السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب أعاني من الثعلبة الشاملة منذ سن العاشرة، حيث كانت عندي بقع صغيرة، ولكن عندما ذهبت إلى الطبيب وصف لي حقن كورتيون ديبروفوس، حقنة كل أسبوع، انتفخ وجهي وازداد وزني بشكل كبير، مما جعلني أترك الدواء، فطهرت الثعلبة الشاملة، ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني من الثعلبة الشاملة، لكن قبل ثلاث سنوات من الآن أتعالج عند طبيب ثقة، فأعطاني نفس الحقنة كل 15 يوما، حتى نمى الشعر كله، ثم كل 17 يوما، ثم كل 20يوما، أما الآن يتم تخفيضها تدريجيا، حقنة كل (15 - 17 - 19 - 21 - 25 - 30 - 35) يوما، أود أن أستفسر ما الفائدة من تخفيضها والشعر لم ينم كليا؟ وهل يتطلب العلاج كل هذا الوقت؟
أما مشكلتي الثانية فهي قصر القامة (1.62م) ولا تبدو علي ملامح إنسان بالغ، أبدو كأني في سن الـ 14 وبلغت في سن الـ 15، رغم أن عائلتي كلهم طوال، فأخي عمره 17 سنة طوله (1.85م) وأختي أطول مني قليلا، ولا يوجد من العائلة من له نفس قامتي، وكنت منذ الصغر أقصر من أقراني، لكن ليس لسبب مرضي، مع ملاحظة أن ابي كان قصيرا مثلي لكن في سن الـ 19 ازداد نموه فجأة، فهل هذا راجع إلى الكورتيزون؟ وهل يمكنني استعادة قامتي؟ وبماذا تنصحونني؟ وفقكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
هناك أسباب عديدة ومتنوعة لحدوث الثعلبة الشاملة، ولكن أهمها في هذا المقام هو العامل المناعي، وهذه عملية معقدة يطول شرحها، ولكن للتوضيح فإن العامل المناعي يهاجم خلايا بصيلات الشعر، ويحد من نشاطها وعملها، وبما أن من الوظائف الكثيرة الهامة لعقار الكورتيزون هو الحد من تأثير العامل المناعي في الدم، فقد تم وصفه لعلاج الثعلبة لديك.
سؤالك يتركز حول لماذا يتم تدرج التخفيض كل هذه المدة الطويلة في إعطاء الكورتيزون بعد أن تم الشفاء -والحمد لله- ولتوضيح الفكرة لهذا السؤال المهم بصورة مبسطة ومختصرة: الكورتيزون هو هرمون طبيعي يفرز من غدتين في الجسم تسمى (الغدتين فوق الكليتين) أو الغدد الكظرية، وله وظائف هامة وحيوية، مثل تنظيم استخدام الغذاء المهضوم، وتساعد الجسم على التكيف مع الإجهاد، وعشرات الوظائف الأخرى الضرورية للحياة، وتتحكم في مقدار إفراز هرمون الكورتيزون إلى الجسم الغدة النخامية في المخ (الغدة المسيطرة أو المايسترو) كما تسمى في كتب الطب، وتفرز الغدة فوق الكلية في الظروف الطبيعية الكمية التي يحتاجها الجسم فقط، دون زيادة أو نقصان.
وعندما نقوم بإدخال الكورتيزون من خارج الجسم لغرض العلاج مثلا تزيد نسبته في الدم، مما يحفز الغدة النخامية لإصدار الإشارات إلى الغدة فوق الكلية بالتوقف عن إفراز الكورتيزون الطبيعي منها -سبحان الله العظيم خالق كل شيء ومبدعه، وكل شيء عنده بمقدار- وبذلك يعتمد الجسم في عملياته الحيوية على الكورتيزون الخارجي، وعندما تنتهي فترة العلاج بالكورتيزون فإن التوقف عن استعماله من الخارج لابد أن يتم بالتدرج لإعطاء الفرصة للغدة النخامية في المخ أن تعيد إصدار الإشارات إلى الغدة فوق الكلية لتعاود نشاطها التدريجي في إفراز الكورتيزون الطبيعي؛ لأن توقف الدواء الخارجى مرة واحدة يجعل الجسم نفسه في حالة خلل شديدة، نتيجة لمحاولة إرجاع نظامه للمعدل البسيط الذي كان يعتاد عليه الجسم قبل أخذ الدواء، وإن لم يتم ذلك فإنه يؤدي إلى اضطراب في جميع الوظائف الحيوية في الجسم، كالقلب والرئتين، والحالة النفسية والمزاجية، ولذلك يتم التدرج البطيء في إيقاف كورتيزون المعطى من الخارج.
بالنسبة لسؤالك الآخر عن قصر قامتك: فإن الطول والقصر هذه تعد من الصفات الوراثية للشخص، وقد أشرت إلى أن والدك كان قصيرا في مرحلة من مراحل عمره، ولكن هناك معلومة مهمة تخص علاقة قصر القامة مع الكورتيزون،
وخاصة أنك استعملت حقن الكورتيزون في سن العاشرة، أي قبل البلوغ، وللعلم فإن الفترة التي يتطور فيها الطول الطبيعي للطفل هي من السنة الثالثة إلى السنة الثالثة عشرة، فالثابت علميا أن عقار الكورتيزون عندما يعطى بجرعة كبيرة نسبيا -مثل الحقن في فترة ما قبل البلوغ- قد يؤثر على عمليات النمو لدى الطفل لأسباب يطول شرحها.
أسأل لك الله الصحة والعافية.