ابنتي لديها خوف زائد من المجهول.. كيف نعالجها؟

0 374

السؤال

ابنتي في العشرين من عمرها تعاني من الخوف الزائد وأظنه من المجهول أكثر من غيره، أو أنه عدم الثقة أو عدم الشعور بالأمان فمثلا: نكون جالسين جميعا، ويأتي شخص من الخلف ويصدر صوتا، فنراها تفزع بصوت عال، أو تكون في المطبخ وتتوهم أن هناك من يناديها، وأن أحدا وراءها أو أن يسقط من يدها شيء تفزع بنفس الطريقة، ولا تستطيع التصرف، تحلم دائما أن شخصا يلاحقها في شارع معين، ويريد قتلها.

علما بأني أحاول أن أشغل فراغها، وأكلفها بأعمال منزلية فتؤديها على أحس حال ولا أمنعها طلباتها، وأترك لها الحرية في أمورها الشخصية، وأترك لها حق اتخاذ القرار، وأحدثها بأنه لا داعي لهذا القلق، وأن كسر الشيء بدون قصد عندي أمر عادي, أحاول إخراجها معي، ولكنها ترفض.

في أغلب الأحيان اجتماعية متفوقة في دراستها لها طموحات عالية، وقد تكون خيالية، فكيف أستطيع تعزيز الثقة أكثر في نفسها، وكسر دافع الخوف؟

أرجو إرشادي إلى خطوات للعلاج دون اللجوء إلى الطبيب، وهل هناك أدوية تمكن أن تنفعها دون الذهاب إلى الطبيب النفسي، رغم قناعتي به ورفض الأهل له؟ وهل هذه الأدوية آمنة عليها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفراح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فنسأل الله لهذه الابنة الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مما ورد في رسالتك لا أرى أن هذه الابنة تعاني من مرض حقيقي، ظاهرة الخوف كتعبير عن المشاعر الإنسانية نشاهده لدى بعض الناس، وغالبا قد يكون عابرا أو مرحليا، وفي بعض الناس قد يستمر لفترات، لكن في نهاية الأمر يختفي - بإذن الله تعالى-.

هذه الابنة متميزة في أشياء كثيرة جدا، وهذا أمر مشجع ومحفز، وأعتقد أن تنمية الإيجابيات، وتقليص السلبيات هو المبدأ السلوكي المطلوب في مثل هذه الحالات، بإشعارها أنها بالفعل متفوقة وأنها مجيدة - هذا مهم جدا – وفي ذات الوقت يمكن أن تناقشي موضوع الخوف هذا، ويشرح لها بصورة علمية وبسيطة وسلسة، وهو أن الخوف نوع من الشعور الإنساني المطلوب، فالإنسان لا بد أن يخاف حتى يحمي نفسه، وفسيولوجيا الخوف معروف، وهو أن الجسم لا بد أن يتأهب من أجل الحماية في حالة التعرض للمخاطر، وكما يقولون (إذا واجهك الأسد إما أن تهرب منه أو تقتله) وهذا كله يؤدي إلى تحفز شديد جدا في الجسم، وإفراز مواد – خاصة مادة الأدرينالين – عن طريق الجهاز العصبي اللاإرادي، ومن ثم تحدث التغيرات الفسيولوجية المعروفة من تسارع في ضربات القلب وشعور بالخوف والرهبة – وهكذا - .

فشرح الأمر فسيولوجيا لهذه الابنة سوف يفيدها، وهذا أثبت تماما، بعد ذلك نوضح لها أن الخوف فيه خوف حميد، وفيه خوف مرفوض، والخوف الحميد هو الخوف المعقول الذي يحفز الإنسان.

أما الخوف الزائد والخوف الذي يعيق والخوف الذي يفقد الإنسان كفاءته فهذا مرفوض، وهذا يعالج من خلال التعريض التدريجي لمصدر الخوف، ونطلب من هذه الابنة أن تكتب مصادر خوفها، والمواقف التي تحس فيها بالخوف، وتناقش معها هذه النقاط واحدة تلو الأخرى، ومن خلال نقاش منطقي وربطها بالواقع يمكن إقناعها أن خوفها ليس له أساس، لكن من الضروري أن تؤخذ الأمور بشيء من التفاصيل. أن تكتب – كما ذكرت – كل مصادر خوفها، وما هي مشاعرها أثناء الخوف، ندعها تفرغ نفسها نفسيا، وهذا التفريغ النفسي في حد ذاته يعتبر نوعا من العلاج.

الأمر الآخر هو أن تتدرب على تمارين الاسترخاء. تمارين الاسترخاء ذات فائدة ممتازة جدا ومفيدة جدا لتقليل الخوف والتوتر والقلق، وإسلام ويب لديها استشارة – وغيرها كثير – تحت رقم (2136015) يمكنك الرجوع إليها، ودعي هذه الابنة تتدرب على هذه التمارين وتلتزم بتطبيقها.

الأمر الثالث هو أن نطور شخصيتها من خلال الاستفادة من إيجابياتها، ندعها – على سبيل المثال – تركز على القراءة غير الأكاديمية، أن تنخرط في أي نوع من العمل الخيري أو التطوعي مع بقية الفتيات، أن تذهب إلى أماكن تحفيظ القرآن، أن تعطى بعض الأدوار الريادية داخل البيت، مثلا أن تكون هي التي تدير ميزانية المنزل لمدة أسبوع مثلا، هذا كله حقيقة يصرف انتباهها عن المخاوف، ومنهجك في التشجيع والتحفيز هو مبدأ جيد جدا.

لا أعتقد أن هذه الابنة في حاجة لعلاج دوائي، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير

مواد ذات صلة

الاستشارات