السؤال
السلام عليكم.
إخواني الأعزاء: كل عام وأنتم بخير.
أريد استشارتكم بموضوع خطبتي, حيث إنني أحببت فتاة منذ 5 أشهر, وأردت الآن أن أخطبها على سنة الله ورسوله, ولكن هناك معارضة من أهلي لأسباب لا أرى أنها منطقية, ومنها أنها غير جميلة ما فيه الكفاية بنظرهم, وهي من عشيرة صغيرة, وتبعد عنا 100 كم, وأنني ما زلت صغيرا, وإحساسهم أنها غير مريحة لي, ووو...
وفي الأخير قرأنا الفاتحة, وبعد أسبوعين نويت أن أعقد عقد القرآن عليها, وإذ بأبي بدل أن يحدد موعدا لذلك اتصل بوالد الفتاة وقال له إن ابني ما زال ولدا, ومخبولا, ومسحورا, ولا يملك شيئا, وهناك مشاكل, ولكن لا توجد أي صحة لما قاله أبي, وقد وضعني في موقف محرج, وظهرت رجلا كاذبا أمام أب الفتاة.
عندها رفعت صوتي فوق صوت أبي؛ لأنني غضبت من هذا التصرف, بالرغم أننا سألنا عن أهل الفتاة, وعن أعمامها وأخوالها, وعن الفتاة نفسها, وكلهم ملتزمون دينيا, وأخلاقهم عالية.
أريد أن أسأل سؤالين: هل زواجي من تلك الفتاة حرام لأنه بني على قصة حب؟ وهل آثم من رفع صوتي على صوت أبي؟ بالرغم أني أحس أن أبي ظلمني؟ وهل أهلي معهم حق في تلك التصرفات؟ مع العلم ما أردت إلا إكمال ديني وعفتي.
وآسف على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابننا الفاضل في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وأرجو أن تعلم بداية أن التصرف منك لم يكن صحيحا، وأن كلام أهلك في أنها ليست جميلة ليس صحيحا، وأن تصرف الوالد ليس صحيحا، هذه كلها ينبغي أن نأخذها بالاعتبار، ودائما نحن نتمنى لكل شاب إذا وجد في نفسيه ميلا لفتاة أن يعلم أهله منذ البداية، ولا يترك العلاقة حتى تتعمق المشاعر ثم بعد ذلك يخبرهم فتكون المسألة مفاجئة وقنبلة بالنسبة للأسرة، فعند ذلك سيرفضون ويعاندون من أجل العناد، وسيبحثون عن عيب في الفتاة.
ويخطئ الأهل أيضا عندما يقولوا بأن الفتاة ليست جميلة، لأن الشاب هو الذي ينظر بعينه، والجمال يختلف من شخص إلى آخر، فأنت عندما ترى فتاة جميلة من حقك أن تقول إنها جميلة، والأهل قد يستطيعوا أن يشتروا لك ثوبا يعجبك أو هدية, ولكن قد يفشلوا في اختيار الزوجة التي تميل إليها، لأن التلاقي بالأرواح، وما يراه صالحا جميلا قد لا يراه أحمد جميلا، وما تراه الوالدة جميلا قد لا يراه الولد جميلا، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف, وما تناكر منها اختلف، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع.
أما ما فعله الوالد فإنه فعلا فيه إحراج بالنسبة له، وما كان ينبغي له أن يتكلم بهذه الطريقة، ولكننا ينبغي أن نحتمل من الوالد، ويظل والدا رغما عن أنفونا، ولا يجوز رفع الصوت عليه، أو التطاول عليه، ولكن الحكمة مطلوبة في علاج مثل هذه المواقف, ومثل هذه التطورات والتصورات التي عند الآباء والأمهات.
وقد يساعدك في ذلك إدخال الأعمام العقلاء أو دعاة فضلاء حتى يصححوا الصورة, أو يتكلموا في هذا الأمر.
ولم يتضح لنا ردة فعل أهل الفتاة بعد كلام الوالد بالنسبة لهم، وكان ينبغي فعلا أن تدار المسألة بحكمة وحنكة أكثر من ذلك، وإذا كانت الفتاة صاحبة دين, وأهلها أسرة مستورة, وأصحاب دين, وهي مناسبة بالنسبة لك، فعليك أن تعيد نفسك, وتكرر المحاولات، ولكن لا بد أن تتجنب الأخطاء التي حصلت، والآن لا بد أيضا من أن توقف هذه العلاقة، لأنها إلى الآن ليس لها غطاء شرعي مقبول.
وأيضا ينبغي أن تتواصل مع أهل الفتاة، لا مانع من التواصل مع والدها وتطلب منه إعطاء فرصة بالنسبة لك، وتجتهد في تبرير موقف الوالد، هذا إذا كان عندهم استعداد في أن يتقبلوا هذه الوسيلة وهذه الطريقة، ثم تبدأ بهدوء وتعمل في الاتجاه الآخر فتزيد من برك للوالد, وتطلب مساعدة الفضلاء –كما قلنا– الذين لهم تأثير على الوالد، وتجتهد كذلك في إعداد ما تستطيع القيام به، وتجهيز من أمر الزواج، بعد ذلك يمكن أن تطلب المساعدة من الوالد, أو من غيره من أجل إكمال هذه المراسيم.
فأنت بالفعل قصدك طيب، وجئت بطريقة مشروعة، وبدأت خطوات لا بأس بها، ولكن مسألة عدم إعلام الأهل, وعدم تحسس رضاهم، وكون العلاقة تكونت منذ أشهر, وتعمقت المشاعر في الخفاء دون أن يكون لها غطاء شرعي، هذه كلها أشياء تحتاج منك إلى وقفات وإعادة ترتيب للأوراق، وأرجو كذلك أن يكون عندك لجوء وتوبة إلى الله تبارك وتعالى، ويحسن بك أيضا أن تعتذر للوالد على رفع الصوت عليه، وبعد ذلك بهدوء يمكن أن تناقشه في الطريقة التي تكلم بها، فإذا غضب فاقطع الكلام، وتعتذر له مرة ثانية، لأن الإنسان عندما يناقش الوالد إذا شعر أنه يغضب حتى ولو كان يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر فإن عليه أن يقطع الحديث, ثم يجتهد في البر, ثم يعود بعد أيام بطريقة أخرى يعرض وجهة نظره, ويبين, ويوضح مراده من هذه المسائل.
وإذا وجدت من يتكلم بلسانك فذلك خير كثير، وننصحك بأن تسعى إلى كسب الوالدة وكسب وجهة نظرها، وتطلب منها أيضا أن تتدخل بينك وبين الوالد، هذا إذا كان أهل الأسرة ما زالوا على العهد، وكانت البنت لا زالت أيضا حريصة على إكمال هذا المشوار.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك ولها الخير حيث كان ثم يرضيكما به، ونتمنى أيضا أن تصلنا مثل هذه الاستشارات منذ البداية، يعني طالما أنت ولله الحمد على صلة بموقعك ينبغي أن تكون الأمور من البدايات حتى يتنسى لنا العلاج، وحتى نعطي الخطوات الصحيحة، لأن الشباب دائما يخطئوا في الإخراج، إخراج مثل هذه العلاقات من مفاجئة الأهل, وطريقة كلامهم, ومعرفة شخصية الأب، وردود الفعل المتوقعة قبل الكلام، حتى يعد الإنسان لكل حالة ما يناسبها من الفنون, ومن الوسائل, حتى لا تكون الخسائر كبيرة, وحتى لا يتهدم البنيان بعد ذلك فيصعب البناء, ويصعب ردم الهوة الحاصلة بسبب مثل هذه التدخلات السالبة بكل أسف.
نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر، وقد أعجبني وأسعدني شعورك بأنك رفعت الصوت على الوالد، وفعلا ينبغي للإنسان أن يندم لهذه المسائل، لأن الله تعالى في أقل من ذلك فقال: {ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما} وحتى أمرنا ببرهما في حالة أمرهما لنا بالكفر والعياذ بالله فقال: {وإن جاهدك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} لكن {وصاحبهما في الدنيا معروفا}.
نسأل الله أن يزيدك برا وثباتا وتوفيقا، وجزاك الله خيرا على التواصل، ونحن في انتظار استشارات أخرى، وأرجو أن نسمع عنك الخير.