السؤال
السلام عليكم.
لدي مشكلة وهي أن زوجة أخي سمعتها -قدرا- تحرض أخي على اختلاق المشاكل مع أهلي, والتدخل في شؤوننا, وتحثه على السيطرة والقوة معنا, وتبعد أطفالها عنا, لدرجة أن ابنها لا يسلم علينا, وأمام أهلي تمثل الطيبة والأخلاق, والمشكلة أن أخي يعاني من ضعف الشخصية, وقلة الإدراك, والتردد, منذ أن كان صغيرا, فأصبحت تصرفاته بعد زواجه عدوانية جدا, ولا يسيطر على نفسه في بعض الأحوال.
الكل لاحظ هذا الشيء, والدي نصحنا بالابتعاد عنهم, وتجنبهم, حتى لا تحدث مشاكل معهم لا تحمد عقباها, وأخي قاطعنا, ولم يعد يأتي إلينا, علما أنها لا تعلم أنه مريض, وهي تحرضه علينا, وأخشى عليه وعلى عائلته, فأنا محتار بين أن أسمع كلام أبي وبين أخي المريض الذي لا أريد أن أشعر بالذنب تجاهه, فهو لا يسمع إلا زوجته, ولا يهمه إلا كيف يخلق المشاكل.
ما الحل في هذه المشكلة؟ ابتلينا بأخ مريض, وزوجته التي تحب السيطرة والقوة.
ملاحظة: أخي يرفض العلاج نهائيا.
وجهوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك حرصا على إكرام أهلك والإحسان إليهم والإصلاح ذات بينهم، وأن يوفقك في دراستك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل– فإنه مما لا شك فيه أن سلوك زوجة أخيك إن كان كلامك صحيح سلوك شيطاني، لأنها تريد بذلك أن تفسد العلاقة ما بين زوجها وما بين أهله وأرحامه، بل وتريد منه أن يسيطر على الأسرة كلها وأن يتعامل معها بالقوة والعنف، ولعلها نشأت في بيت هذا طبعه.
ونظرا لظروف أخيك الصحية, ولأنه يتصرف تصرفات غير محسوبة وغير مأمونة العواقب فإن والدك –حفظه الله– نصحكم بالابتعاد عنهم وتجنبهم، حتى تتجنبوا أكبر قدر ممكن من المشاكل، وأنت الآن كما تقول ما بين والدك وما بين أخيك، فأنت يعز عليك تصرفات أخيك وسيطرة زوجته عليه نظرا لضعف شخصيته وتردده، وفي نفس الوقت أيضا تريد أن تطيع والدك.
أقول: بما أن أخيك مصر على ألا يتعاطى الدواء فما الذي سوف يستفيده من اتصالك به؟ .. الذي أتمنى إذا كنت ستقوم بدور أو تريد أن تلعب دورا جادا إنما هو إقناع أخيك في أن يتناول الدواء، لأنه إذا تناول الدواء تحسنت حالته، وبالتالي أصبحت لديه القدرة على إدارة نفسه بطريقة صحيحة، كما يصبح لديه القدرة أيضا على رد أو رفض أي كلام من قبل زوجته لا يتفق مع ما ينبغي أن تكون عليه العلاقة ما بين الإنسان وأهله وما بين والديه وإخوانه.
فأرى أن دورك دور مهما ولكنه محدود، فأنت لا تستطيع أن تتكلم مع أخيك بما أنه قاطعكم وأنه لا يزوركم، ولكن أنا أتمنى أن تزوره أنت، وأن تتواصل معه بصفة شخصية على اعتبار أن ذلك من صلة الرحم، ولعل وعسى وجودك بجواره يخفف من وطأة المشكلة أو من حدتها، لأن قطعكم له نهائيا قد يؤدي إلى سيطرة زوجته عليه بصورة أكبر وأقوى وأشد، لأنها ستجد أنه وحيدا فريدا، وستتاح لها الفرصة أن تقول له ما تريد، وتقول له (إن أهلك تخلوا عنك وإن أهلك قاطعوك ولا يريدونك) وبالتالي ستؤجج نار الخلاف بينكما.
أما تواجدك معه وزيارتك له سرا دون علم والدك –وهذا جائز شرعا ما لم تحدث هناك مشاكل– وتواصلك معه حتى ولو لم يكن ذلك في المنزل، فقد يكون في العمل أو في مكان آخر، تتعاهد الأماكن التي يتواجد فيها وتحاول زيارته والحديث معه وتتحدث إليه والكلام معه، من باب التواصل، حتى لا يشعر بتخليكم عنه جميعا.
فأرى لا مانع من التواصل مع أخيك، ولكن إذا كانت ستحدث مشاكل عليك أن تتوقف نهائيا، وقطعا لو أن والدك عاتبك بعد ذلك فقل له: (هذا أخي، وأنا ما أردت إلا الخير، وما أردت إلا الإصلاح) إذا استطعت أن تفعل ذلك فحسن، وإن وافقك الله وأقنعته بتناول الدواء فأعتقد أنك ستكون قد حققت إنجازا رائعا، وهذا كله لا يتعارض -إن شاء الله تعالى– مع الشرع، لأن الله تبارك وتعالى عندما طلب منا طاعة الوالدين أو غيرهما وضع لذلك شرطا بينه النبي -عليه صلوات الله وسلامه– بقوله: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وقوله أيضا: (إنما الطاعة في المعروف) فكون والدي يأمرني بقطع رحمي لست مطالبا حقيقة بأن أطيعه في ذلك، ولكن من الممكن أن أخالف كلامه ولكن بخفية ومع عدم الجهر بذلك، حتى لا يؤدي ذلك أيضا إلى سوء العلاقة بيني وبينه.
فإذا استطعت أن تزور أخاك بعيدا عن علم والدك ودون أن يعرف أو يدري فأرى أن ذلك حسن، لأنك بذلك سوف تقوم بعمل نوع من التوازن ما بين أسرته الأصلية وما بين زوجته وأولاده، وبذلك تكون هناك فرصة للإصلاح -بإذن الله تعالى-.
أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك لكل خير، وأن يوفقك لطاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.