الرهاب الاجتماعي وعلاجه وطريقة استخدام الدواء

0 397

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في الحقيقة أنا شاكر لكم جهدكم وعطاءكم منقطع النظير، وأتمنى من الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

في البداية أنا شاب عمرى 22 سنة، طويل القامة نسبيا، قوي البنية - بحمد الله -, عصبي المزاج، يعتريني قلق وتوتر في أغلب الأحيان بسبب ودون سبب؛ مما أصابني باكتئاب مؤخرا, ومن خلال استشاراتكم علمت بدواء لسترال, و10 حبات منه بمعدل حبة يوميا كانت كافية لعلاجي - بحمد الله -.

أعاني أيضا من رهاب اجتماعي بدرجات متفاوتة، قد تكون منخفضة أو متوسطة أو شديدة في مواقف معينة فقط, وليس في كل الأحيان, وقد أصابني ذلك بالإحباط؛ لأنه يقف عائقا أمام تقدمي في حياتي، فأنا أتردد في اتخاذ القرار في مواقف معينة بسيطة، على سبيل المثال: عند شراء الملابس أقف حائرا مترددا لا أعرف ماذا أريد، وأخاف أن يكون هذا عائقا في حياتي عند زواجي وعملي.

من المواقف التي - أحيانا - أصاب فيها برهاب اجتماعي بدرجة متوسطة إلى شديدة هي عند أبسط مواجهة مع شخص ما لسبب من الأسباب، وأحيانا أخرى لا تحدث لي هذه الأعراض في نفس المواقف, ولا أدري ما السبب.

أيضا من المواقف التي أشعر فيها بأعراض الرهاب الاجتماعي من زيادة في ضربات القلب، وتعرق، وذبذبة في الصوت، وتكون عند قراءة القرآن الكريم في حلقات التلاوة, وكان هناك تحسن في هذه النقطة على وجه الخصوص عندما تناولت دواء اللسترال، وتسببت لي هذه الأعراض، من قلق وتوتر وتردد وما يعتريني من رهاب اجتماعي، بفقدان الثقة بنفسي أحيانا.

من ناحية أخرى: أنا لا أتعرض للرهاب الاجتماعي عند مقابلة أشخاص جدد، بل على العكس تماما أشعر براحة تامة عند الحديث مع الغرباء, حتى أني قد أكون من يبدأ الحديث، ومعظم الأعراض تحدث لي في المواقف سالفة الذكر.

أنا على اقتناع بضرورة العلاج السلوكي بجانب العلاج الدوائي؛ لذا قررت ممارسة الرياضة، وبإذن الله سأبدأ في مواجهة تلك المواقف التي تسبب لي هذه الأعراض مرة تلو الأخرى عند البدء في العلاج، ولدي عدد من الأسئلة أطرحها عليكم، وأنا شاكر لكم سعة صدركم:

- ما الدواء المناسب لحالتي؟ فمن خلال استشاراتكم وجدت أن الزيروكسات, واللسترال, والبروزاك من أفضل الأدوية في هذا المجال, فأيهم أفضل لحالتي, والأقل من ناحية الأعراض الجانبية؟

- ما الجرعة المناسبة, وما هي مدتها بالتفصيل - إن أمكن -؟

- هل بعد انتهاء فترة العلاج ستنتهي تلك الأعراض دون الحاجة للرجوع للدواء مرة أخرى؟

جزاكم الله خيرا، ونفع بكم، وكل عام وأنتم بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فكما تفضلت ووصفت حالتك بصورة جلية, فإن معظم أعراضك تشير إلى وجود درجة بسيطة من القلق الاجتماعي, أو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي، وهنالك إفرازات ثانوية لهذا الرهاب الاجتماعي، منها: التردد، وعدم الثقة في النفس، وعسر المزاج، وهذه قد تأتي في بعض الأحيان, وتختفي وتتفاوت من إنسان إلى آخر.

من الأشياء التي ذكرتها ولفتت انتباهي أنك لا تتعرض للرهاب الاجتماعي عند مقابلة أشخاص جدد، وهذه ظاهرة نلاحظها في بعض حالات الرهاب الاجتماعي؛ لذا قالوا: إن لكل إنسان رهابه الاجتماعي الخاص به، وهذه بادرة جميلة وطيبة وإيجابية؛ لأن معظم حالات الرهاب الاجتماعي تحدث في بعض الأحيان حين يكون هنالك مواجهة مع الغرباء.

بالنسبة لتذبذب صوتك أثناء تلاوة القرآن في الحلقة: فهذا يجب ألا يزعجك أبدا، فهذه الذبذبة في الصوت ناتجة من حساسيتك الشديدة حول الموقف، وأنا متأكد أن أداءك أفضل مما تتصور، وبالتدرج وبالإصرار على الممارسة وحضور هذه الحلقات - إن شاء الله تعالى – سوف تجد نفسك في طمأنينة وراحة تامة، وسوف يحدث لك التطبع والتواؤم التام بعد فترة ليست بالطويلة أبدا.

آليات العلاج السلوكي مطلوبة، وهي أمور عامة في الحياة، يعني أن العلاج السلوكي لا يتطلب أن تقطع له وقتا معينا، أبدا, هو ممارسة يومية أثناء الحياة، تقوم على مبدأ المواجهة، والثقة في النفس، وتحقير فكرة الخوف، وتصحيح المفاهيم حول هذا الخوف؛ لأن الإشكالية الكبيرة التي تواجه الكثير من الإخوة والأخوات هو اعتقادهم أن أداءهم منخفض جدا أمام الآخرين، أو أنهم سيكونون مصدر سخرية من الآخرين، وهذا ليس صحيحا أبدا، والشعور بالخوف هو شعور خاص داخلي، والتغيرات الفسيولوجية المصاحبة لا يشعر بها إلا صاحبها.

بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم, نحن نقول: إن العلاج الدوائي جزء أصيل جدا في الرزمة العلاجية التي تساعد في حالات القلق والرهاب، وتحسن المزاج. وكل الأدوية التي ذكرتها جيدة (الزيروكسات – اللسترال), وحتى البروزاك فهنالك مؤشرات أنه مفيد، لكني أقول: إن عقار لسترال والموجود في مصر والذي يسمى تجاريا (مودابكس), ويسمى علميا باسم (سيرترالين) هو دواء مناسب من حيث الفعالية والسلامة, وكذلك سعره.

المهم هو الالتزام بالجرعة العلاجية - وهذا مهم جدا – وكذلك فترة العلاج، ويمكن أن تبدأ بتناول الدواء بجرعة خمسة وعشرين مليجراما – أي نصف حبة – تناولها لمدة عشرة أيام بعد الأكل، وبعد ذلك اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميا، ويمكن أن تتناولها كجرعة واحدة في المساء، أو بمعدل حبة صباحا وحبة مساء، وهذه الجرعة العلاجية يجب أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، وبعدها خفض الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هو دواء سليم وجيد، وهذه هي المدة العلاجية المعقولة، والآثار الجانبية له تعتبر بسيطة جدا مقارنة مع الكثير من الأدوية، فقد يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، وهذه يمكن التخلص منها من خلال التحكم الغذائي, وممارسة الرياضة، وبالنسبة للمتزوجين قد يؤدي إلى تأخر بسيط في القذف المنوي، لكنه لا يؤثر أبدا على مستوى هرمون الذكورة، وبعض الناس قد يحسون بشيء من الاسترخاء الزائد النسبي في بداية العلاج، لكن هذه الظاهرة تختفي بعد ذلك, عموما هو من الأدوية المتميزة جدا، والفاعلة جدا وغير الإدمانية.

بالنسبة لسؤالك الأخير: هل بعد انقضاء فترة العلاج سوف تنتهي الأعراض دون الحاجة للرجوع إلى الدواء مرة أخرى؟

هذا يعتمد على مثابرة الشخص في التطبيقات السلوكية؛ لأن الأدوية تساعد مساعدة كبيرة وفاعلة جدا، لكن بعد التوقف عنها قد تحدث انتكاسات, إذا لم يكن هنالك تدعيم سلوكي، ونحن نقول: إن خمسين بالمائة من الناس لا يحتاجون للرجوع لهذه الأدوية مرة أخرى، لكن الخمسين بالمائة الأخرى قد تنتكس حالاتهم مرة أخرى، وهنا لابد من بداية برنامج علاجي آخر, فكن مجتهدا حتى تكون في المجموعة الأولى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات