السؤال
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته
صديقتي عندما أسألها أي سؤال أو أي شيء أحيانا لا ترد علي ( تطنشني )، وأكثر من مرة على هذه الحال مما يسبب لي إحراجا، وظننت بنفسي بأني أزعجها، وتأتيني وساوس كثيرة أنها تريد أن تفر مني أو تنقطع عني كثيرا، أخذ أفكار سيئة عنها مما يزيدني ذنوب، تعبت منها، لكني أحبها كثيرا ولا أريد أن أنفصل عنها، وأخاف أن تتركني، أرشدوني.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله والصلاة والسلام وعلى رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتان الفاضلة في موقعك، وأسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
نسأل الله تعالى أن يستخدمنا في طاعته، وأن يعيد علينا الصيام أعوام عديدة وسنوات مديدة في طاعته، وأن يجعلنا جميعا ممن طال عمره وحسن عمله.
لست أدري هل الصديقة دائما كانت تهمل أسألتك أم في هذه الفترة المعينة لما كثرت منك الأسئلة، أو لما حصلت بعض التغيرات؟ هل لذلك ( التطنيش ) لأسئلتك من أسباب معروفة بالنسبة لك؟ وإلا فكيف تكون الصديقة ولا ترد عليك؟ وهل تشعري أن الصداقة من جانب واحد أم هي تشاركك المشاعر؟ ومنذ متى كانت هذه الصداقة، وما هي الأسئلة التي لا ترد فيها؟ هل نستطيع أن نقول هنالك أسئلة حرجة؟ هل نستطيع أن نقول أسئلتك كثيرة؟ هل نستطيع أن نقول أسئلتك مكررة، بمعنى أنها تعطي إجابة ثم تسأليها مرة ثانية نفس السؤال.
هل هذا من طبيعية هذه الصديقة يعني منذ أن عرفتها، هل هي قليلة الكلام لا تحب الكلام الكثير، هل سمعت عنك أنك نقلت كلامها أو كذا؟ فهي تكون في غاية الحذر عندما تتكلم معك؟ هذه أسئلة كلها أنت أعرف الناس بالإجابة عليها، ولذلك إجابات هذه الأسئلة ومعرفة الإجابة بالنسبة لهذه التساؤلات من الأمور المهمة جدا حتى نستطيع أن ننظر بطريقة شاملة ونحكم في القضية بطريقة كاملة.
نحن نتمنى دائما أن تكون بين الصديقة وصديقتها الصراحة والوضوح، وأن تكون هذه الصداقة أولا قائمة على تقوى الله تعالى وعلى النصح في الله تعالى، فالصداقة المقبولة الحميمة التي يؤجر عليها الإنسان هي ما كانت لله وبالله وفي الله وعلى مراد الله تعالى، أما إذا كانت الصداقة لأجل المظاهر ولأجل دنيا أو لأجل مصالح فقط؛ فإن عمرها هذه الصداقة قليل وقصير كعمر المصالح، كعمر الدنيا بما فيها، ولكن الصداقة الحقة هي التي تقوم على الإيمان والتقوى والخوف من الله تعالى، والله تعالى يقول في كتابه : { الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }.
لذلك ينبغي أن تتأكدي من هذا المعنى، وفي هذه الحالة إذا كانت الصداقة لله وبالله من أجل الدين، فإن أهم واجباتها النصح بين الصديقات ويكون بينهن التناصح في الله تعالى، بينهن التعاون على البر والتقوى، بينهن خوف الله تعالى وحب في الاشتراك في طاعته والمسارعة إلى كل أمر يرضيه، فهل هذه الأشياء موجودة؟ وهل الصداقة تقوم على الإيمان حتى ندعوك على المحافظة عليها؟ أم هي مجردة صداقة عادية لمصالح دنيوية؟
لذلك تتقلب بأهلها كتقلب الدنيا بأهلها، تغير هذه المصالح وعدم ثبات هذه المنافع، ولذلك أنت بحاجة فعلا إلى إعادة النظر وفق التساؤلات التي طرحناها في العلاقة مع هذه الصديقة، وسوف يكون من الحكمة والحنكة أن تعرفي أسباب ( التطنيش )، أسباب عدم الرد، وإذا عرف السبب بطل العجب وسهل علينا بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب.
نحن دائما نتمنى لبناتنا الصالحات أن يكون لهن عدد من الصديقات حتى تجد منهن النصح، إن الإنسان إذا صدق صلح، والصالحات كثيرات ولماذا صديقة واحدة، ولماذا تتكلمي مع واحدة، هذا أيضا أمر يدعو إلى أن نقف مع أنفسنا فنوسع هذه الدائرة، دائرة الصداقة طالما كانت قائمة على النصح والإيمان والتقوى، والأمور التي ترضي الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يؤلف بين القلوب، وأن يصلح الأحوال، وأن يرد هذه الصديقة إلى الحق والصواب، وأن يعينها على التعامل معك بمنتهى الوضوح، وبمعنى الحب وأن تبادلك المشاعر، لأن هذا هو المفترض.
نسأل الله تعالى أن يجمعكن دائما على التقوى، وأن يعينكن على الهدى والرشاد، وأن يلهمنا رشدنا وأن يعيذنا من شرور أنفسنا.
وصيتي لك بتقوى الله، والنصح للصديقة وتذكيرها بالله تعالى، ووصيتي لك أيضا أن تراعي مشاعرها، فلا تضايقها في الأسئلة الحرجة، وإذا شعرت أنها لا تحب الإجابة عن سؤال فحاولي سحب السؤال بسرعة، بل لا بد من اعتذار لها إذا كان السؤال محرج، وحاولي أن تسألي في الأمور الضرورية والأمور الهامة، قبل ذلك حاولي أن تعرفي ما الذي يضايقها وهي لا ترد، ونسأل الله تعالى أن يجمع بينكم على الخير وأن يلهمك السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.
وبالله التوفيق والسداد.