السؤال
أنا فتاة عمري 23 سنة، عقد قراني قبل سنتين، وبعد مرور سنة من فترة الملكة علمت أن زوجي على علاقة بقتاة، تأكدت من ذلك وواجهته، ولم ينكر ذلك أبدا، بدا لي أنه أحس بالذنب تجاه ما فعله معي، وقام بتغيير رقم جواله، ولكن مازال يكلمها، واكتشفت ذلك للمرة الثانية وواجهته وتوترت علاقتي معه، وتواصلت مع الفتاة، واستطعت أن أبعدها عن طريقه، ولكنني الآن أعيش في صراع داخلي بين حبي الشديد له، وبين شكوكي فيه، وفي إخلاصه لي، ومازلت متمسكة به، ولا أريد أن أتركه لغيري مهما حصل، ولم أقصر في حقوقه بهذه الفترة، ولكنني فقدت الثقة بسبب خيانته السابقة، فقد أكلت قلبي نار الغيرة.
إذا غاب عني لثوان تبدأ الأفكار السلبية وتعبت نفسيا، بقي شهران على زواجي، وأنا لا أعرف كيف أتصرف معه ومع شكوكي.
أرجو مساعدتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يصلح هذا الرجل، وأن يلهمه السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، وكم تمنينا أن يكتفي بما أكرمه الله تبارك وتعالى بالحلال، وأن يشكر الكبير المتعال، وكم تمنينا لو أن كل امرأة لم تحسس زوجها ولم تتجسس عليه، لأن الشيطان يتخذ هذا مدخلا، ويجلب لها العنت والأتعاب الكثيرة.
لست أدري ما هو حال هذا الرجل بعد أن تورط وثبت تورطه، بعد المواجهة التي حصلت، هل هو نادم، راجع إلى الله تبارك وتعالى؟ أم يا ترى مازال مصرا على المعصية؟ كنا نريد أن نسمع الإجابات التي يقولها، والتصرف الذي يتصرفه عندما حصلت تلك المواقف، نريد أن نتعرف كذلك على الطريقة التي خطبك بها، هل كان مدفوعا أم جاء وحده؟ هل هو باختياره أم جاء عن طريق والديه؟ نريد كذلك أن نعرف الآن إلى أي مدى يتواصل معك أنت؟ نريد أن نسألك أيضا: ما هي الأشياء التي ربما كان يبحث عنها ولا توجد عندك؟
فإنا ندعو كل امرأة وكل مخطوبة وكل فتاة عقد عليها، وكل زوجة إذا تركها الزوج، وذهب إلى أخريات أن تسأل نفسها: ما الذي يبحث عنه؟ ما هي الأشياء المفقودة عندي؟ ما هي الجوانب التي ينبغي أن أنتبه لها؟ ما الذي لفت نظره عند الأخريات؟
وليس معنى هذا أن الرجل له عذر في ذلك، لا عذر له، بل وقع في خطيئة، وقع في ذنب عليه أن يتوب إلى الله تبارك وتعالى توبة نصوحا، ولكننا أيضا لابد أن نفكر بهذه الطريقة، من أجل أن نكون عونا له على الطاعة، ومن أجل أن نبعد عنه الشقيات السيئات، ومن أجل أن نيسر عليه أمر العفاف والطهر، فالإنسان يستغرب عندما تبالغ المتبرجة في إظهار مفاتنها وتقصر الزوجة في إظهار مفاتنها وزينتها وهي تؤجر على ذلك، لا تظهر سحرها الحلال، وما وهبها الله من جمال لزوجها الذي يتعرض للفتن لا أقول صباحا ومساء، بل في كل لحظة، في الشاشات، في المواقع، في الطرقات، في المكاتب، في كل مكان، فإن الفواحش والشرور بدأت تقحم على الناس حياتهم، وتدخل على الناس في بيوتهم، أمام هذا الظرف لابد للمرأة المسلمة أن تحسن التعامل مع زوجها وأن تحسن تبعلها زوجها وأن تتفنن في إظهار مفاتنها، حتى تصل بنفسها وزوجها إلى العفاف.
كذلك ننصحك بأن تقتربي من زوجك، وأن تدخلي إلى حياته، وأن تشاركيه الاهتمامات، وأن تعظمي الأشياء التي يعظمها، إذا كان من هواة الرياضة فكوني أيضا عندك فكرة في الرياضة حتى تفتحي هذه المواضيع وتناقشيها.
مهما كانت المهنة والهواية التي عند الرجل، المرأة العاقلة تحاول أن تجعل أرضية مشتركة، مثلا تسأله عن العمل، وعن نجاحات العمل، ثم تثني على عبقريته، وعلى إنجازاته وعلى المهام التي يقوم بها، وإن حصل له تقدم هنأته وأظهرت الفرح، وإن حصل له تأخر أو حصل له أزمة وقفت معه، وتشجعه، وتذكره بالله، داعية له بالتوفيق، تحثه على الاستمرار وتدفعه، ولا مانع أن تقول (كل ناجح محسود وأنت ناجح، ولكن بالصبر الإنسان ينال ما يريد بعد تقوى الله تبارك وتعالى واللجوء إليه).
ونحن نريد بهذا لأن الإنسان قد يتوفر له الطعام والشراب وكل شيء في البيت، لكن إذا لم يجد من يعيشه الاهتمامات فقد يبحث عن آخرين، أو أخريات من أجل أن يتجاذب معهن أطراف الحديث، ففوتي هذه الفرصة على الأخريات بالدخول إلى حياته ومعرفة اهتماماته والاقتراب منه.
وننصحك بنسيان ما حصل، لأنك الآن تبين لك المرض، والطبيب إذا عرف المرض يبدأ العلاج، لا يعيد الفحوصات مرة ثانية، وإنما يبدأ مباشرة في علاج المرض، والعلاج هو ما ذكرناه من الاهتمام بالتزين والمظهر والجمال الجميل، والدخول إلى حياته والمشاركة المعنوية، إلى غير ذلك من الأمور التي تعرفينها، فأنت امرأة والمرأة تعرف وسائل التأثير التي تملكها وتؤثر بها على الرجل.
ولذلك اجتهدي في القرب منه وفي نسيان ما مضى، فإن تكرار ما مضى وإعادة ما مضى لا يزيده إلا بعدا، لأن كثرة الملامة تهون على الإنسان ركوب الصعاب، ولكنه بحاجة إلى أن تقتربي منه، وتعطيه حقه الشرعي، ثم تساعديه على بلوغ العفاف، وتدخلي إلى حياته، وعند ذلك سيأتي للاعتذار على ما بدر وعلى ما حصل منه.
وأرجو أن نعرف طبيعة العلاقة الآن، إلى أي مدى يهتم بك؟ وإذا قال لك كلاما جميلا فصدقيه ولا تكذبيه، وجامليه وشاركيه، وردي عليه بما هو أجمل مما ذكره، هذه أمور أرجو أن تنتبهي لها، ونحن أيضا نؤيد فكرة أن تستمري وتكملي المشوار، حتى تكوني عونا لزوجك على الحلال، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونكرر شكرنا لك على التواصل مع الموقع.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.