السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
منذ 9 سنوات بدأت أعاني من وسواس قهري, والحمد لله الآن لا أشعر به؛ لأنه تقريبا اختفى من دون علاج, ولكن بقي فقط وسواس العبادة, أي عندما أريد أن أصلي أو أقرأ القرآن أتخيل أشياء وكأني أعبدها من دون الله -والعياذ بالله- وكذلك أصبحت صلاتي بلا خشوغ, ولم أعد أشعر بوجود الله أثناء الصلاة, حتى صارت صلاتي عبارة عن رياضة, لا أكثر ولا أقل, ولهذا تركت الصلاة منذ سنة تقريبا.
في عملي يلح علي الموظفون أثناء الصلاة كي أصلي, ولكني أتهرب؛ لأني أعلم أن صلاتي لن تفيد شيئا بسبب عدم خشوعي, وعدم شعوري بوجود الله.
ماذا أفعل؟ أفيدوني فأنا خائف جدا على آخرتي, وعلى خاتمتي, هل أستمر على صلاة بلا خشوع أم ماذا؟ وقبل أن أختم سؤالي؛ فأنا أعاني من سلس الريح, أتجنب منذ سنوات صلاة الجماعة, ولكن هذا ليس المهم, المهم كيف أصلي وأنا بلا خشوع, وبلا شعور بالله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حاتم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك أيها الأخ الكريم في استشارات إسلام ويب, نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يذهب عنك ما تجد من شر هذه الوساوس، وعلاجك -أيها الحبيب– إن كنت فعلا تريد العلاج, وكنت حريصا على تخليص نفسك من هذه الحالة السيئة التي أنت فيها، علاجك هو أن تعرض عن هذه الوسوسة إعراضا كليا، فلا تلتفت إليها, ولا تسترسل معها، وأن تعلم يقينا بأن دين الله سبحانه وتعالى يسر، وشريعته سمحة، وأنه سبحانه وتعالى أنزل كتابه, وأرسل رسوله ليرفع الحرج عن العباد، وينقلهم إلى سعادتهم في دنياهم وأخراهم.
فالخير في التزام هذه الشريعة بما فيها من سهولة ويسر، ومن هذا اليسر أن رفع سبحانه وتعالى عن الموسوس ما تمليه عليه الوسوسة، وشرع لعباده البناء على اليقين، فإذا جاهدت نفسك للإعراض عن هذه الوسوسة وعدم الالتفات إليها, وعدم العمل بمقتضاها فإن الله سبحانه وتعالى سيشفيك منها ويذهب عنك ما تجده من آثارها.
وما أقدمت عليه من ترك الصلاة تحت تأثير هذه الوساوس فهو منكر عظيم، فإن ترك الصلاة فعل قبيح ومنكر حذر منه كتاب الله تعالى، وحذر منه رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم– في نصوص كثيرة، وقد جعله النبي - صلى الله عليه وسلم – أمرا موقعا في الكفر، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (العهد الذي بيننا وبينهم –يعني الحد الذي بيننا وبين الكفار– الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
فأنت مقيم على خطأ عظيم –أيها الحبيب– بتركك لهذه الصلوات، وما ذكره لك الشيطان وزينه لك من ترك هذه الصلاة لكونها بلا خشوع أمر قبيح، وهو من تلاعب الشيطان بك، والواجب عليك أن تتوب من ذلك كله، فلتبادر إلى الالتزام بالصلاة والقيام بها، ولو كنت لا تخشع فيها، والواجب عليك مع ذلك أن تجاهد نفسك بإحسان هذه الصلاة وإتقانها، فتحسن طهارتها، وتحسن ركوعها وسجودها، وينبغي لك بعد ذلك أن تجاهد نفسك لإحضار قلبك أثناء فعلك لهذه الصلاة، فالأمر سهل يسير -بإذن الله تعالى– وذلك بأن تحاول أن تتفهم معاني الكلمات التي ترددها وأنت تصلي، وأن تشغل قلبك في تفهم أذكار الركوع والسجود وما فيهما من التواضع لله سبحانه وتعالى, والتعظيم له، واللجوء إليه.
فإذا جاهدت نفسك في هذا الطريق وحاولت دائما التفكر في معاني الكلمات التي تقولها, والأفعال التي تؤديها فإن هذا سيكون سببا -بإذن الله تعالى– لجلب الخشوع لك في صلاتك.
وعلى كل حال فإن الصلاة فريضة لا يجوز لك أن تتركها تحت مبرر أنك لا تخشع فيها، فأدي هذه الصلاة في وقتها، وحاول مع ذلك أن تخشع فيها بقدر استطاعتك، وسيتولى الله سبحانه وتعالى عونك، وسيمن عليك بالشفاء من هذه الوسواس متى علم منك سبحانه وتعالى الجد والاجتهاد في مرضاته, والعمل بما يقربك منه.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يمن عليك بالشفاء العاجل، وأن يتوب عليك.
وحول كيفية التعامل الشرعي مع سلس الريح راجع: ( 280454 - 279239 - 273356 - 2124138 ).
والله الموفق.