حياتي أصبحت جحيما بسبب الوسواس القهري، فكيف أتخلص منه؟

0 418

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

د. محمد عبد العليم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد أن أشكركم على هذا الموقع الجميل والمجهودات المبذولة، جزاكم الله خيرا.

أنا أعاني من مشاكل نفسية، وأرجو منك مساعدتي لأستعيد عافيتي النفسية -بإذن الله تعالى-.

منذ أشهر قليلة كنت أعاني مما يعرف بقلق المخاوف الوسواسي، بالإضافة إلى الضيق الشديد وسرعة نبضات القلب واكتئاب، أخدت دواء السيرترالين كدواء أساسي، وسلبرايد كدواء مدعم، ولله الحمد كانت تجربتي مع هذا الدواء ناجحة، تخلصت تماما من ضيق الصدر، والخوف والاكتئاب، وأنا الآن في الجزء الأخير من العلاج (الجزء الوقائي)، ولكني أعاني الآن من الوسواس القهري، وسأشرح لكم مشكلتي بالتفصيل:

عندما يكون الوسواس القهري شديدا تأتيني أفكار في رأسي أني إنسان مجنون، وغير عاقل، وأني لا أعلم بهذا الأمر، أو أني عندما أصل لسن الأربعين سأجن، أنا أعلم تماما أن الفكرة خاطئة، وأعلم أني -الحمد لله- في كل قوتي العقلية، ولكن هذه الفكرة تستحوذ وتلح علي فأحاربها وأحاول الهروب منها، ولكن بدون جدوى.

وأيضا فكرة أخرى أني مصاب بسحر، وأن أمي، وأختى هما من عملا السحر لي، أنا متأكد أن هذا شيء خاطئ، وغير صحيح، ولكن الفكرة تلح علي بكل قوة لدرجة أني أستسلم لها، وأطلب من أختي عدم القدوم إلى البيت، وإلا تلمس أغراضي الخاصة حتى أرتاح من هذا العذاب، ومن القلق الشديد، وأيضا عندما أقرأ القرآن تأتيني فكرة تقول أنه ستظهر علي أعراض السحر إن قرأت، ولكن لا أستسلم لها آخذ المصحف، وأقرأ رغما عن هذه الفكرة التي تقول الآن بعد هذه الآية ستظهر علامات السحر، أنظر هاهي ظهرت، مع العلم أنه لا توجد أي علامة، وما هو إلا وقت قصير حتى أتوقف عن القراءة، وأستسلم، ونفس الشيء بالنسبة للصلاة، فأبدأ بالصراخ، وتكسير أي شيء أجده في طريقي.

وشيء آخر أكون في المحاضرة يأتي وسواس يقول أني سأقوم، وأصرخ أمام الأستاذ والطلاب أعلم تماما أني لن أقوم بهكذا فعل، ولكن الفكرة لا تتركني، وشأني حتى أستسلم.

أما عندما يكون الوسواس متوسطا، أو بسيطا تأتيني الأفكار التالية:

لماذا خلقنا الله -عز وجل- وبهذه الأشكال، لماذا نأكل، لماذا نشرب، لماذا نتكلم؟

لا يفوت شيء إلا وأسأل عليه، فأحاول الإجابة عن كل سؤال يطرحه الوسواس حتى لا أسقط في شباكه ويستحوذ علي.

ولكن -يا دكتور- لا أريد أن أبقى حياتي كلها هكذا أريد أن أتعالج -بإذن الله-، فهذا أثر كثيرا على حياتي التي أصبحت جحيما، وغير تماما شخصيتي.

دكتور من فضلك ساعدني أريد علاجا دوائيا ناجحا كالأول سليما، وغير إدماني وغير مضر، وليس له أعراض جانبية، ومتوفر بالمغرب، وما هي الجرعة المطلوبة لأتخلص من هذا العذاب الشديد، أرجو أن ترد على استشارتي في أقرب وقت ممكن.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ amine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإني سعيد جدا أن أعرف أنك قد تحسنت بدرجة كبيرة جدا، وما بقي معك الآن بالفعل هو من الاجترارات الوسواسية، والاجترارات الوسواسية بالفعل قد تكون مؤلمة للنفس، المهم هو أن ترفضها ولا تقبلها، هذا مبدأ رئيسي وأساسي جدا في العلاج.

الوساوس بصفة عامة يستطيع الإنسان أن يناقش بعضها، ويحاور نفسه، ويضع الآليات المضادة، لكن هنالك بعض الوساوس إذا أسرف الإنسان في تحليلها، وحاول أن يخضعها للمنطق، هذا قد يزيد من الوسواس، ولذا نقول للأخوة إذا وجدوا وسواسا يتعلق بالدين، وحول الذات الإلهية وغيره: يجب أن تغلق عليه وألا تناقشه، لأن الوساوس إذا تحركت يمينا سوف يأتيك يسارا، وهكذا، ويدخل الإنسان في كثير من المطبات والصعوبات النفسية والسلوكية.

عموما نوعية الوساوس التي تعاني منها تتطلب أن تقابل بشيء من المنطق، وفي بالوقت ذاته تقابل أيضا بالتجاهل، الوساوس حول لماذا خلق الله -عز وجل-؟ هذه تحسم بأن تخاطب الفكرة (أنت وسواس قبيح، وليس أكثر من ذلك، لن ألتفت إليك أيها الحقير) وهكذا، وتصرف انتباهك بأن تبدأ في نوع من الفعل الآخر.

أما الوسواس بخصوص السحر فهذا يحسم حسما قاطعا من خلال بعض الحوار مع النفس، وهو أن تقول لنفسك (نعم السحر موجود، لكن الله سيبطله، وأنا في حفظ الله، وفي كنف الله) وتقرأ المعوذات، وتذكر نفسك بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل خلق الله تعالى حين سحر لم يتأكد من ذلك إلا بعد أن أتاه الوحي، وهو أفضل خلق الله -عليه الصلاة والسلام- ولم يتهم نفسه بسحر أو بخلافه إلا بعد أن أتاه الوحي.

فإذن ماهية السحر وطريقته على ضوء ذلك هذا أمر يجب حقيقة ألا نشغل أنفسنا به، نشغل أنفسنا بأننا في كنف الله وفي حفظه.

فإذن حقر الفكرة، تجاهلها، واخضعها للمنطق.

أما بقية الأفكار الأخرى فيجب أن تغلق عليها من خلال عدم مناقشتها وتحقيرها والتعامل معها كأمر سخيف.

لديك أيضا شيء مما نسميه بالقلق التوقعي -القلق حول المستقبل وغيره- هذا أيضا يعالج من خلال التحقير، وأن تعيش حياتك بقوة، وأن تقول لنفسك (المستقبل بيد الله، والحاضر أيضا بيد الله) وأن تعيش ذلك بأمل ورجاء، هذا مهم جدا.

أنصحك أيضا أن تطبق تمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء تدعم حقيقة العلاج السلوكي المعرفي من النوع الذي ذكرناه.

ثالثا: حاول دائما حين تأتيك الفكرة الوسواسية أن تصرف انتباهك بالقيام بفعل آخر، أو بإدخال فكرة أخرى، هذا نسميه بصرف الانتباه، وهو مهم جدا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أريد الآن أقترح عليك التوقف عن السيرترالين وتناول البروزاك، والذي يسمى علميا بفلوكستين، البروزاك هو أشهر المسميات التجارية، لكن قد يوجد في المغرب تحت مسمى تجاري آخر، فاسأل عنه تحت مسماه العلمي، وهو (فلوكستين).

ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجراما، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم -أي أربعين مليجراما- وهذه الجرعة يجب أن تستمر عليها لمدة أربعة أشهر -وهذه مدة ليست طويلة- بعد ذلك خفض الجرعة واجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر -وكما تعلم هذه هي الجرعة الوقائية- بعد ذلك اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر.

الالتزام بالجرعة ومراحلها التي ذكرناها مهم جدا لتنعم -إن شاء الله تعالى- بالصحة والتعافي.

البروزاك يدعم بدواء آخر يعرف باسم (رزبريادون) لا داعي للسبرايد في هذه المرة، الرزبريادون مدعم ممتاز جدا لفعالية البروزاك في هذا النوع من الوساوس، تناوله بجرعة واحد مليجرام لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها اثنين مليجرام -يتم تناوله ليلا- تناولها لمدة شهرين، ثم اجعله واحد مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله، هذا دواء جيد، دواء طيب، ومدعم لفعالية الفلوكستين، وكلها أدوية سليمة وفاعلة، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

أود أن أنصحك نصيحة مهمة وهي الالتزام بممارسة الرياضة -خاصة في مثل عمرك- الرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأجسام، وانظر للفائدة أيضا علاج وساوس العقيدة سلوكيا: (263422 - 283543 - 260447 - 265121).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله تعالى لك ولجميع المسلمين ولنا المغفرة والرحمة والعتق من النار.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات