هل ما أعاني منه اكتئاب أم شيء آخر؟ وما العلاج المناسب؟

0 371

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

في إحدى الليالي كنت أريد النوم، بدأت تراودني أفكار الموت، وأن أحد الموتى الذين أعرفهم كأنه معي في الغرفة، حاولت طرد هذه الأفكار لكني لم أستطع، فبدأت أخاف جدا وأنا أتخيله معي في الغرفة وهو في نعشه، وفجأة أحسست شيئا دخل رأسي، وصار عندي طنين في أذني، ولم أستطع النوم، حينها بقيت على هذه الحال أسبوعا وأنا لا أستطيع النوم مع الطنين، فقدت الشهية للطعام وللحياة، وضاقت بي الأرض، ذهبت لطبيب نفسي ووصف لي بعض الأدوية، وبعد يوم واحد ذهب التوتر وارتحت قليلا، ولكن بقي عندي الخوف الضجر من الحياة، وبعد عدة أشهر خفت الحالة، وقال أني أعاني من الاكتئاب، ولا زلت أعاني من العزلة عن أصدقائي، ولكن أحس أن مشاعري ليست هي، وكأني شخص آخر.

أعاني من كسل، لا أحس برغبة في عمل أي شيء، ولا أحس بالسعادة بعد مرضي، أرجو تشخيص حالتي هل هي اكتئاب؟ ومن أي نوع؟ أم غير اكتئاب؟ ووصف العلاج المناسب؟

أما بخصوص النوم فلا أستطيع النوم إلا في وقت متأخر إلى الآن، على الرغم من استمراري في العلاج النفسي إلى الآن، فأفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فوصفك لحالتك جيد جدا، والذي حدث لك في بداية الأمر هو ما يسمى بقلق المخاوف، وقلق المخاوف أيضا يكون مصحوبا بدرجة بسيطة من الوسواس، بعد ذلك بدأت تظهر عندك بوادر اكتئابية لكنها الحمد الله من النوع البسيط، وحالتك وحسب المعلومات المتاحة لنا أقول لك أن التشخيص النهائي لها هو أنك تعاني من قلق اكتئابي من الدرجة البسيطة جدا، وإن شاء الله تعالى يكون الأمر كله عارضا وينتهي، وأنا حقيقة أود أن أشجعك على ألا تشغل نفسك بهذا الموضوع أبدا، أنت شاب وإن شاء الله تعالى مكتمل البنية والبنيان، ومكوناتك النفسية يجب أن تكون في أفضل حالاتها في مثل هذه المرحلة العمرية.

فإذن عليك أن تقدم بإيجابية، وأن تدفع نفسك نحو الإنجاز، هذا مهم جدا، وهذا نسميه بالتأهيل النفسي، الإنجاز في كل المجالات، في مجال عملك، في مجال تواصلك الاجتماعي، صحتك الجسدية، ممارسة الرياضة، الحرص في العبادات، الإنسان حين يكون منجزا ومجيدا لكل شيء هذا هو الفلاح الحقيقي.

الرغبة كثيرا تكون غير متوفرة، خاصة إذا كان هناك شيء من الضجر أو عسر المزاج، لكن الرغبة تأتي من خلال الإصرار على الأداء والمواظبة على ذلك – مهم جدا – أن يضع الإنسان لنفسه حدودا، خاصة إذا شعر أن التكاسل يجتذبه، والإنهاك يسيطر عليه، لا، يجب أن أقول لنفسي: (يجب أن أنهض، يجب أن أعمل، يجب أن أؤدي كل ما هو علي) من خلال هذا النوع من التفكير تستفيد كثيرا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: إن تواصلت مع طبيبك السابق أعتقد أن ذلك سوف يكون جيدا، لأن الطبيب يستطيع أن يوجه العلاج الدوائي حسب الأدوية التي أعطاها لك سابقا.

أما إن لم تستطع أن تذهب للطبيب فأنا أعتقد أن الأدوية سوف تفيدك، الدواء الذي يسمى علميا باسم (سيرترالين) ويسمى تجاريا باسم (لسترال) أو (زولفت) وله مسميات تجارية أخرى حسب البلد الذي تعيش فيه، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) يتم تناولها ليلا، يجب أن تواصل في الجرعة بكل انضباط لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة يوميا، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر.

أؤكد لك أن هذا الدواء سليم وبسيط جدا، والجرعة التي وصفت لك هي جرعة صغيرة؛ حيث إن السيرترالين يمكن تناوله حتى مائتي مليجرام في اليوم – أي أربع حبات – ولا أعتقد أنك في حاجة لهذه الجرعة.

إذن خلاصة الأمر يمكن أن نضعه في هذه النقاط الثلاث:

1) أنت تعاني من قلق اكتئابي من الدرجة البسيطة.
2) أن العلاج يتم من خلال قناعتك أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. خذ المبادرات، استفد من طاقاتك، لا تخنع أبدا للتكاسل، ضع جدولا يوميا صارما وطبقه لإدارة الوقت.
3) العلاج الدوائي الذي ذكرته لك.

وهناك نقطة أخرى أضيفها فيما يخص الصحة النومية: الصحة النومية في مثل عمرك يجب أن تكون في أفضل حالاتها، لأن مادة الميلاتونين – وهي المادة التي تسهل لنا عملية النوم – تكون في فترة الشباب في قمة شبابها من حيث قوة إفرازها وتأثيرها، إذن أنت من الناحية البيولوجية لديك الثوابت ولديك العوامل التي تساعدك في النوم، لكن أحيانا قد يحمل هموما، قد يساهر، وهذا يؤدي إلى لخبطة كبيرة جدا في كل المكانيزمات الخاصة بالجسم من هرمونات وأنزيمات، وحتى الوجدان والنفس تتأثر، لذا تحسين النوم في هذه الحالة يكون من خلال الآتي:

1) تجنب النوم النهاري.
2) ثبت الوقت الذي تذهب فيه إلى الفراش ليلا، حتى وإن لم يأتيك النوم ليلة أو ليلتين، بعد ذلك سوف يتحسن نومك، لأن النوم يبدأ يبحث عنك بدلا أن تبحث عنه أنت.
3) نم على شقك الأيمن وكن حريصا جدا على أذكار النوم، هذه مهمة وضرورية وذات فائدة عظيمة.
4) تجنب تناول الشاي والقهوة والبيبسي والكولا والشكولاتة بعد الساعة السادسة مساء.
5) جرب أن تتوضأ وتصلي ركعتين قبل النوم.

هذه إرشادات بسيطة أيضا ذات قيمة وفائدة كبيرة، علما بأن عقار سيرترالين أيضا يحسن النوم، فإن شاء الله تجد الفائدة من كل ما ذكرناه لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات