السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..
لم يمض على زواجي أكثر من عام، ولاحظت هذه المشكلة منذ بداية زواجي، وهي أن زوجي يعاني من البرود، وعدم المبالاة في جميع متطلبات الحياة الزوجية، ويرفض العمل، ويمضي جل وقته في لعب البلايستيشن، أو كرة القدم مع أصدقائه، ولا يشعر بالمسؤولية أبدا، مع أنه يبلغ من العمر 33 سنة، وتصرفاته كالمراهقين، وعندما أتحدث معه عن موضوع البحث عن عمل يغضب، ويمضي الشهر وهو لا يكلمني، ويهمل في نظافته الشخصية.
لقد تعبت وأنا أتشاجر معه بخصوص العمل والنظافة، ولكن بلا جدوى، مع أني أتحمل كافة مصاريف المنزل، ومصاريفي الشخصية، ومصاريفه هو أيضا!
أرشدوني كيف أتعامل معه؟ أرجوكم أريد حلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ح.ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نرحب بك - ابنتنا الكريمة - في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح هذا الرجل، وأن يلهمه السداد والرشاد، وأن يعينه على النشاط، وأن يعينه على علو الهمة، فهو ولي ذلك والقادر عليه.
وأرجو أن تستفيدي من فترة الصيام في توجيه النصيحة له، وحاولي أن تبحثي عن مدخل حسن إلى نفسه، ابحثي عن الجانب الإيجابي فيه واتخذيه مدخلا، لا نريد أن نقول: (أنت لا تعمل، وأنت غير نظيف، وأنت غير كذا وكذا)، لأن هذا سيزيده إحباطا، ويزيده بعدا.
وأرجو أن تسمحي لي إذا وجهت لك شيئا من اللوم على أنك عودته منذ البداية على أن تتولي حتى مصاريفه الشخصية، وهذا خطأ – بكل أسف – تقع فيه كثير من بناتنا، عن طيبة، وعن حسن نية، وعن حسن قصد، وعن حب للزوج، وحب للخير، فتبدأ بعمل كل شيء، فهي: تنفق، وتصرف، وتجلب، وتصلح ما يحتاج لإصلاح في البيت، فبعد ذلك كله اعتاد الرجل بكل أسف، وهذه النوعية من الرجال - بكل أسف - تعتاد هذا التراخي، وهذه السهولة في الحياة، بل لما تمضي مدة يشعر كأن هذا واجب من واجبات الزوجة، وإذا قالت له: افعل كذا، يغضب، وينسى أن هذا واجب عليه، وأن الشرع لم يكلف المرأة لا بالإنفاق، ولم يكلفها بجلب الأشياء من الخارج، ولم يكلفها أن تكون قيما على أمر البيت، فهذه كلها من مهام الرجل، الذي جعل الله له القوامة بيده، فقال:{الرجال قوامون على النساء}.
وما هي هذه المؤهلات؟
الجانب الأول: مؤهلات فطرية،{بما فضل الله به بعضهم على بعض}، وهي القدرة على مواجهة الصعاب، والقدرة على مواجهة الحياة، وجرعة العقل الزائدة، وتحكيم العقل في الأمور، والقدرة على مواجهة الصعاب والمشكلات.
والجانب الثاني: مكتسب، وهو {بما أنفقوا من أموالهم}، ففي إنفاق الزوج على الأسرة، جزء من أساسيات القوامة.
ولذلك نحن لا نريد الرجل أن يأخذ من زوجته درهما واحدا، فإذا احتاج يأخذها على سبيل الدين، وحبذا لو استدان من غيرها، ولا يجوز له أن يجبرها على أن تدفع درهما واحدا إلا إذا كان ذلك عن طيب نفس منها، إلا إذا كان لون من المعاشرة بالمعروف التي تشكر عليه، ونحن نشكرك على هذا.
ولكن قبل أن تقدمي هذه الخدمات، لابد أن يكون هناك معرفة لحدود الواجبات، وذلك بأن يعرف ما الذي عليه، وما هو الواجب الذي ينبغي أن يقوم به، وهذا الأمر قد يحتاج إلى وقت فلا تستعجلي، ولكن حاولي دائما أن تحمليه بعض المسؤوليات، وإذا نجح فيها، فشجعيه، وصفقي له، وأظهري الفرح، وسيأتيك ما هو أفضل.
وأرجو كذلك – وأنت تسيرين في طريق الحل، ونسير معا من أجل إيجاد الحلول – أن تنظري في خلفية هذا الزوج، فلعله كان في أسرة مخدومة، فبعض الأسر يكون الأب هو الذي يخدم، والأم هي التي تخدم، فيخرج الأبناء والبنات - بكل أسف – اتكاليين، لا يستطيعون أن يخدموا أنفسهم، ولا يستطيعون أن يتحملوا مسؤولياتهم، فضلا عن أن يخدموا غيرهم، أو يقدموا خدمات للآخرين.
فإذا كان هذا كذلك – أي أن أسرته لم تكلفه بمهام، وعاش حياته على ملعقة من ذهب، والطعام يوضع في فمه – فالمسألة تحتاج إلى وقت أكبر، وتحتاج إلى صبر أكثر، ولذلك أرجو أن تنتبهي لهذه الخطوات، فنحن نريد أولا أن يكون منك التشجيع، بدل الإساءة والشتم.
الأمر الثاني: أن تفوتي الأشياء الصغيرة، وتركزي على الأشياء الأساسية.
الأمر الثالث: أن تقبلي بأي إنجاز وأي تقدم، ولو كان واحدا بالمائة، وأن تفرحي به ليكون عشرة، ثم ليكون خمسين، ثم ليكون سبعين، حتى يصل مائة بالمائة.
الأمر الرابع: لابد أن تكون الصلاحيات في الأسرة واضحة، وأن تحددي له المهام المطلوبة منه، والأشياء التي ينبغي أن يؤديها، وينبغي أن يقوم بها.
الأمر الخامس: اجتهدي في البعد عن مقارنته بالآخرين، وحاولي عزله عن الرفقة التي لا هم لها إلا اللعب، وأشعريه أن مستقبل الأسرة بحاجة إلى دراهم وإلى دنانير، ولا تلبي له كل الطلبات، ولكن حتى يشعر أن تلبية الطلبات ليست بالسهولة، وأن هذا الدرهم والريال الذي نحصل عليه ليس بالسهولة الحصول عليه، لأنه بغير هذا لن يقدر قيمة المال، ولن يقدر العمل الذي تقومين به.
الأمر السادس: حاولي أن تكتشفي ما عنده من إيجابيات فتضخميها، وتثني عليها، وتشكريه عليها، واعلمي أن الصبر جزء كبير في العلاج، كما أن اللجوء إلى الله (مصرف القلوب) هو الأساس في العلاج، كما أن كتمان أخطاء الزوج، وما عنده من نقص – وجعل الأمور بينكم – أيضا هذا عنصر أساس في مسألة العلاج.
ولست أدري ماذا يقول عندما يواجه بمثل هذه الأمور؟ قبل أن يغضب وينصرف، ماذا يقول؟ هل غضب لأجل الكلام الجارح؟ أم غضب لأجل ماذا؟ وهل يعرف أن عليه مسؤوليات؟
المسألة تحتاج منك ومنا إلى وقفات، ولكننا نرفض الاستعجال، وأنتم - إن شاء الله – في البداية، والأمور - إن شاء الله – تأخذ وضعها الصحيح، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وأن يصبرك على هذا الوضع، وأن يصلح لنا ولكم الأحوال، وأن يعين إخواننا الرجال على معرفة واجباتهم والتأسي بخير الرجال الذي كان يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)، أو كما قال - عليه صلوات الله وسلامه - .
نسأل الله أن يبارك لنا ولكم في هذا الشهر، ونعتقد أن الصيام فرصة، فتوجهي إلى الله من أجل أن يصلح لك هذا الزوج،
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.