خوف وأفكار وسواسية نشأت لديّ منذ الصغر.. كيف أتخلص منها؟

0 402

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أنا شاب عمري 37سنة، متزوج وعندي أطفال، سعيد بحياتي، مداوم على صلواتي، -والحمد لله- لدي علاقات طيبة مع الآخرين مرح وحساس.

مشكلتي تتلخص في فترة الدراسة المتوسطة عندما كنت صغيرا حيث كانت وسامتي سببها، وكذلك حديث المجتمع عن التحرش بالأطفال، مما جعلني أخاف وأحس أن هذه الوسامة ستكون سببا للتعرض لي.

حاولت أن لا أظهر هذا الخوف لأحد في المدرسة أو البيت، وظل هذا الشيء بداخلي حتى جاء أحد الأيام وحصل أن قام أحد طلاب المدرسة بالنظر لي والغمز بعينه، لحظتها بدأت دقات قلبي تزيد وأحس أنني غير طبيعي، وضيقة بالصدر مع خوف، وكنت أحاول أن لا أبين هذا الضعف، ولكني فشلت مما جعلني ألوم نفسي كثيرا على عدم الرد على هذا التصرف، ومنذ تلك اللحظة، وأنا أحاول تجنبه.

انتهت تلك الفترة وظل هذا الخوف وهذا الشعور بالضعف، وعدم الثقة بالنفس يلازمني مما أثر على حياتي الذي منعني هذا الشيء أن أمارسها كأي شاب في ذلك العمر، وخلال تلك الفترة كانت لي صداقات لكنها مع أشخاص أرتاح لهم.

هذا الخوف موجود بداخلي أحس به، ولكن بدأت أخاف أن أذهب مع أطفال لمكان بعيد إلا إذا كان معنا مرافقين، أحدث نفسي كثيرا في أمور أحيانا بمشاكل الماضي الذي فيه هذا الضعف الذي أكرهه، وكذلك أتخيل قصصا سوف تحصل في المستقبل.

قبل سنتين ذهبت إلى دكتور نفساني وشرحت له مشكلتي، ولكن ليست بهذا التفصيل، وأعطاني سيروكسات سي ار 25 مجم لمدة ستة أشهر يوما بعد يوم، ثم لمدة شهر في الأسبوع مرتين، ثم توقفت عنه، وخلال تلك الفترة كنت مرتاحا، وقاومت مسألة الخوف من الذهاب لوحدي -والحمد لله- وأحسست أني أكثر سعادة عن قبل.

أما الأفكار الوسواسية فإني كنت أحس نفسي أني أقوى على مجابهتها، أما الآن هذه الأفكار تأتيني ليست كما في السابق، ولكن أحس الخوف بداخلي وتتكرر، وبعض الأوقات حتى في أحلامي أرى هذا الشخص.

كيف أتخلص من هذا الخوف، وهذه الأفكار؟ مع العلم أنني قابلت هذا الشخص بعد فترة طويلة كزملاء دراسة، ولكن الخوف منه بداخلي لا يزال.

شخصيتي يا دكتور تتميز بالمسامحة للناس، ولكني لم أستطع أن أسامح نفسي على ذلك الضعف والخوف، جزاك الله عنا خيرا، وكل عام وأنت بخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد سعود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن حالة قلق المخاوف التي تعاني منها والتي هي مصحوبة بالوسوسة هي بالفعل نشأت من مخاوفك المبررة في فترة الطفولة، فأنت ذكرت أنك كنت طفلا وسيما وتخوفك من التحرشات جعلك تتخذ التحوطات والمحاذير وتصاب بالوسوسة، وحين قام الطالب بالغمز بعينه هذا كان له وقع سلبي على نفسك.

قصتك حقيقة هي قصة صادقة ودقيقة، والربط بين ما مضى وبين ما تعاني منه الآن هو ربط منطقي وموجود، لكن أقول لك إن الماضي يجب أن ينظر إليه كخبرة وعبرة وليس أكثر من ذلك، أنت الآن -الحمد لله تعالى- مدرك ورجل في كامل قواك العقلية والجسدية والحمد لله تعالى لديك أسرة، وتتمتع بأشياء طيبة وجميلة وإيجابية جدا في حياتك، فيجب أن تجعل الجوانب الإيجابية هي التي تطغى وتسيطر على تفكيرك ووجدانك - هذا مهم جدا – ومن خلال ذلك تزول المخاوف حول المستقبل والدخول في التفاصيل والتردد والمخاوف، هذا كله - إن شاء الله تعالى – ينتهي تماما.

الشعور بالخوف في الداخل هو تعبير عن وجود قلق وعدم الشعور بالطمأنينة والأمان، وحقيقة أعراض القلق والمخاوف والوساوس وعسر المزاج كلها كثيرا ما تكون متداخلة، هي جزئيات صغيرة تتضافر مع بعضها البعض وتعطينا ما يمكن أن نسميه بالاضطراب الوجداني البسيط.

شخصيتك تتميز بالمسامحة، وهذا أمر جميل وطيب، وحقيقة يجب ألا تقسو على نفسك، وتعتقد أن هذه المسامحة نوع من الضعف، لا، هذا نوع من الخيرية ونوع من سمو الأخلاق، ونسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على ذلك، فأرجو أن تعيد تقييم ذاتك، وسوف تجد أن إيجابياتك كثيرة وكثيرة جدا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: حقيقة أنا أراه ضروريا بالنسبة لك، والأدوية الآن سليمة ومفيدة وجيدة، فالزيروكسات دواء ممتاز وفاعل وله إيجابيات كثيرة جدا، لكني أفضل عقار فافرين في حالتك؛ لأن الفافرين لا يؤدي إلى زيادة في الوزن، كما أن تأثيراته الجنسية ليست كثيرة، وسعره معقول جدا، وأعتقد أنك في حاجة لجرعة صغيرة، أنت لست في حاجة لجرعة كبيرة.

يمكن أن تبدأ الفافرين بجرعة خمسين مليجراما، تناوله ليلا بعد الأكل لمدة شهرين، بعد ذلك اجعل الجرعة مائة مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم أنقص الجرعة إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة تسعة أشهر - وهذه ليست مدة طويلة أبدا – بعد ذلك اجعلها خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم خمسين مليجراما مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وإن أردت أن تتناول الزيروكسات فأنا لا مانع لدي في ذلك، لكني أرى حقيقة أن الفافرين وبالطريقة التي ذكرتها لك أفضل لك، والجرعة التي ذكرناها لك هي جرعة وقائية أكثر من أنها علاجية، لكن في نهاية الأمر - إن شاء الله تعالى – سوف تفيدك كثيرا.

هذا هو الذي أود أن أذكره لك، وأنا أؤكد لك أن كل أعراضك هي تأتي في بوتقة ما يسمى بقلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات