السؤال
أخى يبلغ من العمر 27 عاما, يعمل في وظيفة محترمة, وراتبه متوسط, ويريد الزواج من فتاه لا تناسبه بأي حال من الأحوال, سواء من الناحية الاجتماعية, أو من الناحية العلمية, وربما من الناحية الدينية والأخلاقية, نصحناه كثيرا بالابتعاد عنها ولكنه يتعلل بأنها ستقبل بأي شيء, وبأي مستوى معيشي, وحاولنا أن نجد له عروسا بديلة عنها ولكنه يماطل في الذهاب لرؤية أي عروس أخرى, ويرفض والداي بشدة هذه العروس.
فماذا نفعل لإبعاده عن التعلق بهذه الفتاة, وتزويجه بمن تليق له؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم الأحوال، وأن يهدي شباب المسلمين لما يحبه ويرضاه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعين هذا الأخ على بر والديه وعلى التوافق معكم، لأن هذا من مفاتيح النجاح والتوفيق في اختيار الزوجة، ولكننا نريد بداية أن نسأل: إذا كان للأسرة ملاحظات تحديدا في دين هذه الفتاة فإنه عند ذلك من حقهم أن يتدخلوا بهذه القوة، أما إذا كانت الفتاة صاحبة دين، ووجد الشاب معها، ومال إليها، فعند ذلك لا ننصحكم بالوقوف في طريقه، لأن مسألة الاختيار دائما هي حق للرجل وحق للمرأة، ونحن قد ننجح في أن نشتري لولدنا –أو لأخينا– سندويتش ليأكله, أو هدية يفرح بها، لكن قد لا ننجح في اختيار زوجة تناسبه.
إذا كان هذا الاختيار فيه خطر على دين هذا الأخ، فيه خطر على أخلاقه، فعند ذلك ينبغي أن تقفوا وتجتهدوا في منعه, وتحولوا دون إتمام هذا الزواج جهدكم. أما إذا كان هذا الرفض لأشياء أخرى لأنها اجتماعيا كذا, أو لأن ظروفها كذا, أو لأن أهلها كذا, أو لأن وضعها كذا، مثل هذه الأمور التي تدخل في إطار العادات فعند ذلك نتمنى ألا تقفوا في طريقه، والعبرة في كل هذا بالدين، العبرة بصلاح الدين، لأن الدين هو الأساس، والشريعة أمرت الرجل أن يختار صاحبة الدين (فاظفر بذات الدين).
الأمر الثاني: الشريعة تعطي هذا الحق للشاب، فقد نرى نحن فتاة جميلة لكنه لا يراها جميلة، هو الذي يرى بعينه هو، هو الذي يجيد الاختيار لنفسه هو، ولذلك ينبغي أن ننتبه لهذه المسألة، فالناس نظرتهم للجمال متفاوتة، قد تكون مثلا فتاة جيدة وجميلة لكن لا تروق له، لأن التلاقي بالأرواح، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
أما إذا كان في دين الفتاة خلل –كما هو واضح ذلك في الرسالة بإشارة خفيفة– فعند ذلك ينبغي أن ينصح، بل ينبغي أن يمنع، بل ينبغي أيضا أن يطيع والديه، لأن الوالد إذا أمر بمثل هذا –كما فعل عمر رضي الله عنه عندما أمر ابنه عبد الله أن يطلق زوجته، فامتنع عبد الله، فأمر النبي-صلى الله عليه وسلم– عبد الله بن عمر أن يطيع والده، فطلق زوجته. قال العلماء: لأن الاعتبار كان شرعيا، ولأن عمر خاف على دين ولده من تلك المرأة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : (أطع أباك).
لكن إذا لم يكن السبب لأجل الدين، إنما لأجل هذه الأشياء الوهمية, الاجتماعية، المراسيم الأخرى التي نتكلم عنها، فأرجو ألا نقف طويلا في وجهه, ولا مانع إذا كان الوالد متضايقا -والوالدة كذلك– أن يظهروا له عدم رضاهم، وأن يحاولوا معه، ويجتهدوا في إثنائه، ويجتهدوا في إيجاد البديل المناسب، لكن لو فرضنا أنه أصر وعاند واستمر, وكانت الفتاة صاحبة دين وأخلاق فأرجو ألا تقفوا في طريقه إذا كانت الفتاة مناسبة.
أكرر: الإسلام يهتم بالخلل في مسألة الدين، بقية المسائل هي عوامل مساعدة، ولكن نتمنى أن تشجعوه حتى يتواصل معنا بنفسه، ودعوه يسأل هذا الموقع، يتوجه إلينا بالسؤال، لأننا عند ذلك نستطيع أن نخاطب فيه جوانب هامة جدا، نذكره أن طاعة الوالدين من عناصر التوفيق لأي زيجة ولحياة الإنسان، فلا يمكن الإنسان أن يوفق إذا كان هو عاق لوالديه. هذه نقطة.
المسألة الثانية: من فلاح الإنسان وصلاحه ونجاحه أن يجد امرأة صاحبة دين ويرضاها الوالد وترضاها الوالدة، لأن في هذه الحال يجد عونا على التوفيق بين الواجبات، فهو مطالب أن يبر والديه، ومطالب في نفس الوقت أن يحسن إلى زوجته، فإذا وجد هذا التوافق سهل عليه الأمر. أما إذا كان الوالد والوالدة لا يحبوا زوجة الابن فقد يصعب عليه، كيف يوفق بعد ذلك بين الحقين، بين حق الوالد والوالدة وبين حق الزوجة المسكينة التي تريد حقها؟!
إذن إذا فشلتم في أن تقنعوه فنتمنى أن تطلبوا منه أن يتواصل مع الموقع، وعند ذلك -إن شاء الله تعالى– سنجتهد في أن نعطيه الإجابة المناسبة، ونتمنى أن ننجح في إثنائه، خاصة إذا كانت الأمور في بداياتها ولم يعقد لسانه أو يرتبط مع الفتاة بطريقة رسمية، فإن الإنسان لا يرضى الوضع عند ذلك لبنته أو لأخته فكيف نرضاه لبنات الناس.
على كل حال سنكون سعداء في حال تواصله مع الموقع، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.