كيف أصبر على فقدان عزيز علي بوفاته؟

0 850

السؤال

كيف أصبر على فقدان عزيز علي بوفاته، وكيف أقوي إيماني لأتحمل هذا الابتلاء؟ علما أنني -الحمد لله- إلى الآن لم أفقد ولكن أنا خائفة، وكذلك أحب ربنا ولا أريد بفقدان عزيز علي أن أغضب ربنا بكثر قهري وحزني عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك التواصل مع موقعك، ونشكر لك هذا السؤال الهام، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يقدر لك الخير، وأن يرزقك الثبات، وأن يجعلنا وإياك ممن إذا ابتلوا صبروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا أذنبوا استغفروا، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وقد أسعدني وأعجبني هذا السؤال، واعلمي أن هذه الدنيا جراح وأفراح، وأن الإنسان ينبغي أن يصبر ويحتسب عند الله -تبارك وتعالى-، ومن السنة عندما نفقد عزيزا أن نتذكر مصابنا بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فإنها أعظم مصيبة، مصيبة هذه الأمة موت النبي -عليه صلوات الله وسلامه- وما من إنسان يفكر بهذه الطريقة إلا هانت عليه المصيبة -بل المصائب التي تقع عليه- لما يتذكر أن الموت كتبه الله حتى على أشرف من مشي على وجه هذه الأرض، بل قال له العظيم: {إنك ميت وإنهم ميتون}.

كذلك ينبغي أن تعلمي أن الصبر أجره عظيم، وثوابه عند الله مفتوح، {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، وأن الصبر هو حبس النفس على ما تكره، وأن الصبر المأجور عليه صاحبه هو الذي يكون عند الصدمة الأولى، لأن مصير الإنسان أن يصبر في النهاية، وإلا فعليه أن يضرب رأسه في الجدار حتى يتكسر ذلك الرأس الذي لا يرضى بقضاء الله تعالى وقدره، فإن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدا ابتلاه، فمن رضي فله الرضا وأمر الله نافذ، ومن سخط فعليه السخط وأمر الله نافذ، وأحسب أن هذا هو الذي دفعك للسؤال.

وعليك أن تتذكري أن أمر المؤمن كله له خير، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، فأعظمي بها من نعمة، واجتهدي في التوجه إلى الله -تبارك وتعالى-، واعلمي أن العلم بالتعلم، ومن يتصبر يصبره الله، والإنسان إذا أصيب في عزيز عليه فلا مانع من أن يبكي بعينه ويحزن بقلبه، ولكن النواح والعواء والصياح اعتراض على قضاء الله، وشق الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية هو عدم الصبر على قضاء الله، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية)، فالمؤمن عليه أن يصبر ويحتسب الأجر والثواب من الله -تبارك وتعالى-.

نسأل الله -تبارك وتعالى- ألا يريك مكروه، وأن يرزقك الثبات والصبر، واجعلي قدوتك أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بل الأنبياء الذين هم أكرم الخلق على الله، ومع ذلك ابتلاهم الله، فيبتلى المرء على قدر دينه، وأكثر الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم الأمثل فالأمثل، والصبر ثوابه عظيم عند الله -تبارك وتعالى-، فاعلمي أنك وإخوانك وأعزاءك كلهم عبيد لله -تبارك وتعالى- المتصرف في هذه الأكوان، ونسأل الله أن يقدر لك ولهم الخير، وأن يطيل عمرك وأعمارهم في طاعته، وأن يلهمنا جميعا السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

واعلمي أن المؤمنة تصبر وتحتسب إذا حصل البلاء، وترضى بقسمة الله وبقضائه وقدره، وهذا في حد ذاته باب للسعادة، وقدوتنا النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي علمنا أن نقول عند البلاء (إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى) هذا قاله لما مات ابن ابنته فاطمة -رضي الله عنها وأرضاها- وهو الذي قال -عليه الصلاة والسلام- لما مات ولده إبراهيم الذي جاءه في آخر عمره بعد طول شوق وانتظار: (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون) فليسعنا ما وسع النبي، ونتخذ رسولنا قدوة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

نسأل الله -تبارك وتعالى- ألا يريك مكروه في عزيز، وأن يلهمنا جميعا الصبر والسداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات