السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الأعزاء قبل فترة تقدمت لخطبة فتاة، وصليت الاستخارة والبنت صلت كذلك، وأحسست بانشراح الصدر، ثم أتممنا عقد القران ( الملكة ) وفي أول شهر بعد القران كنت أحبها وتحبني ولا نفارق بعضنا، ودائما أذهب لها، ونخرج مع بعض، ونتحدث عبر الهاتف.
كانت بيننا بعض المشاكل البسيطة، والآن تريد الانفصال، وإذا سألتها عن السبب تقول لا يوجد انسجام، ولا أشعر أني أحبك، وكل ما تصلي استخارة بعد عقد القران تحلم بأحلام تدل على عدم الاستمرار معي مع أنها كانت تريدني قبل، والآن تغير الحال قلت لها الانسجام يأتي بالعشرة، وليس في لحظة.
أنا لا أسكر ولا أستخدم المخدرات، -والحمد لله- محافظ على صلواتي، وأعاملها بأحسن معاملة، وأعمل كل شيء في سبيل راحتها وإسعادها.
لماذا حدث هذا التغيير المفاجئ؟ هل هو من العين والحسد أم من الاستخارة بعد عقد القران؟
كل أمورنا تيسرت بكل سهولة من الخطبة لعقد القران، ولا يوجد أي مشكلة، علما أني أحبها ومستعد أن أعمل كل شيء لها، ولا أريد الانفصال، وأعلم أن كل شيء بيد الله، لكن لماذا كانت تريدني، وتريد الزواج وفجأة تغيرت ولا تريد الزواج ولا تحبني؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرا، مشكورين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..
نرحب بك ابننا الكريم، ونسأل الله أن يؤلف بين القلوب، وأن يغفر لنا ولكم الذنوب، هو ولي ذلك والقادر عليه.
بداية لا نملك إلا أن نقول كما قال ابن مسعود: (إن الحب من الرحمن، وإن البغض من الشيطان، يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم) فإذا لم يكن لهذا النفور منها أسباب معروفة فهي فعلا بحالة إلى رقية شرعية، والرقية الشرعية يمكن أن تكون من الرجل لزوجته، أو من المرأة لنفسها، أو تقوم أمها بقراءة الرقية عليها، ولا مانع من الذهاب إلى راق شرعي يتقيد بأحكام الشرع، لا يلمس النساء، ولا يخلو بالنساء، ومظهره الالتزام بهذا الدين العظيم، وتكون الرقية بكلام مفهوم، وألا يكون عنده مراسيم غامضة في أثناء الرقية الشرعية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما على الخير.
كم تمنينا لو أن هذه المرأة (الزوجة) كتبت إلينا بنفسها، فلو شجعتها على التواصل مع موقعها، ومن حقها أن تطلب أن تكون الاستشارة محجوبة، حتى نستمع إليها ونعرف وجهة نظرها، ولكن مثل هذه المسائل لا ينفع فيها الاستعجال، فلا تسارع في تلبية طلبها، واجتهد في معرفة الأسباب، فإن العلامات الأولى والوفاق الأول وكون العلاقة بدأت بهذه الطريقة الصحيحة - إن شاء الله تعالى – كلها مبشرات، ولست أدري هل حصل بينكما ما يحصل بين الأزواج؟ وهل حصل بينكما الزفاف أم هي ملكة فقط؟ لأن هذه المسألة أيضا قد يكون لها علاقة بهذه المسألة، فإن بعض الشباب يخطب ويطيل الخطبة، وهذا ليس من المصلحة، وبعضهم يعقد على زوجته ولكن يؤخر الزفاف، فهل أتممتم الزفاف أم كان متأخرا؟ هذا أيضا مرتبط بهذا النفور.
أيضا عند اقتراب موعد الزواج، عند الاقتراب للدخول للقفص الذهبي – كما يقولون – يحصل بعض النفور ويحصل بعض التوترات، لأن هذا أمر طبيعي، فالإنسان يخاف من المسؤوليات، وأيضا قد تكون هنالك تدخلات من هنا أو هناك، فاجتهد في معرفة الأسباب الفعلية لهذا النفور، إذا كانت لا تريد أن تخبرك فعليها أن تتواصل مع الموقع، وتطلب حجب الاستشارة وتقول ما في نفسها، لأنه إذا عرف السبب بطل العجب، وسهل علينا بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب، فإذا كانت الأسباب معروفة سعينا في علاجها، وإذا لم تكن الأسباب معروفة فالسعي ينبغي أن يكون للرقية الشرعية، والمحافظة على الأذكار، والتعوذ بالله تبارك وتعالى من هذا الشيطان، الذي لا يريد لنا الخير، كما قال ابن مسعود: (يريد أن يبغض لكم ما أحل الله لكم) فالشيطان يفرح بالطلاق ويحزن بالزواج، لا يريد للناس أن يتزوجوا لأن في الزواج عصمة، وفي الزواج تكثير لسواد المسلمين، وفي الزواج تقوية ونصرة لهذا الدين، وفي الزواج سرور لنبينا الكريم الذي يفاخر بنا الأمم يوم القيامة - عليه صلوات الله وسلامه - .
لذلك أرجو أن تتعامل مع الوضع بهدوء، وتجتهد في أن تتفادى الأمور التي تثير غضبها، وتجتهد في أن تكمل مراسيم الزواج، وتجتهد في أن تبعد عنها المؤثرات الخارجية، وتعرف أسباب هذا النفور الحاصل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف القلوب، وأن يستخدم الجميع في طاعته، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجه الكريم.
ثم عليكم أيضا أن تكثرا من الاستغفار والإنابة، والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، فإن السلف كانوا يقولون: (ما حدث خلاف بين زوجين – أو بين صديقين – إلا بذنب أحدثه أحدهما) فعلينا أن نراجع أنفسنا دائما، ونبدأ باللجوء إلى الله تبارك وتعالى، فإن قلب الزوجة، وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها، وهو القائل لنبيه: {لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم} فنسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف بين قلبيكما، وأن يلهمكما السداد والرشاد، وأن يعينكما على كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى.
نكرر طلبنا لك بألا تستعجل مسألة الطلاق، ولا تستعجل في تلبية رغبتها حتى تتجلى لك الأسباب، حتى تتضح الأمور، وعند ذلك نستطيع أن نحاورك بهدوء، ونتمنى أن تتواصل معنا، أو تجعلها تتواصل مع موقعها، حتى نفهم هذه المسألة ونفهم أسبابها ونفهم أبعادها، حتى يكون العلاج والمشاركة ناجعة ونافعة بحول الله وفضله ومنه وقوته، ونسأل الله لكما التوفيق والسداد.