لماذا الحياة متعسرة معي؟

0 520

السؤال

السلام عليكم.

إخواني لا أعرف لماذا هذه الحياة متعسرة معي, حتى في أشياء بسيطة جدا, مع العلم أني أصلي وأطلب من الله الفرج, هل ثمة أذكار أو أدعية أقولها أثناء السجود لتيسير الحياة؟

وشكرا

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يغفر ذنبنا وذنبك، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا يخفى عليك –أخي وابني الكريم– أن هذه الحياة كما قال الشاعر:

جبلت على كدر وأنت تريدها *** صـــفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعــــــها *** متطلب في الماء جذوة نار

هذه هي طبيعة هذه الحياة، والإنسان فيها كادح إلى ربه كدحا فملاقيه، {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه} وقال سبحانه: {لقد خلقنا الإنسان في كبد} فالمشقة هي طبيعة الحياة، الكدح هي طبيعة هذه الدنيا، هذه الدنيا التي تعب فيها الأنبياء، وتعب فيها الأولياء، جاع فيها كليم الله موسى، وجلس طريدا فريدا في ظل شجرة يردد {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}.

هذه الدنيا التي جاع فيها رسولنا –عليه صلاة الله وسلامه– كان يربط على بطنه عددا من الأحجار من شدة الجوع –عليه صلاة الله وسلامه– هذه الدنيا ما رضيها الله تبارك وتعالى ثوابا لأوليائه، ولأن عنده حقيرة, ولأنها لا تزن عند الله جناح بعوضة, فالله لم يجعلها ثوابا لأوليائه، وقد يعطاها ويفوز بها لكع بن لكع، وقد يحرمها تقي, لأن الله تبارك وتعالى –كما قلنا– ما رضيها جزاء لأوليائه، وما جعل تيسير أمور الحياة دلالة على رضى الله تبارك وتعالى.

كذلك ليس عسر وصعوبة الحياة دليل على أن الله ليس براض عن الإنسان، كلا، قال تعالى: {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن * كلا}.

إذن عليك أن تهون بداية على نفسك، ثم عليك دائما أن تتخذ الأسباب، ثم توكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، وقد تصعب الحياة على الإنسان لأنه لا يركز، لأنه لا يدرس الأمور، لأنه لا يخطط، لأنه لا يرتب أوراقه، لأنه يريد أن تأتي الأمور هكذا (سبهللة) دون تخطيط, ودون ترتيب، فالله بنى الحياة على مسببات، كان يمكن أن يعطي مريم أم عيسى -عليهما السلام– التمر، ولكن قال: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} ذلك لأن كل شيء له سبب، وهذا السبب لا بد أن يأتي به الإنسان بطريقة صحيحة؛ حتى يصل للنتائج الصحيحة, ويفوز بالثمار الطيبة الصحيحة، عليه أن يتخذ الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.

أيضا ينبغي للإنسان دائما أن يلجأ إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، ويتجنب المعاصي، فإن للمعصية ظلمة في الوجه, وضيقا في الصدر, وبغضا في قلوب الخلق، وصعوبة في نيل الرزق، لأن للمعاصي شؤمها وآثارها المدمرة، لذلك الإنسان أيضا ينبغي أن يفعل هذا السبب، بل إن رسولنا -عليه صلاة الله وسلامه– يقول: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) والله القائل: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}.

فعليك أن تتخذ الأسباب, ثم تتوكل على الكريم الوهاب، تجنب المعاصي، فإن للمعصية شؤما وآثارا، واحرص دائما على أن تخطط لنفسك، على أن تفعل الأسباب التي ينال بها الإنسان الرزق, عليك كذلك أن تكثر من الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى, وأن تتجنب العجلة، وأن تنظر للحياة بإيجابية، وأن تفرح بنسبة النجاح ولو كانت قليلة.

عليك كذلك ألا يكون عندك ضجر, أو تضجر, أو اعتراض على قضاء الله تبارك وتعالى وقدره، فإن الإنسان إذا عمل ما عليه؛ عليه أن يطمئن للرزق الذي يأتيه، بما يقدره القدير سبحانه وتعالى، و(عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).

ولا مانع من أن تكثر من اللجوء إلى الله، اسأله تيسير الأمور، ومغفرة الذنوب، وتكثر من التضرع إليه سبحانه وتعالى، واعلم أن الإنسان إذا دعا الله تبارك وتعالى لا بد أن يربح، فما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث (إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر والثواب مثلها، وإما أن يرفع عنه من البلاء والشرور النزالة مثلها).

إذن فكل الأحوال التي ترفع فيها أكف الضراعة إلى الله لا بد أن تربح، فاحرص على مواصلة الدعاء، وحذاري أن يوصلك الشيطان إلى اليأس، (يستجاب لأحدكم ما لم يدعو بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل. قيل: وما الاستعجال يا رسول الله؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء).

فواصل اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وأظهر الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، واعلم أن سلف الأمة كانوا يلجؤون إلى الله، فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطوا كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه فيقول (مثلك لا يجاب) أو يقول (لعل المصلحة في ألا أجاب) يرجع بالملامة على نفسه فيقول (مثلك لا يجاب) أحيانا الدعاء سلاح, والسلاح بضاربه، والإنسان يحتاج إلى أن يقف مع نفسه للمراجعة، وأنت ولله الحمد على خير، والدليل على ذلك هو هذه الاستشارة التي كتبتها، ويسر الله لنا أن نتواصل معك.

يمكنك الرجوع لبعض كتب الأذكار لمعرفة الأدعية المناسبة مثل:
لا إله إلا الله، العظيم الحليم، لا إله إلا الله، رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم"
وكذلك:
” يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث “.
وكذلك:
” اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا رب العالمين، أنت رب المستضعفين، وأنت أرحم الراحمين، وأنت ربي… إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمنى، أم عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي. غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك “.

وغير ذلك من الأدعية الواردة.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يوسع رزقك، وأن يجعلك مفتاحا للخير مغلاقا للشر.

مواد ذات صلة

الاستشارات