكوني مع الله تبارك وتعالى.

ونحن سعداء حقيقة بهذا التواصل مع الموقع، وسوف نكون سعداء إذا تواصلت مع الموقع، وعرضت مثل هذا النوع من المشكلات.

نكرر إعجابنا بالسؤال، ونكرر فقهك وفهمك في اللجوء إلى الله في تلك اللحظات الحرجة، واعلمي أن الله الذي أنجاك بالأمس هو الذي ينبغي أن يعبد، وهو الذي ينبغي أن تخضعي له، وتركعي له، وتسجدي له.

ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات