السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسال الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم.
مشكلتي بإيجاز: سيدي الكريم, أنا مهندس أعمل في إحدي دول الخليج منذ 4 أعوام, عمري 25 عاما, وغير متزوج, وقد من الله علي أن أدخر قدرا من المال مدة الـ 4 أعوام بعد كد, وتعب, وصبر علي الغربة, وقد ضاق بي الحال من الغربة, والله أعلم بحالي الآن.
سيدي الكريم: أنا وقعت في حيرة من أمري, وهي أن ما من علي الله به من مال هل أوجهه لاحتياجي وهو الزواج -وأسأل الله أن يعف الشباب-؟ لكن سيدي الكريم أنا لي طموح معين, وأمامي فرصة جيدة جدا؛ أن استثمرت أموالي في بلدي, وأكتفي من الغربة, وأبدأ في بلدي من جديد, لكن هذا سيجعلني أؤجل موضوع الزواج لفترة, علي أقل تقدير سنتين, أنا الآن هل أتبع عقلي, واستثمر أموالي, وأبدأ بتحقيق حلمي بالحصول علي مشروعي الخاص, وأديره؟ أم أتبع قلبي وما أهوى, وأضع كل ما أملك في الزواج؟
طموحي سيدي الكريم هو أن أفتح شركة مقاولات صغيرة, وقد من الله علي بأن توفرت لي قطعة أرض بمكان جيد لأبدأ عليها أول مشاريعي.
التجأت إلى الله ثم إلى موقعكم لترشدوني, أأتبع عقلي أم قلبي؟
والله الموفق وهو المستعان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المحب لله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يبارك لك في هذا المال الطيب، وأن يجعله مالا ناميا مباركا، وأن يمن عليك بزوجة صالحة تكون عونا لك على طاعته ورضاه، وأن يوفقك في دنياك وآخرتك، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– فالذي أراه بعد قراءتي لرسالتك قراءة متأنية: أنه لا مانع من تأجيل الزواج لسنتين، خاصة وأن هذه المدة ليست بالطويلة، وأنت أيضا ما زلت في مرحلة الشباب، إذ أن هناك آلاف من المسلمين وصلوا إلى الثلاثين وزيادة ولم يتزوجوا بعد إلى يومك هذا كما لا يخفى عليك.
من هنا فإني أرى -بارك الله فيك– أن تأخير الزواج لمدة سنتين ليس بالأمر الصعب أو المستحيل، وإنما هو أمر عادي بالنسبة لغيرك، خاصة وأنك ما أجلت الزواج إلا لحكمة وغاية مشروعة ومأجورة أيضا في النفس الوقت -بإذن الله تعالى– لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) وقال -صلى الله عليه وسلم– أيضا: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).
الذي أراه -بارك الله فيك– أنه لا مانع من تأجيل مشروع الزواج، ولكن بشرط أن تكون قد درست فكرة إقامة الشركة دراسة متأنية وجادة، وألا تعطي أموالك لأحد من الخلق ليلعب بك –أو بها– ويضيع مستقبلك، وإنما إذا كنت من فضل الله تعالى قد أخذت بالأسباب الممكنة كلها التي أمرك الشرع بأخذها, مع الاستعداد الجيد, ودراسة الموضوع من جميع جوانبه، وصار متأكدا لك أن هذا المشروع سيدر عليك خيرا كثيرا أنت وإخوانك العاملين في الموقع, وعلى أهلك وأقاربك وأرحامك، وتستطيع في خلال هاتين السنتين أن توفر قدرا من المال تتزوج به، فأرى أن ذلك أفضل وأولى وأجدى.
أرى أن تتوكل على الله، وأن تعود إلى بلدك لتبدأ مشروعك الصغير الذي سينمو مع الزمن -بإذن الله تعالى– ما دمت مهندسا صالحا متقنا محبا لله ورسوله، بعيدا عن الحرام والغش الذي يقع فيه السواد الأعظم من أبناء هذه المهنة، فما دمت تتقي الله تبارك وتعالى في عملك؛ فاعلم أن الله بشرك بقوله جل جلاله: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
توكل على الله، وانزل إلى بلدك، ما دام المبلغ الذي معك يكفي لإقامة هذا المشروع، وما دمت قد قمت بدراسته دراسة متأنية, وأصبح لديك شبه يقين من أنك ستوفق -بإذن الله تعالى– في هذا المشروع, وسوف يتحسن حالك, ويستقر وضعك المالي, وتصبح -بإذن الله تعالى– من أصحاب اليسار, أو على الأقل الستر في هذا الميدان، فأرى أن تتوكل على الله, وأن تستعين بالله تعالى بعد الاستخارة، عسى الله تبارك وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يشرح صدرك للذي هو خير.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله لك الهداية والرشاد، ونسأل الله لك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يمن عليك بتحقيق كل أمانيك، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.