يراودني شعور بأنني لا أريد التكلم كثيراً.. فهل هذا رهاب اجتماعي؟

0 371

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في الأول أحب أن أبدي إعجابي بهذا الصرح العظيم وبمستشاريه العظام،،، وبعد:
أنا شاب عمري 17 سنة، محبوب جدا من أصدقائي ومن أقاربي وجيراني، ومعروف عني أني -والحمد لله- مرح جدا، وأصدقائي يعتمدون علي في إدخال البهجة والسرور عليهم، لما وهبني الله من خفة دم والحمد لله.

لكن يراودني هذه الأيام شعور بأنني لا أريد التكلم كثيرا، وأميل للانعزال قليلا، وأنني إن تكلمت مع أحد لن أقدر على إبداء رأي وفتح مواضيع معه، مثل التعرفة بنفسي وبشخصي وبقدراتي التي وهبني الله إياها.

جاءني الشك بأنه خجل، ولكن لا يوجد -والحمد الله- أي من أعراض الخجل والرهاب الاجتماعي: كاحمرار الوجه وارتعاش اليدين والقدمين والتلعثم في الكلام، والإحساس بأن الجميع ينظرون إلي، وخوف عندما أعلم أنني على وشك الذهاب إلى مناسبة، وأعراض أخرى، كعدم القدرة على النظر في عيون الناس أثناء التحدث معهم.

أنا الحمد لله تعالى أعرف أعمل أي شيء كالذهاب إلى المسجد، والصلاة في الصفوف الأولى دون أي خجل أو حتى الشعور بأن أحدا ينظر إلي, ولكني في الأول أحس بارتجاف في الرأس بسيط، ولكنني لا ألفت انتباهي لهذا، وأكمل طبيعيا، وأحس براحة واطمئنان.

كذلك أستطيع السير في الشارع بثقة في النفس عالية، والحمد لله لا أرهب التجمعات، ولكن في مشكلة يسيرة، وأيضا لا ألفت إليها انتباهي، وأحتقرها وهي: أنني أشعر بخجل شديد عند التكلم مع أي فتاة، وأرتجف ولا أستطيع مواصلة الكلام معها، وخصوصا أنه –والله- في بنات كثير تجيء تكلمني وتبدي إعجابها بشيء، وأنا -والحمد لله- ألفت نظر بنات كثير، وأحذر كثيرا، خصوصا وأنا أمشي في الشارع، ويمكن الخجل الشديد من البنات؛ يجعلني أتجنب الذهاب لبعض أقاربي، خصوصا أن أغلب أقاربي بنات، لا أعرف لماذا الخجل الزائد مع البنات، والشعور البحت لدي.

أتمنى من الله التوفيق لكل العاملين في هذا الصرح العظيم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد كمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد أجدت وصف حالتك، وأنا أقول لك بالفعل لديك درجة بسيطة من الرهاب الاجتماعي، نعم الصورة التي وصفتها ليست صورة مثالية – أي مطابقة – لما نشاهده فيما يعرف بالرهاب الاجتماعي الكلاسيكي، أي أن الشخص يحس بالخوف عند المواجهات، خاصة إذا قابل شخصا من أصحاب المناصب وشيئا من هذا القبيل.

ربما تجد الإنسان يضطرب وتظهر لديه الأعراض الفسيولوجية مثل تسارع ضربات القلب، والشعور بضيق النفس في بعض الأحيان، وربما التعرق والشعور بالتلعثم واحمرار في الوجه لدى البعض.

الصورة التي وصفتها هي درجة بسيطة جدا من الرهاب، وليس من الضروري كما ذكرت لك أن تتواجد كل الآثار الفسيولوجية المعروفة.

يظهر أنك دخلت في عسر مزاج بسيط جدا، حيث إن موضوع الانعزال من الناس، وبدأ لديك التحسس حين ينظر إليك الآخرين، وفي ذاك الوقت أصبح لديك شيء مما يمكن أن نسميه بسوء التأويل، أي أنك تتخير مواقف معينة دون إرادتك لتحس فيها أنك غير مطمئن من الناس، وهذا أيضا جزء من القلق العام، والرهاب الاجتماعي هو أصلا قلق، وأعتقد أن حالتك إن شاء الله بسيطة.

في موضوع التحدث مع البنات ومواجهة البنات: أعتقد أنك يجب أن تكون أكثر ثقة في نفسك، لا شيء ينقصك، لكن تواصلك مع البنات يجب أن يكون حسب الضوابط الشرعية، هنا تحس بالطمأنينة وتحس أنك لست أضعف من الآخرين، ذكرا كان أو أنثى، والعلم بالضوابط الشرعية في التعامل مع غير المحارم من النساء مهم وضروري جدا، فأرجو أن تلتزم بذلك، وهذا سوف يساعدك في هذا السياق إن شاء الله تعالى.

إذن عليك أن تحقر فكرة الخوف، عليك أن تكثر من المواجهات، خاصة أنت لديك الحمد لله تعالى شخصية محبوبة وفعالة، وهذه السمات وهذه الصفات وهذه السجايا التي تتمتع بها لازالت موجودة، لم تذهب إلى أي مكان، فقط خوفك الظاهري جعلك لا تستفيد منها، وأنا أقول لك إنك ما زلت محبوبا لدى الآخرين، وما زلت لديك الطاقات النفسية والدوافع الاجتماعية والمهارات التي تجعلك تتواصل.

إذن الحالة من وجهة نظري هي حالة عرضية جدا، لا تستحق أبدا أكثر من أن تواجه وتحقر فكرة الخوف، وهنالك نوع من المواجهات الجماعية الطيبة جدا، مثلا أن تمارس رياضة مع أصدقائك، هذا فيه خير كثير جدا، أن تقترح عليهم الخروج في رحلات من وقت لآخر، أن تدرسوا مع بعضكم البعض، أن تفكر في أن تحضر بعض الدروس في المسجد، أو إذا كانت هنالك حلقة قرآن تنضم لها.

هذه كلها تفاعلات اجتماعية فعالة جدا، ومشاركتك فيها سوف تطمئنك لأنها تتميز بالجماعية، وتتميز بأن الإنسان يلتقي بأناس أتقياء وطيبين ويطمئن لهم.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وليس هنالك أكثر من ذلك، وأنت لست بحاجة لعلاج دوائي.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات