أحببت شابا وأتواصل معه هاتفيا.. ما توجيهكم، وما عقاب العشاق في الآخرة؟

3 502

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا فتاة عمري 17 عاما، أحببت شابا بعمري حبا شديدا، وتعلقت به بشدة ولقد حاولت كثيرا الانفصال عنه، لكنني لم أستطع، هو يحبني أيضا، ونتحدث عبر محادثة البلاك بيري فقط، وقد وعدني أنه حينما يكبر سيأتي لخطبتي، وهو شاب صالح أعرفه قبل أن أحبه، وكنت معجبة بأخلاقه وأسلوبه، وأنا والله أثق به جدا وأجد معه السعادة.

وقد وجدت موضوعا للشيخ مشاري الخراز عن التوكل على الله بأمور كالزواج مثلا، واتبعت الخطوات وبعدها زال كل الخوف والهم وأنا أحادث الشاب.

وأنا أعلم أننا في شهر رمضان والشياطين مصفده -بإذن الله-، أريد أن أعلم هل الشيء الذي نفعله صحيح أم خاطئ؟ وما هو عقاب العشاق أمثالنا في الآخرة؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عنود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نشكر لك ابنتنا هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك هذا الوضوح في طرح الإشكال الذي عندك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والصواب، وأن يردك إلى الحق ردا جميلا.

لا يخفى على – ابنتي الفاضلة – أن العشق أمر لا ترضاه هذه الشريعة، وأن العاشق قد يحرم ويعذبه الله تبارك وتعالى بمن أحبه من دون الله تبارك وتعالى، فالمؤمنة ينبغي أن تعمر فؤادها وقلبها بحب الله تبارك وتعالى، وإذا أحبت رجلا – كالزوج أو نحو ذلك – فينبغي أن يكون ذلك أيضا تحت قاعدة المحبة الكبرى، تحب ما يحب الله تبارك وتعالى، والله تبارك وتعالى يحب للمرأة أن تحب والديها وأن تحب زوجها، لكن الزوج الشرعي الذي جاء دارها من الباب وخطبها من أهلها وعقد عليها عقدا شرعيا، جمع بينهما الكتاب والسنة وهدايات هذه الشريعة التي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.

وإذا كانت هذه العلاقة بهذه الطريقة فإنها لا ترضي الله تبارك وتعالى، وليس لها ما يبررها من الشرع، ويكفي أن تتوقفا الآن وإذا كبر عليه أن يأتي ليطرق الباب، أما أن تمتد العلاقة من الآن حتى يكبر، ولا ندري بعد ذلك يأتي أو لا يأتي، ولا ندري بعد ذلك تكوني من نصيبه أو لا تكوني، ولا ندري بعد ذلك يقبل أهله أو لا يقبلوا، ولا ندري بعد ذلك يرضى أهلك بهذا أو لا يرتضوه، فهذا لا ترضاه هذه الشريعة.

الإسلام لا يعترف بأي علاقة بين رجل وامرأة إلا في إطار المحرمية، أو في إطار الحياة الزوجية، وعندما يبدأ الإنسان هذا المشوار ينبغي أن تكون البداية بإعلان هذه العلاقة، بالتواصل مع أهل الفتاة، بخطبتها رسميا، بعد ذلك يمكن أن يتواصل، لأن هذا غطاء شرعي، وحتى بعد أن يخطب نحن لا ننصح بكثرة التواصل ولا ننصح بطول فترة الخطبة، لأن طول فترة الخطبة خصم على سعادة الزوجين، حتى لو تزوجا بالحلال.

فإذن لا حل أمامكما الآن إلا أن توقفا هذه العلاقة تماما، والتوبة إلى الله تبارك وتعالى.

إذا جاء ذلك الوقت فعليه أن يتقدم هو ليطرق بابكم، ويقابل أهلك الأحباب، ويعرض رغبته في الارتباط بك، وإذا حصل الوفاق والتوافق فعند ذلك ينبغي أن تحصل الرؤية الشرعية، والمشكلة الكبيرة أن الفتيات يغرهن الثناء ويعجبهن الكلام الجميل، لكن الشريعة تشترط الرؤية والنظرة الشرعية، النظرة الشرعية هذه إما أن تقبله وإما أن ترفضه، كل إنسان قد يتكلم كلاما جميلا، قد يحسن الكلام ويكون له أسلوب، ولكن عند اللقاء الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

وصدقيني – ابنتي – نحن من خلال خبرتنا ومن خلال التواصل الكبير مع آلاف الرسائل من هذا النوع تبين لنا أن هذه العلاقة التي تبدأ بمخالفة شرعية – ببدايات خاطئة – لا توصل إلى نتائج صحيحة، وأن الإنسان إذا أحب شيئا في معصية الله عذبه الله بما أحب.

نحن نوقن أن هذا القرار، وهذا الكلام قد يكون صعبا عليك وعليه، لكن الاستمرار هو الأصعب، لكن الاستمرار هو الأخطر، لكن التمادي هو الذي يجر إلى عواقب وخيمة، لا نريدها لك، لا نريد أن يفتضح الأمر، أن تفقدي ثقة أهلك، أن تغضبي ربك كذلك بهذا الاستمرار، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

إذن نحن نطالبكم في شهر الصيام الذي استطعت فيه أن تتركي الطعام والشراب أن تتركي هذه العلاقة، حتى يحين الوقت الصحيح، ثم عليك أن تتوبي مما مضى، ثم بعد ذلك لا مانع من أن يعود ليطرق بابكم، فنحن لا نعترف إلا بعلاقة مكشوفة، تحت ضوء الشمس، بعلم الأهل، من الجميع، على الأقل لها غطاء شرعي، على الأقل هدفها الزواج.

ولذلك هذه النقاط لابد أن تنتبهي لها، وانصحي لذلك الشاب، وأنت قلت أنه متدين، وطيب فعليه أن يعلم أن هذا من الدين، وأن الدين لا يبيح له مثل هذه العلاقة، ولا يبيح لك مثل هذا التواصل، مهما كان صلاح الشاب ومهما كان صلاحك أنت، لأن الشيطان حاضر، ولأن الإنسان إذا بدأ مثل هذه البداية فإنه يبدأ حياته الزوجية بشيخوخة مبكرة، وهذه الدراسات – دائما نقول – في البلاد الغربية أن العلاقات العاطفية التي تسبق العلاقة الرسمية (الزواج) هي المسؤولة عن خمسة وثمانين بالمائة من نسبة الفشل في الحياة الأسرية، والخمسة عشر بالمائة الباقية فيها فشل، لأنهم يصبرون لأنهم مجبورون على بعضهم، ليس لهم خيار، فنسبة الفشل مائة بالمائة عندما نتأمل هذه الدراسة، وهناك عاصمة عربية كبرى أيضا عملت دراسة للذين لحالات الطلاق، فاكتشفوا أيضا حاولي ثمانين بالمائة منهم كانت لهم علاقات عاطفية خارج الأطر الشرعية، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.

ولو فرضنا أن هذا لم يحدث فإن الحياة الزوجية الشرعية تبدأ بشيخوخة مبكرة، سرعان ما يمل، سرعان ما تمل، سرعان ما ترى فيها السلبيات، سرعان ما ترين فيه السلبيات، لأن الشيطان الذي جمعهما في هذه الشبكة العنكبوتية هو الشيطان الذي يأتي ليقول: (كيف تثقين به، ربما له أخريات) ويقول له (كيف تثق بها، ربما لها آخر) ولذلك يحجزها ويضربها، ويسيء الظن بها، وتسيء الظن به، وتتحول حياتهما إلى جحيم.

أنت على خير، والدليل على ذلك هو هذا التواصل، هو هذا الشعور الذي دفعك للسؤال، وأرجو أن تكملي هذا الخير بالاستجابة لداعي الله ولضوابط هذا الشرع الحنيف، واستري على نفسك، ونتمنى من الله لك التوفيق، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات