ما الحل مع الاكتئاب الذي عاد لي؟

0 644

السؤال

السلام عليكم.

الحمد لله, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آل بيته الطاهرين, وعلى صحابته أجمعين, نبارك لكم قدوم شهر رمضان الكريم, أما بعد:

فالحمد لله الذي من علينا بهذا الموقع المتميز الذي يمكن من خلاله أن نشكو ما وقع علينا من بلاء, ونشكر جميع الكوادر الطبية المؤهلة والمحترفة في الرد على جميع استفسارات المرضى, ومساعدتهم على رفع البلاء, كما ندعو لكم بدوام التوفيق والنجاح, وللناس بدوام الصحة والعافية.

أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة, أشكو من حالة نفسية سيئة جدا جدا جدا, ولدي تاريخ طويل مع مرض "الاكتئاب" منذ ما يقارب 6 سنوات, عندما كنت في المرحلة الثانوية, وقد حصلت لي خلال هذه الفترة الكثير من الانتكاسات؛ حيث إني أتناول نوعين من الأدوية: سيروكسات 40, وديباكين 1000, بالإضافة إلى الأفكسر - تناولته في بداية المرض عشرين يوما فقط, وامتنعت عنه من تلقاء نفسي فيما بعد - وعندما عاد المرض رجعت إلى الطبيب النفسي, ووصف لي الطبيب الأدوية السابقة: السيروكسات, والديباكين.

على كل حال: وضعي الصحي اليوم وأنا أكتب هذا الرسالة إليكم لا يبشر بخير؛ لأن جميع أعراض الاكتئاب عادت إلي بقوة منذ شهرين حتى الآن, وأنا أستشعرها يوما بعد يوم, وسأذكرها على وجه السرعة:

هبوط حاد في المزاج - مزاج متعكر طيلة وقت اليقظة -, ويصاحبه عدم التركيز والاستيعاب, وكثير النسيان, مع تشوش في الذهن, وشرود غير طبيعي, وأعصاب غير طبيعية, وقد أدى ذلك إلى عمل حادث اصطدام قوي تهشمت فيه سيارة أختي -كفاكم الله الشر -.

وأعاني من عدم الاندفاع في الحياة, وفقدان البهجة والفرحة في المواقف التي يمكن أن تكون سعيدة للإنسان, والنظرة إلى المستقبل بشكل سلبي, أو بخوف من القادم نتيجة المزاج السيء, علما أني كنت أعمل قبل شهرين في إحدى الشركات, وكنت في قمة السعادة لأني حصلت على وظيفة جيدة بعد طول عناء في البحث عن وظيفة, خصوصا في بلدي, فالوظائف لا يمكن الحصول عليها بسرعة نتيجة انتشار المحسوبيات والوساطات, وقدمت استقالتي بسبب هذه الحالة التي أصابتني وأنا في العمل, لأني بصراحة لا يمكنني مقاومة هذه الحالة بأي حال من الأحوال وأنا أعمل, ومطلوب مني أن أنتج في العمل, وأنا أفتقد القدرة على الإنتاج, وعلى الاختلاط مع الموظفين, وعلى التركيز في العمل.

دكتور محمد عبد العليم: أشكرك على إجابتي عن الاستشارة السابقة قبل أربع سنوات (284467), كما أتمنى أن ترشدني إلى طريق الصواب؛ لأن نفسيتي تتعب يوما بعد يوم, وبدأت أفقد توازني من ناحية السلوك , والمزاج, والتركيز, والاستيعاب, فبماذا تنصحني - يا دكتور -؟ هل أزيد جرعة السيروكسات - فمن الممكن أن تكون قليلة 40 ملي جرام - أم أنتقل إلى دواء آخر؟ لأن إحساسي أن الاكتئاب الموجود لدي من النوع الشديد والملازم, وبالنسبة لدواء الديباكين فهو مثبت للمزاج, بمعنى أن المرضى الذين يشتكون من حالة هوس أو انشراح زائد يأخذون هذه الأدوية, أما أنا فلا أعرف كيف وصف لي الطبيب الذي يشرف على علاجي هذا الدواء؟! في حين أني لا أشتكي من فرط في الانشراح, وكل ما هنالك نوبات اكتئاب, تأتيني بشكل متكرر, وآخرها قبل شهرين, ولا زالت الأعراض ملازمة لي, ماذا تقترح - يا دكتور -؟ هل أستخدم مضادات اكتئاب أخرى أم أغير كمية الجرعة؟ وقد ذهبت إلى أحد الأطباء النفسيين في بلدي, وعدل جرعة الديباكين من 1000 إلى 1500 بناء على وزني 80 كيلوجرام, ولكني في الواقع لم ألتزم بهذه الجرعة؛ لأن أعراض الاكتئاب كانت شديدة جدا.

أتمنى - يا دكتور – أن تعطيني الحل لهذه المشكلة؛ لأنها مشكلة حياتي الكبرى؟

وفي النهاية: نشكركم على هذا الموقع الأكثر من الرائع, ونسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم, وأن يجعل مثواكم جنان الخلد مع محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين, وصحابتة الأبرار رضي الله عنهم أجمعين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فنشكرك على كلماتك الطيبة, وعلى ثقتك في هذا الموقع, وفي شخصي الضعيف، وأود أن أنتهز فرصة شهر رمضان المبارك وأهنئك بقدومه، وأسأل الله تعالى أن يجعله للجميع رحمة ومغفرة وعتقا من النار.

لابد أن نتفق على شيء مهم جدا، وهو أن الاكتئاب يمكن أن يعالج، والاكتئاب يمكن أن يهزم, فهذه أسس رئيسية جدا يواجه من خلالها الاكتئاب، أما حين يستسلم الإنسان لنوبات الاكتئاب وإطباقه عليه, ويكون دائما مستقبلا لفكر انتقائي تلقائي سلبي، فهذه قضية كبيرة, ومشكلة كبيرة جدا.

فأنا أريدك أن تتوجه التوجه المعرفي السليم والصحيح والرشيد لمقابلة هذا الاكتئاب، وهذا يعني أن تكون متفائلا، وأن تتذكر أنك شاب لديك مقدرات، وتحاول أن تستغل الجوانب الإيجابية الموجودة لديك، وبالرغم من الصعوبات المجتمعية والمعاناة في سوق العمل والبطالة وخلافه، إلا أن الإنسان من خلال الاجتهاد والمثابرة والتوكل على الله أولا وأخيرا يستطيع - إن شاء الله تعالى – أن يصل إلى مبتغاه.

المهم أني أريد أن تكون حياتك مفعمة بالأمل, وبالرجاء, وبالأنشطة، وأن تحسن إدارة وقتك، غهذا – يا أخي علي – علاج مهم جدا.

آتي بعد ذلك للجانب العلاجي الدوائي: فموضوع أنك تتناول الدباكين وبجرعة ألف مليجرام، ثم رفعت إلى ألف وخمسمائة مليجرام، أعتقد أن الأطباء لابد أن يكونوا قد استشعروا أنه ربما يكون لديك شيء من ثنائية القطبية، أو على الأقل نوعية الاكتئاب الذي لديك هي من النوع المختلط، والاكتئابات المختلطة تكون معها جوانب - لا أقول انشراحية، لكن لا تخلو من شيء من حدة المزاج أو عدم الارتياح، والذي يؤدي إلى بعض الانفعالات - وفي مثل هذه الحالات مثبتات المزاج لها دور.

لا شك أنه من حقك تماما أن تعرف تشخيصك بدقة، وهذه مسؤولية الإخوة الأطباء، وأنا أعتقد أنك إذا سألت هذا السؤال بصورة مباشرة فسوف تجد عندهم الإجابة.

الأمر الآخر: في بعض الأحيان تستعمل مثبتات المزاج كمدعمات لتحسين المزاج في حالة الاكتئاب آحادي القطبية, وهذا أيضا وارد، لكن لا تكون الأدوية مثل الدباكين بهذه الجرعة.

بالنسبة لمراجعة الدواء: أتفق معك أن الدواء لديك يحتاج إلى مراجعة، وأعتقد أن ذهابك للطبيب سوف يكون أمرا جيدا ومفيدا, ومن وجهة نظري يمكن أن يستبدل الدباكين بعقار (لامكتال/ اللامتروجين) لأنه مثبت للمزاج، ذو فعالية خاصة جدا، خاصة إذا كانت الجوانب الاكتئابية هي الأعم والأقوى والمسيطرة، فأنت تأتيك نوبات اكتئاب، وأعتقد أن اللامتروجين (لامكتال) سيكون بديلا ممتازا للدباكين.

هنالك الآن دراسات مشجعة جدا تتحدث عن فوائد عقار (سوركويل/ كواتبين), وهذا الدواء في الأصل مضاد للذهان، لكن وجد أنه ذو خاصية ممتازة جدا لتفعيل تثبيت المزاج، وأيضا يحسن المزاج للدرجة التي نستطيع أن نقول إنه يمكن أن يعتبر من مضادات الاكتئاب الحديثة والجيدة, وإن كانت فعاليته ليست بنفس قوة الأدوية الأخرى المضادة للاكتئاب, فالخيارات كثيرة موجودة.

جرعة الزيروكسات: هذه أيضا يمكن أن ينظر فيها، لكن الذي أراه هو أن التحول إلى مثبتات مزاج أخرى مع احتمال زيادة جرعة الزيروكسات أو تركها على ما هي عليه، وهذه سوف تكون حلولا, وحلولا جيدة جدا من وجهة نظري.

فأرجو ألا تنزعج، وأرجو أن تتواصل مع الطبيب, وتعرض عليه ما ذكرناه من أفكار، دون أن نتدخل بالطبع في عمله, أو نحاول أن نفرض عليه أي نوع من الأفكار فيما يخص خطة العلاج.

اجتهد في موضوع البحث عن العمل, والاستمرار في العمل، فالعمل قيمة عظيمة جدا، وأنت شاب، وأعتقد أن العمل في حد ذاته وسيلة تأهيلية مهمة جدا، ولا تنس أيضا ممارسة الرياضة, والتواصل الاجتماعي، والاطلاع المعرفي، فكلها - إن شاء الله تعالى – تفيدك كثيرا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات