السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتوجه إليكم بعد الله لمساعدتي. ولكن القصة طويلة جدا.
قبل عدة سنوات تعرفت على شاب، ويشهد الله أنها مجرد صداقة، وبعد ثلاث أو أربع سنوات تقريبا فاجأني بأنه يرغب بالزواج بي، في البداية لم آخذ الأمر على محمل الجدية.
وللعلم والديه مطلقان، وخالته من قامت بتربيته، وتحدث معها في الأمر، وبالطبع يجب عليه إخبار والديه، والوالد لم يعارض، وفي تلك الفترة كان على خلاف مع والدته، فقالت له حرفيا: " أنت لست بولدي، ولا أنا أعرفك، ولا ترجع لهذا البيت"، وطردته.
نصحته بالاعتذار منها، ولم تتقبل منه، على الرغم من أنها هي المخطئة، (ولاحظت بأنها تحاول الانتقام من والده على حسابه)، ولكن بمجرد أنها علمت من أنه يريدني - سبحان الله - تذكرت بأنه ابنها، وقالت له ابنة خالك أولى بك، وهو يعتبرها أختا له، وبعد مدة تقابلت أنا ووالدتي مع خالته في إحدى المناسبات، وعلى الرغم من أنهما لا تعرفان بعضهما، ولكن بمجرد علمها بوجود والدتي سألت عنها، وسلمت عليها، وما إلى ذلك، وعلمت أنها أخذت رقمها من إحدى الصديقات (حيث أنه كان في أمريكا تلك الأثناء)، وقبل عودته من السفر تحدث معها- والدته- في موضوع الخطبة والملكة، فكان ردها: "إن شاء الله كل شيء طيب فقط تعال - وبإذن الله - ما ترجع أمريكا إلا وأنت مملك"، أهلي على علم بالأمر، وقد استخرنا الله، وما زلنا نستخير - والحمد لله - الجميع يشعر بالرضى (الأسرتين).
عاد من السفر قبل شهرين، وللآن لم يحدث شيء، وحالته النفسية والصحية كل يوم إلى الأسوء، وأعتقد بأن والدته غيرت رأيها بعد عودته، وبالصدفة قرأت على صفحته على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي:
" ?if u have bad bad bad news for someone u care about how would u tell him"
لم آخذ الامر على انه شخصي و علقت
no matter how hard it is I'm gonna tell cuz I really care.
بعدها بيوم أو يومين استلمت رسالة نصية، وأرجو المعذرة لأنه يجب أن أنقلها حرفيا إذا أردت المساعدة فعلا، أهم جزئية منها " حبيبي في نفس الوقت أحس كل شي في الدنيا دي قالب ضدي ونفسيتي زي الزفت، وفي حاجة أبغي أقلك هي بس لو اتصلت وقلتها لن تفهمي شي لأني سأبكي يا حبيبي. أنتي اللي علمتيني أكون صريح معاك في كل حاجة بس برضو خائف"
وبصراحة لم أحاول الاتصال به أو مراسلته بأي طريقة طوال تلك المدة، حصل الأمر قبل 6 أيام، وكل ما فعلته أني حثثته على كثرة الاستغفار، وبصراحة لم أتصور أني متعلقة به إلى هذا الحد، لأنني حاولت ألا أفعل.
حاولت أن أشغل نفسي بأمور أخرى عدا عن الصلاة والاستغفار، ولكن المشكلة أنه بدأت تنتابني نوبات بكاء وقلق، وكلما شعرت بأنني قادرة على تجاوز الأمر، وأعتقد أن الصدمة جراء تصرف والدته هي ما حطم النفسيات، وكما ذكرت سابقا الجميع - ولله الحمد – جميعهم موافقين، باستثناء الوالدة، أشعر بأنها تكرهني بلا سبب.
فهل يمكن إقناعها بأي طريقة؟ وهل إدخال الوساطات سيزيد المشكلة؟ والأهم كيف أتجاوز الأمر؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دوللي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك، ونشكر لك حسن العرض للمشكلة، ونسأل الله أن يسهل أمرك، ويسعدنا أن نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يقدر لكما الخير حيث كان ثم يرضيكما به، وأرجو أن تتفهموا هذا الوضع، فإن الأم في مثل هذه الأحوال - بكل أسف - تعاند الأب، وتتخذ الاتجاه المضاد له، ويظهر ذلك في الانتقام من الأبناء – بكل أسف - في حياتهم، فالأمر يحتاج منك إلى صبر، ويحتاج من الشاب إلى صبر، والصبر مر كالعلقم، ولكن العاقبة للصابرين، ولذلك فالأمر يحتاج إلى صبر، ويحتاج إلى مؤازرة، ويحتاج إلى اتخاذ مداخل أخرى مختلفة، حتى يقنع هذه الوالدة الرافضة لهذه العلاقة، ولا أظن أن ذلك صعب، ولكن يحتاج منك إلى صبر، ويحتاج منه إلى أن يدخل الوساطة، وأن يكون هو المبادر، وحبذا لو تواصل معنا حتى يسمع النصيحة المباشرة، وحتى يعرض مشكلته، حتى يعرض المسألة بطريقة شاملة وكاملة.
ولست أدري ما هو رأي الخالة، فإن لها دورا كبيرا طالما كانت هي التي ربته، ولها تأثير على أختها، وتأثير على الشاب كذلك، ثم ما هو رأي أسرتك؟ وما الدور الذي يستطيعون القيام به؟
وعلى كل حال: فالمسألة تحتاج إلى دعاء، وتحتاج منكم إلى صبر، وتحتاج منكم إلى إعادة ترتيب الأوراق والأمور، وإذا وجد الحب والرغبة الحقيقية، فإن هذه العلاقة يمكن أن تكتمل، فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح، ولكن عليه ألا يستسلم للإحباطات والصعاب التي تواجهه.
نحن نوصيه بأن يحسن إلى الوالدة، ويحترم الوالدة، ويجتهد في برها، ولكن ليس من الضروري، ولا يعد عاقا إذا لم توافق الوالدة على ما ذهبت إليه، فإن مسألة الزواج فالشريعة تتركها للفتى والفتاة، ولا تبيح لأحد أن يتدخل إلا إذا كان هناك خطر، إلا ذهبت الفتاة إلى إنسان غير مناسب: كأن يكون سكيرا، أو نحو ذلك، أو ذهب الشاب إلى فتاة أيضا لا قيم لها ولا أخلاق، عند ذلك يمكن أن تتدخل الأسرة، أما إذا كان الاختيار جيدا، فإن الأسرة ما دورها إلا إرشاد وتوجيه، ولا يستطيع الأب فضلا عن الأم أن تجبر ولدها على فتاة لا يريدها، ولا يستطيعوا أن يمنعوه من فتاة رغب فيها ومال إليها، ولا يستطيع الأب من الناحية الشرعية أن يمنع ابنته من رجل صاحب دين وأخلاق طرق الباب، وقابل أهلها الأحباب، ورضيته لنفسها، وهذا معنى نتمنى أن يكون واضحا للآباء والأمهات.
ونحن قد نحسن أن نختار لأبنائنا وبناتنا هدية أو ثوب، ولكن لن ننجح في اختيار – غالبا – من يسعدهم في هذه الحياة، ولذلك ينبغي أن يترك هذا الأمر للفتى والفتاة، أن يترك لهم هذا الأمر برمته، لأن الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
نسأل الله أن يقدر لكم الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يخرجكم من هذه الأزمة، ونوصيك بكثرة التوجه إلى الله، وعليه كذلك أن يكثر من الاستغفار واللجوء إليه، ولا يستسلم لمثل هذه المواقف، فإنها - إن شاء الله -ستمضي، وعليه أن يكون ناصحا لأمه، حريصا على برها، ولكن مع ذلك يكون حريصا على مصلحته، ولا يجامل في مثل هذه الأمور، لأن مشوار الحياة طويل.
نسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، وأن يلهمكما السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.